رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصر الأصحاء.. كيف تحمى الدولة الطلاب من 4 أمراض؟

جريدة الدستور

تولى الدولة اهتمامًا كبيرًا بأبنائها الطلاب فى بداية مراحلهم التعليمية الأولى، وتحرص على صحتهم انطلاقًا من الحكمة القائلة «العقل السليم فى الجسم السليم»، لذا قررت الحكومة، لأول مرة، استهداف التلاميذ بحملات عديدة، بالتعاون بين وزارتى التربية والتعليم والصحة.
وأطلقت الوزارتان حملات، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، للكشف على أمراض السمنة والتقزم والأنيميا وضعف الإبصار «نور حياة» إلى جانب التطعيم ضد الديدان المعوية، فيما لقيت تلك الحملات ترحيبًا كبيرًا من جانب أولياء الأمور والأطباء، الذين أكدوا أهميتها فى الوقاية من الأمراض، التى تصاحب الأطفال لمراحل عمرية متقدمة.
وتهدف الدولة من وراء تلك المبادرات إلى بناء جيل المستقبل علميًا وجسديًا، وحماية الأطفال المصابين من المضاعفات والأمراض الجانبية، التى من الممكن أن يعانى منها الطلاب وتجعلهم عرضة للتنمر فى بعض الأحيان.

أولياء الأمور يشيدون بالكشف عن السمنة والتقزم والأنيميا وضعف الإبصار
لقيت مبادرة «نور حياة» إشادة كبيرة من أولياء الأمور، حيث أكدوا أنها تساعد محدودى الدخل والفقراء والذين ليس باستطاعتهم علاج أبنائهم المرضى، مشيدين بخطوة الرئيس السيسى وسرعة الحكومة فى التنفيذ.
وقال محمد سعيد، والد «نور»، تلميذة بالصف الأول الابتدائى بمدرسة الفضالى التجريبية بالإسكندرية، إن ابنته تُعانى من ضعف نظر مع وجود مشاكل فى أسنانها،
وطالب بتنظيم مبادرة للكشف على «الأسنان» وتوفير العمليات اللازمة لبعض الحالات، مشيرًا إلى أن طفلته تعانى من مشاكل فى أسنانها وتحتاج إلى عملية، خاصة أن أسنانها تسبب لها إحراجًا وسط زميلاتها.
وذكر أن ابنته تعانى من مشاكل فى الرؤية داخل الفصل مع وجود كثافات عالية للطلاب تزيد معاناتها، موضحًا أن النظام الجديد لتنظيم المقاعد فى شكل مجموعات جعل مشكلة الرؤية أكثر صعوبة فعندما تريد النظر إلى السبورة يجب أن تلف برأسها لكى تشاهد ما يكتبه المدرس، لافتًا إلى أنه طالب المسئولين بالمدرسة بأن تجلس ابنته فى مقدمة الصفوف، لكنهم لم يستجيبوا له.
واختتم: «مصر تشهد تحسنًا ملحوظًا فى جميع المستويات، وتلك المبادرات تعود بالنفع على الطلاب، خاصة أن أولياء الأمور لا يمكنهم تحمل مصاريف العلاج».
من جهتها، قالت ولى أمر أحد التلاميذ بالصف الأول الابتدائى، مصاب بالسمنة المفرطة، إن نجلها كان يعانى من صعوبة الحركة، ما يعوقه عن اللعب مع زملائه فى المدرسة، الأمر الذى يجعله لا يشترك معهم فى اللعب، وخلق لديه حالة من العزلة، ما أثر على حالته النفسية، لكنها نفت تعرض ابنها للتنمر من جانب المدرسين أو زملائه.
وأشادت بالمبادرات، التى أعلن عنها الرئيس لعلاج بعض الأمراض، التى تُصيب الطلاب، مشددة على أن تلك المبادرات خطوة إيجابية، وسيكون لها تأثير قوى فى الحفاظ على صحة الأبناء ووقايتهم مبكرًا من الأمراض.
وقالت والدة جومانا طارق، طالبة بالصف الثالث الابتدائى بمدرسة الفضالى بالإسكندرية، إن ابنتها تعانى من مشاكل فى النظر، وتواجه العديد من الأزمات بسبب ضعف نظرها، من بينها أنها لا تتمكن من الرؤية الواضحة، لما تتم كتابته على سبورة الفصل.
وأشارت إلى أن نجلتها كانت تعانى أكثر لعدم قدرتها على الجلوس فى المقاعد الأمامية نتيجة للكثافة العالية، وقالت: «هذا العام أقنعنا المدرسة بنقلها لمقعد فى مقدمة الفصل بعد أن تأكدوا أن لديها مشكلات فى النظر».
وفيما يخص المبادرات، التى تم الإعلان عنها للكشف على طلاب المدارس رأت أنها «خطوة جيدة وسيستفيد منها كثير من الطلاب حتى وإن كان الطالب غير مصاب، فسيطمئن أكثر على صحته».

أطباء: اكتشاف الإصابة مبكرًا يرفع نسبة الشفاء
أثنى أطباء على المبادرة التى تستهدف الطلاب، مؤكدين أهميتها فى الكشف المبكر على أمراض من الممكن أن تُسبب مشاكل مستقبلية للتلاميذ، مشيرين إلى أن «سرعة العلاج تكون سببًا أساسيًا فى الشفاء».
وقال الدكتور محمد العدل، مدرس مساعد آلام الروماتيزم وآلام العمود الفقرى وعلاج السمنة والنحافة بجامعة الأزهر، إن الاصابة بالتقزم ترجع لعدة أسباب من بينها خلل فى الهرمونات «الغدة الدرقية» أو بعض الأمراض المزمنة، التى لها تأثير على الطول، مثل القلب والكلى والكبد، إلى جانب العوامل الوراثية.
وأضاف «العدل» أن مواجهة «التقزم» تكون عن طريق علاج الهرمونات أو المرض المزمن، الذى يؤثر على الطول، مشيرًا إلى أنه يُمكن العلاج من التقزم فى المراحل الأولى من اكتشاف المرض من خلال الفحص الدورى وتحاليل الهرمونات والأشعة.
وأشار إلى أن «السمنة» يُصاب بها الأطفال نتيجة التغذية الخطأ والإكثار من تناول الوجبات السريعة أو حصول الأطفال على كورتزون لعلاج بعض الأمراض إلى جانب الإصابة بالأورام، التى قد تسبب سمنة، لافتًا إلى أن من أسباب السمنة أيضا العوامل النفسية، التى تدفع الطفل للإكثار من تناول الطعام.
وقال «العدل» إن الإصابة ببعض هذه الأمراض تُفقد الطلاب ثقتهم فى أنفسهم وتجعل الطفل انطوائيًا يفضل العزلة عن الجميع، كما أن «السمنة والتقزم» يؤثران على المظهر الخارجى للشخص، إلى جانب أن بعض الهرمونات يسبب مشاكل فى المذاكرة، خاصة عندما يكون هناك اضطراب بالغدة الدرقية.
ووجه عدة نصائح لأولياء الأمور، من بينها ضرورة الاهتمام بالكشف الدورى على الطفل فى الوحدات الصحية، إلى جانب الحرص على إجراء تحليل بأخذ عينة من كعب القدم بعد الولادة، وإذا تلاحظ بأن طول الطفل غير مناسب بمقارنته بأقرانه وإخوته يتم التوجه للعيادات بسرعة وإجراء تحليل الغدد الصماء، ثم يتم إعداد نظام غذائى معين يتبعه الطفل إلى أن يُصبح سليمًا.
من جهتها، قالت رغدة السعيد، خبيرة لغة الجسد والتحليل النفسى، إن الطلاب الذين يعانون من «التقزم أو السمنة أو ضعف الإبصار» يشعرون بحرج، وبعضهم يتعرض للتنمر، مشيرة إلى أن معظم حالات الانتحار فى الولايات المتحدة سببها الطلاب الذين يعانون من السمنة أو النحافة أو ارتداء نظارات سميكة.
وطالبت أولياء الأمور بالحرص على عدم تمييز أبنائهم عن أقرانهم لأن ذلك يُعرضهم للتنمر، لافتة إلى أن «السمنة» مثلًا تحرم الأطفال من المشاركة فى الأنشطة المدرسية، ما يؤدى إلى إصابة الطالب بالتوحد أو الإحساس بالاضطهاد، محذرة من نظرة الشفقة أيضا، لأنها قد تنمى عند الأطفال الرغبة فى الانتقام.
واختتمت: «بعض الأهالى يرغبون فى أن يكون وزن أبنائهم زائدا، لأنهم يعتقدون أن ذلك يجعل مظهرهم أجمل فى الصغر، ولكن فى المرحلة الابتدائية لا يستطيعون السيطرة على أبنائهم، ويتحول الأمر إلى مرض يُعرضهم للتنمر، ولا بد من وجود حملات توعية بخطورة السمنة على الأطفال من الناحية الصحية، وحسهم على التعامل مع الحملات الطبية فى المدارس بشكلٍ إيجابى».

هالة زايد: المسح الطبى يستهدف 12 مليون تلميذ
قالت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، إن مبادرة الكشف والعلاج المبكر على طلاب المدارس الابتدائية من أمراض «السمنة والأنيميا والتقزم» يتم تنفيذها ضمن حملة «١٠٠ مليون صحة» بتكليف من الرئيس، مشيرة إلى أنه يتم تقدّيم خدمات متميزة للطلاب، من بينها قياس نسبة الهيموجلوبين بالدم للكشف المبكر عن الأنيميا وقياس الطول والوزن لتحديد مؤشر كتلة الجسم ومستوى السمنة والتقزم.
وأضافت «هالة» أن المسح الطبى يستهدف ١٢ مليون طالب فى أكثر من ٢٢ ألف مدرسة، لافتة إلى أن إجمالى عدد عيادات الربط فى المراحل الثلاث يصل إلى ٢٢٥ عيادة.
وأشارت إلى أن إجمالى عدد الفرق العاملة يصل إلى ٤٤٢٠ فريقًا، حيث يُجرى الفحص بموجب موافقة كتابية من ولى الأمر وشهادة ميلاد الطالب.
وطمأنت وزيرة الصحة أولياء الأمور بأن مَن تثبت إصابته من الطلاب يتم تحويله لعيادات التأمين الصحى فورًا لتلقى الخدمة الطبية بالمجان، مشددة على أن كافة الأجهزة والأدوات الطبية المُستخدمة على أعلى مستوى لضمان حماية صحة الطلاب.
من جهته، وجه الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، بتحويل اليوم المخصص للمسح الطبى فى المدارس إلى «يوم رياضى» لجذب أكبر عدد من الطلاب، وتخصيص موضوعات التعبير فى فترة تدريس اللغة العربية، للتأكيد على أهمية الوعى بأهداف المبادرة وتركيز خطة الأنشطة التربوية خلال فترة المسح لتتناول أهداف المبادرة وأهميتها. وقال: يتم حاليًا توفير مراكز العلاج فى المرحلة الثالثة، وحملات المسح لطلبة المدارس الثانوية مستمرة منذ بداية الترم الثانى بجميع فئاتها بمحافظات المرحلة الثانية الـ١١، إلى جانب محافظات المرحلة الأولى التسع.

4 مراحل لتنفيذ «نور حياة» بالتعاون بين «تحيا مصر» والقوات المسلحة وعدة جمعيات أهلية
«نور حياة» هى مبادرة أطلقها الرئيس للقضاء على مسببات العمى بين المواطنين والتلاميذ، على حد سواء، خاصة بعد أن كشفت البحوث التجريبية للمبادرة أن حالات ضعف وفقدان الإبصار فى مصر تُقدر بنحو ٥ ملايين مصاب، كما تمثل حالات ضعف الإبصار فى المدارس الابتدائية نسبة ٢٠٪ تقديريًا من إجمالى ١٠ ملايين تلميذ بتلك المرحلة.
وتعتقد وزارة الصحة أن ٨٠٪ من مشكلات ضعف الإبصار يُمكن تلافيها والوقاية منها إذا تم تشخيصها وعلاجها مبكرًا، لذلك يتم حاليًا تنفيذ المبادرة الرئاسية «نور حياة» عبر محورين أساسيين، هما القوافل الطبية للكشف الطبى على المواطنين، وحملات المدارس للكشف الطبى على تلاميذ المرحلة الابتدائية، مع وضع الأولوية لرعاية الفئات الأكثر احتياجًا بمختلف المحافظات.
وتعتمد القوافل الطبية، التى أطلقتها وزارة الصحة، على عدة عناصر أبرزها تجهيز ٢٠ مستشفى للعمليات، وإعداد أول نظام قواعد بيانات للقوافل الطبية بهدف الإحصاء الحيوى والديموغرافى لمشكلات ضعف الإبصار فى مصر.
كما يتم تنفيذ حملات المدارس الابتدائية على عدة عناصر، منها تجهيز ١٧ وحدة طبية متنقلة بالأجهزة الطبية المطلوبة لتنفيذ المسح الطبى بالمدارس، وتحديد ١٠٠ مدرسة بالمناطق الأكثر فقرًا بكل محافظة كأولوية للتنفيذ.
وتستهدف حملة المدارس- فى مرحلتها الأولى- إجراء المسح الطبى على ٥ ملايين تلميذ ابتدائى، وتسليم مليون نظارة طبية لتلاميذ ١٠ آلاف و٢٦٦ مدرسة ابتدائية فى المناطق الأكثر فقرًا، تم اكتشاف إصابتهم بمسببات العمى، فضلا عن إجراء ١٠ آلاف تدخل جراحى للأطفال.
ويتم تنفيذ المبادرة بدعم صندوق «تحيا مصر»، وبالتعاون مع القوات المسلحة، وبدعم فنى من منظمة الصحة العالمية، فضلا عن «مؤسسة الأورمان، والجمعية الشرعية، ومؤسسة صناع الخير وبنك الشفاء».
وكانت المرحلة الأولى من المبادرة قد انطلقت فى فبراير الماضى، وتم إجراء المسح الطبى على ١٤٧ ألف مواطن بمختلف محافظات الجمهورية، كما تم إجراء ٢٠ ألف عملية مياه بيضاء وزرقاء، فضلا عن الكشف الطبى على نحو ٦٦٠ ألف تلميذ بالمرحلة الابتدائية فى ١٠ محافظات، وتسليم ١٣٢ ألف نظارة طبية للتلاميذ المكتشف إصابتهم بضعف الإبصار خلال الكشف الطبى.
ومن المقرر أن تنطلق المرحلة الثانية من المبادرة العام المقبل ٢٠٢٠، وسيتم خلالها إجراء المسح الطبى على ٦٧٢ ألف مواطن فى ٢٧ محافظة، وإجراء ٦٢ ألف عملية جراحية، والكشف الطبى لنحو ٢.١ مليون تلميذ بالمرحلة الابتدائية فى ٢٢ محافظة.
أما المرحلة الثالثة فستكون فى عام ٢٠٢١، وسيتم خلالها إجراء المسح الطبى على ٦٧٢ ألف مواطن فى ٢٧ محافظة، ومن المتوقع إجراء ٦٢ ألف عملية جراحية.
كما سيتم الكشف الطبى على نحو ٢.٢٨ مليون تلميذ بالمرحلة الابتدائية، وتسليم ٤٥٦ ألف نظارة طبية للتلاميذ المكتشف إصابتهم بضعف الإبصار.
كما ستنطلق المرحلة الرابعة والأخيرة للحملة فى عام ٢٠٢٢، وتستمر لمدة ٦ أشهر، وسيتم إجراء المسح الطبى على ٦٧٢ ألف مواطن، ومن المتوقع إجراء نحو ٦٢ ألف عملية جراحية أيضا.