رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤتمر "التعايش السلمي بين الأديان" بموسكو يقف دقيقة حدادا على أرواح ضحايا هجوم نيوزيلندا الإرهابي

جريدة الدستور

دعا المفتي ألبير كرغانوف، رئيس الجمعية الدينية لمسلمي روسيا وعضو الغرفة الاجتماعية لروسيا الاتحادية، المشاركين في المؤتمر العلمي-التطبيقي الدولي "سبل التعايش السلمي بين الأديان: دور العلماء والدبلوماسيين والمهتمين في تحقيقه" للوقوف دقيقة حدادا على أرواح هجوم نيوزيلندا الإرهابي، الذي وقع 15 مارس الجاري، وغيرهم من ضحايا النزاعات الدينية حول العالم.
وقال كرغانوف إن المؤتمر الذي تستضيفه العاصمة الروسية موسكو يستهدف مناقشة سبل التشارك والتعايش بين الأديان، ويكتسب أهميته من مشاركة منظمات دولية ومحلية من نحو 39 دولة تؤمن بأهمية الحوار وتقبل الآخر بما يصب في صالح الجنس البشري.
وأضاف أن ممثلي هذه المنظمات والجهات المختلفة أجمعوا على أهمية العمل من أجل تحقيق التعايش السلمي بين الأديان، موضحا أن التنسيق بين هذه المنظمات سيمكنها من الاضطلاع بدورها بشكل أفضل وأكثر فاعلية.
وأكد أن التفرق والتطرف يمثلان تحديا يهدد المجتمع الدولي بأسره، ولا ينبغي الاكتفاء بوضع الخطط لضمان تحقيق التعايش بين الأديان الذي بدوره سيقضي تماما على التفرق والتطرف، بل يجب أيضا وضع آليات لتنفيذ هذه الخطط على أرض الواقع.
وأشار كرغانوف إلى ضرورة التحاور بين الثقافات والحضارات والأديان مع احترام التقاليد المختلفة لكل مجتمع، مشيدا بوثيقة أبو ظبي التي وقَّعها شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، والتي تمثل استعدادًا أعلى الهيئات الدينية للتحاور ومحاربة التطرف ورفض الآخر.
بدوره، قال فيتالي سيوكوف، رئيس قسم السياسة الوطنية والعلاقات الداخلية بحكومة موسكو، إن موسكو عاصمة كبرى بها العديد من المنظمات الدينية وتفخر كغيرها من الأقاليم الروسية بتنوعها الديني والتعايش السلمي بين مواطنيها.
وأضاف أن روسيا لها تجربة فريدة في تحقيق التعايش السلمي بين الأديان ساهم فيها رجال السياسة والمواطنون على حد سواء، مؤكدا على أن تعاون رجال السياسة وعلماء الأديان هو أمر لا غنى عنه لإيجاد عالم أفضل خالي من الأفكار التطرف والعلاقات المتوترة والخوف من الآخر.
وتحدث سيرجي ستيباشين، رئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، قائلا إن العالم بعد الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار ظن أن الحروب انتهت ولن تعود، لكن العالم في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي أصابه الجنون، وهناك أعداد كبيرة من النزاعات والضحايا لم يشهدها العالم من قبل، موضحا أن فهم ما يحدث والتعرف على أسبابه هو مفتاح الحل.
وقال إنه تلقى دعوة من منظمة التعاون الإسلامي العام الماضي لزيارة المملكة العربية السعودية، ولمس من خلال هذه الزيارة أن رجال الدين الإسلامي والمسيحي يتشاركون وجهة نظر واحدة هي أن الإرهاب لا يجب أن يُنسَب إلى دين بعينه بأي حال من الأحوال، موضحا أن تنظيمات مثل داعش والقاعدة على سبيل المثال لا تمثل الإسلام ولا تعمل لنصرة الدين الإسلامي، ولكنها أدوات يستخدمها البعض لتمزيق الدول.
وأعرب ستيباشين عن اعتقاده بأن تدريس أسس الدين الصحيحة للإنسان منذ طفولته هو الحل لمواجهة التطرف والعنصرية، موضحا أن روسيا تؤمن بهذا الحل وتعمل على تنفيذه بشكل مستمر.
من جانبه، قال سيرجي جافريلوف، رئيس لجنة تنمية المجتمع المدني والمنظمات العامة والدينية بالدوما، إن الثقافة الروسية المبنية على التسامح والتعايش هي مصدر قوة للمشرع الروسي، مضيفا أن الدوما يعمل دوما على إقرار القوانين التي تضمن احترام الأديان وحرية ممارسة الشعائر الدينية وعدم تدنيس النصوص الدينية وإدراج التعايش بين الأديان في مناهج التعليم وحماية رجال الدين.
وأضاف جافريلوف أن اللجنة تعمل مع المنظمات الدينية المختلفة من أجل تحقيق السلام ووقف سباقات التسلح التي تنذر بالحرب، كما تهتم بتحسين أسلوب التخاطب والتعامل بين المذاهب والأديان المختلفة.
بدوره، قال فيتالي ناومكين، المدير العلمي لمعهد الاستشراق لدى أكاديمية العلوم الروسية، إنه من المؤسف أن الإرهاب حول العالم يتستر وراء الدين أو يحدث بذريعة دينية، موضحا أن الجماعات الإرهابية مثل "داعش" تضطهد المسيحيين في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، وفي مناطق أخرى من العالم نجد دولا أو أفراد أو جماعات تضطهد المسلمين.
وأضاف أن ظاهرة الإسلاموفوبيا بدأت عندما دعا الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش إلى "حرب ضد الإرهاب" وصور ما قام به الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق بأنه "حملة صليبية جديدة"، الأمر الذي عزز لدى الكثيرون فكرة ارتباط الإرهاب بالإسلام.
وأوضح أن التعاون بين المجتمع الأكاديمي ورجال الدين والسياسة أمر ضروري لتغيير الأفكار المغلوطة وتعزيز التسامح وسبل التعايش السلمي بين البشر على اختلاف دياناتهم، لافتا إلى أن هذا النهج كان له أثر إيجابي عند تطبيقه في روسيا.
وتحدث محمد عبد الستار، وزير الأوقاف السوري، عن الوضع في سوريا قائلا إنها تعرضت لأقوى الهجمات الإرهابية والتكفيرية في التاريخ على يد "داعش"، لكنها صمدت ولا تزال بفضل مساجدها وكنائسها التي تنشر المفاهيم الصحيحة للأديان في مواجهة التطرف والتكفير.
وأكد عبد الستار أن القاعدة وداعش لا تمثلان الإسلام مطلقا، فقد قتلوا علماء الدين الإسلامي في سوريا وخطفوا المطارنة ودمروا التاريخ السوري واعتدوا على المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
وأفاد بأن الأوقاف في سوريا تستعد لافتتاح مركز دولي لتدريب الأئمة على محاربة التطرف والإرهاب، موضحا أنه من المهم للغاية معرفة أسباب الإرهاب سواء كانت معتقدات مغلوطة أو أهداف سياسية خفية والتعامل معها من هذا المنطلق.
من جانبه، أكد رمضان عبد اللطيف، الممثل الدائم لروسيا الاتحادية لدى مجلس التعاون الإسلامي، الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية الروسية لتعزيز العلاقات مع دول العالم الإسلامي.
وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يؤمن بأهمية أن تكون العلاقات بين روسيا والدول الإسلامية علاقات قوية قائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة لصالح الشعب الروسي وشعوب دول منظمة التعاون الإسلامي.
وأشار إلى اعتقاده بأن الاهتمام بقضايا الثقافة والتعليم هو أساس الحل لمشكلات التطرف ومفتاح تحقيق التسامح والتكامل وقبول الآخر، لافتًا إلى أهمية دور المنظمات الدينية ودور العبادة في الارتقاء بالجانب الروحي للإنسان على النحو الذي يؤهله للتعامل مع الآخر بالود والمحبة اللازمين.