رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أوراق السادات".. وثائق الساعات الأخيرة قبل توقيع معاهدة السلام

جريدة الدستور

قال عبدالمجيد صقر، محافظ السويس، إن المحافظة ستنتهى منتصف مايو المقبل من جميع الاستعدادات الخاصة باستضافة مصر منافسات بطولة كأس الأمم الإفريقية ٢٠١٩، المقرر انطلاقها أواخر يونيو المقبل، وستتم إقامة فعاليات تجريبية فى المنشآت الرياضية استعدادًا لها.
وأوضح «صقر»- خلال تفقده استاد السويس الرياضى، أمس، يرافقه رئيس جامعة السويس الدكتور السيد الشرقاوى- أنه بالتعاون مع الجامعة سيتم تجميل المحافظة ورسم اللوحات الفنية فى المناطق التى ستشهد تواجدًا جماهيريًا من ضيوف البطولة بمشاركة طلاب وطالبات كلية التربية بالجامعة.

القاهرة تتحفظ على توقيع مذكرة تفاهم ثنائية بين واشنطن وتل أبيب
رغم الاستعدادات الأمريكية المكثفة، شهد يوم ٢٥ مارس، أى قبل ٢٤ ساعة من توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، اعتراضًا من الجانب المصرى على بعض البنود التى اقترحها الأمريكيون لتضمينها فى المعاهدة. وتضمنت إحدى الوثائق نص رسالة من الدكتور مصطفى خليل، رئيس الوزراء المصرى وقتها، إلى سايروس فانس، وزير الخارجية الأمريكى فى إدارة «كارتر»، شدد فيها على أن مصر تعترض على مذكرة خاصة موقعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، تتحول فيها واشنطن إلى «حَكم» بين الطرفين، بدلًا من كونها شريكًا كاملًا فى المعاهدة، وهو ما عدته القاهرة خروجًا على الإطار المقبول.
وقال رئيس الوزراء المصرى فى رسالته: «عزيزى فانس.. لقد فوجئنا اليوم بمذكرة الاتفاق المقترحة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما يتعلق بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ونحن لم نتشاور قط بشأن مضمون المذكرة المقترحة، التى تؤثر بشكل مباشر على موقفنا فيما يتعلق بتنفيذ المعاهدة».
وأضاف: «يعد محتوى مشروع المذكرة مصدر قلق بالغ لحكومة مصر، وموقفًا حرجًا فى عملية صنع السلام، ويتعارض مع الفقرة ٢، التى تنص على أن تتعهد الأطراف بالوفاء بحسن نية بالتزاماتها بموجب المعاهدة».
وواصل: «أثق فى أنك توافق على أن هذا التعريف الجديد لدور الولايات المتحدة يشكل خروجًا عن فهمنا لذلك الدور، كشريك كامل، وليس كحَكم، كما أنه يشكل تشويهًا لهذا الدور فى نظر الآخرين».
وقال: «لقد حددت الولايات المتحدة لنفسها دور الحَكم فى تقرير وجود انتهاك أو تهديد بانتهاك المعاهدة، وأود أن أشير إلى أن المعاهدة تنص على تسوية المنازعات الإجرائية المنصوص عليها فى المادة السابعة، وأن هذا الحق المتساوى فى اللجوء إلى الإجراء المحدد فى المعاهدة يضمن الحفاظ على رصيد الالتزامات المقابلة، وبالتالى تشكل المذكرة المقترحة حُكمًَا مسبقًا على نتائج النزاعات المستقبلية».
وأشار فى رسالته إلى تحفظه على محاولات إسرائيل العبث بمضمون المعاهدة بقوله: «لقد تعهدت أمريكا لإسرائيل باتخاذ هذه التدابير العلاجية وتقديم الدعم المناسب للإجراءات التى تتخذها إسرائيل ردًا على انتهاكات المعاهدة، وإننا نعتبر هذا الالتزام خطيرًا للغاية، لأنه يلزم الولايات المتحدة بالموافقة على الإجراءات التى تتخذها إسرائيل، مهما كانت تعسفية، بذريعة وقوع بعض الانتهاكات».
وأكد: «نعارض أى محاولة للعبث بمواقف أطراف المعاهدة من خلال التأكيد على أمن إسرائيل مع تجاهل واضح للعناصر المتعددة الموجودة فى المعاهدة، ونحن نعارض بالمثل محاولة التشديد على بعض الحقوق الخاصة بالملاحة والتحليق، مع الإلغاء التام لحقوق الطرف الآخر».
وحول ما تضمنته المذكرة من التزام أمريكى من الدفاع عن إسرائيل، قال رئيس الوزراء المصرى: «يشير مشروع المذكرة أيضًا إلى الإجراء الذى ستتخذه الولايات المتحدة فى حالة وقوع هجوم مسلح على إسرائيل، ونحن نعتبر هذا المفهوم غير مناسب، لأنه يأتى مع توقيع معاهدة السلام». واختتم بقوله: «تكرر حكومة مصر التأكيد على أن مفهوم المذكرة المقترحة واتجاهها يضران بعملية السلام، وغنى عن القول إن مصر لا تعتبر نفسها ملزمة بهذه المذكرة أو بأى التزامات أخرى ليست طرفًا فيها، أو لم يتم التشاور معها بشأنها».

مصطفى خليل يرفض الالتزام بأى اتفاقيات جانبية.. ويعلن: «لا نعترف بشرعيتها»
شهد يوم توقيع معاهدة السلام، فى ٢٦ مارس ١٩٧٩، استمرار التحفظات المصرية حول وجود مذكرات تفاهم ثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل خارج إطار المعاهدة، تلتزم فيها واشنطن بالوقوف إلى جانب تل أبيب فى أى خلاف مستقبلى. وكرر رئيس الوزراء المصرى موقف مصر الرافض لقبول أى التزام يترتب على مثل هذه الاتفاقيات، التى اعتبرتها القاهرة مهددة لمسار السلام بأكمله.
وكشف الوثائق الأمريكية عن أن يوم توقيع الاتفاقية شهد إرسال رسالة جديدة من رئيس الوزراء المصرى إلى وزير الخارجية الأمريكى، جاء فيها: «عزيزى فانس.. وفقًا لرسالة الأمس المتعلقة بمذكرة الاتفاق المقترحة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أود أن أبلغكم بما يلى: فى حين لا تعارض مصر حق حكومة الولايات المتحدة، أو أى حكومة أخرى، فى اتخاذ القرارات التى تراها متوافقة مع سياستها الخارجية، فإن الحكومة المصرية تحتفظ بحقها فى عدم قبول أى قرار أو إجراء تعتبره موجهًا ضد مصر».
وأضافت الرسالة: «أود أن أذكر بأن محتويات المذكرة المقترحة سيكون لها تأثير مباشر على معاهدة السلام، ومن المؤكد أنك تدرك رغبة مصر القوية فى تعزيز العلاقات الودية بين بلدينا، وكذلك إحلال السلام والاستقرار فى المنطقة بأسرها، وتعزيز ذلك من خلال التوصل إلى معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، كخطوة مهمة نحو تسوية شاملة للصراع فى الشرق الأوسط».
وتابع: «أريدك أن تعلم أننا شعرنا بخيبة أمل شديدة، حين وجدنا الولايات المتحدة تقبل قبول إبرام اتفاق، نعتبره موجهًا ضد مصر، والمذكرة لا تخدم أى غرض مفيد، بل على العكس من ذلك، فإن محتوياتها ومضمونها سيؤثران سلبًا على عملية السلام والاستقرار برمتها فى المنطقة».
وأوضح رئيس الوزراء المصرى فى رسالته الأسباب التى تجعل القاهرة ترفض مثل هذه الاتفاقيات الجانبية ومنها: «المذكرة تتعارض مع الروح الموجودة بين بلدينا، ولا تسهم فى تعزيز العلاقات بينهما، وأود أن أسجل أن مصر لم يتم التشاور معها قط بشأن جوهر المذكرة المقترحة».
وقال: «تستند محتويات المذكرة المقترحة إلى اتهامات شاملة ضد مصر وتنص على اتخاذ تدابير معينة ضدها، فى حال افتراض وجود انتهاكات، وتترك تحديدها بيد إسرائيل إلى حد كبير، ولقد شاركنا فى العملية النهائية للتفاوض على المعاهدة منذ أكثر من شهر، ومع ذلك، لم يتم إخطارنا بعزم الولايات المتحدة على الاتفاق على مثل هذه المذكرة، التى لم نعرف بها إلا قبل ٢٤ ساعة فقط من الاحتفال المقرر للتوقيع على المعاهدة».
وواصل: «من المفترض أن تكون الولايات المتحدة شريكًا فى جهد ثلاثى الأطراف لتحقيق السلام، وليس لدعم مزاعم أحد الطرفين ضد الآخر، وهذه المذكرة تفترض أن مصر هى الجهة المسئولة عن انتهاك التزاماتها، ويمكن تفسيرها على أنها تحالف نهائى بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضد مصر».
وتابع: «تعطى الولايات المتحدة بعض الحقوق التى لم يتم ذكرها أو التفاوض معنا، وتمنح الولايات المتحدة سلطة فرض تدابير، أو وضع تدابير عقابية صريحة، الأمر الذى يثير الشكوك حول العلاقات المستقبلية ويمكن أن يؤثر على الوضع فى المنطقة بأسرها».
وعبّرت مصر، فى رسالة رئيس وزرائها إلى وزير الخارجية الأمريكى، عن تخوفها من استخدام المذكرة الأمريكية الإسرائيلية لما سمته «مصطلحات غامضة»، مثل «تهديدات بالانتهاكات» أو «تدابير معينة»، معتبرة أن هذا يهدد بـ«عواقب وخيمة».
كما اعتبرت مصر أن ذلك يجعل جوانب معينة من العلاقات المصرية الأمريكية خاضعة لعناصر خارجية، وخاضعة لالتزامات الولايات المتحدة تجاه طرف ثالث، وأنها تعنى ضمنًا أن الولايات المتحدة قد وافقت على اتخاذ إسرائيل تدابير، بما فى ذلك التدابير العسكرية ضد مصر، على افتراض وجود انتهاكات أو تهديدات بانتهاك المعاهدة، وأنها أعطت لواشنطن الحق فى فرض وجود عسكرى فى المنطقة لأسباب متفق عليها بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وأكدت مصر فى نص الوثيقة أن «هذه مسألة لا يمكننا قبولها»، وأن المذكرة الثنائية تثير شكوكًا خطيرة حول النية الحقيقية للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بعملية السلام، ويمكن اتهامها بالتعاون مع إسرائيل لتهيئة مثل هذه الظروف التى من شأنها أن تؤدى إلى وجود عسكرى أمريكى فى المنطقة، الأمر الذى ستكون له آثار خطيرة على الاستقرار فى المنطقة بأسرها.
وتوقع رئيس الوزراء المصرى أن المذكرة «ستكون لها آثار سلبية فى مصر تجاه الولايات المتحدة، وستدفع بالتأكيد الدول العربية الأخرى إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد عملية السلام، وستعطى أسبابًا إضافية لعدم مشاركتها فى هذه العملية، وستمهد الطريق لتشكيل تحالفات أخرى فى المنطقة، لمواجهة تلك التى يمكن العثور على بذورها فى المذكرة المقترحة». وختم بقوله: «لكل هذه الأسباب، أبلغكم بموجب هذا أن حكومة مصر لن تعترف بشرعية المذكرة، وتعتبرها لاغية وباطلة، وليس لها أى تأثير على الإطلاق فيما يتعلق بمصر».

3 رسائل من كارتر لطمأنة المصريين.. وإحداها تحمل شكرًا لـ«السادات»
قبل ساعات من توقيع معاهدة السلام وظهور القادة فى ساحة البيت الأبيض وهم يبتسمون أمام الكاميرات، حاول الرئيس «كارتر» طمأنة الجانب المصرى الغاضب تجاه التفاهمات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب، وكذلك تجاه رفض إسرائيل القيام بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين.
وأبدى «كارتر» فى رسالة خاصة إلى الرئيس السادات، حملت تاريخ ٢٦ مارس ١٩٧٩، تفهمه تحفظات الجانب المصرى حول المذكرة الثنائية وما تضمنته من فكرة منح الولايات المتحدة لنفسها الحق فى اتخاذ تدابير عقابية.
وأكد للرئيس السادات أن الولايات المتحدة ملتزمة بنص معاهدة السلام المرتقب توقيعها بين الأطراف الثلاثة، مشيرًا إلى أن واشنطن اتخذت إجراءات خاصة تتعلق بطريقة صياغة الوثائق فى النصين العربى والعبرى، مثل كون النص العبرى من الوثيقة سيحمل مصطلح «خليج إيلات» بين قوسين، عقب عبارة «خليج العقبة». وقال للسادات فى ختام رسالته: «أقدر مساعدتكم لى لحل هذه المشكلة النهائية.. صديقك المخلص.. كارتر». كما أرسل «كارتر» رسالة أخرى إلى رئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى خليل بتاريخ ٢٦ مارس ١٩٧٩، بشأن الترتيبات السياسية والأمنية فى فلسطين، جاء فيها: «عزيزى رئيس الوزراء.. هذا سوف يهدئ مخاوفك، أكد لى رئيس الوزراء الإسرائيلى أنه لن تكون هناك قيود على حرية التعبير السياسى أو على أى أنشطة سياسية سلمية».
وأضاف: «أكد لى بيجن أنه لن تكون هناك قيود على حرية تنقل السكان، بما فى ذلك حرية السفر إلى الخارج، باستثناء الإجراءات الإدارية الروتينية المطلوبة عادة للسفر، وأوضح لى أنه فيما يتعلق بالأشخاص المحتجزين دون محاكمة، فإن القانون الذى يسمح بهذا الاحتجاز قد تم إلغاؤه، وأنه سيتم تطبيق مبادئ القانون الجديد فى الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أكد لى أن جميع عمليات الاعتقال سوف تخضع للإشراف والرقابة القضائية». واستطرد: «أكد لى بيجن أن السلطات الإسرائيلية ستواصل وستبذل قصارى جهدها لتوسيع برنامجها الحالى لإعادة لم شمل الأسر من خلال عودة النازحين منذ عام ١٩٦٧». وتابع: «أكد لى بيجن أنه عند توقيع معاهدة السلام والتصديق عليها، سيتعهد بالحصول على موافقة مجلس الوزراء على نقل مقر الحكومة العسكرية من مدينة غزة إلى موقع خارج المدينة، وأكد لى أيضًا أنه فى قطاع غزة لن تقوم قوات الدفاع الإسرائيلية، إلى أقصى حد ممكن، بمناورات عسكرية فى المناطق الحضرية والريفية المأهولة بالسكان».
وأخيرًا، أرسل «كارتر» رسالة خاصة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن فى نفس اليوم، جاء نصها: «عزيزى رئيس الوزراء.. على أساس مناقشاتى اليوم مع الرئيس السادات، أرفق ملخصًا لفهم نتائج تلك المناقشات».
وقال: «سوف تنسحب إسرائيل من جنوب سيناء، وتعيد إلى مصر ممارسة سيادتها على هذه المنطقة وعلى جميع حقول النفط المجاورة فى خليج السويس، قبل شهرين من إنهاء الانسحاب الإسرائيلى الكامل إلى العريش ورأس محمد».