رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد سيد ريان يكتب: الشائعات الإلكترونية والأمن السيبراني المصري

جريدة الدستور

فى أكثر من لقاء وخطاب حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من خطورة الشائعات وتأثيرها على الأمن القومي المصري والعربي ، ولأن الموضوع شديد الأهمية والخطورة فلابد من مناقشته ووضع حلول واقعية وعملية لمواجهته.

فلم تقف الدول وفى مقدمتها العدو التاريخي والكيانات المتربصة بنا يتفرجون علي مايجري من تغير في أدوات الحوار والصراع الحديثة فدخلوا المجال بقوة وخاصة بعد أصبح الحديث بقوة عن ان الحروب الحالية هي حروب إلكترونية أو كما يسمونها حروب الفضاء الإلكتروني Cyber war.

وتعتبر الإشاعة الإلكترونية أحد أبرز وسائل إبتزاز الشخصيات العامة وحملات التشويه الموجهة ضد الأفراد أو الأفكار، وعادة ما تستخدم الإشاعة الإلكترونية لبث أفكار مغلوطة لخدمة اجهزة سياسية داخلية أو خارجية أو فئات إجتماعية مؤثرة ، وذلك في محاولة من مصدر الإشاعة لتشويه صورة من يشاع عنه الخبر أمام الرأي العام وتخويف الناس وترويعهم من أفكاره، أو نشر خبر مغلوط لزيادة حملات المعارضة ضد شخص أو مجموعة أشخاص.

وهناك أنواع عديدة للإشاعة الإلكترونية فمنها إشاعة الخوف والذعر ومنها إشاعة لسعي لنشر عقيدة معينة ومنها إشاعة الاستطلاع التي تسعى لرصد التأثيرات والردود وأشهرها إشاعة التضليل لانها ترتبط بنفسيات ودوافع فردية وجماعية متنوعة.

ويرتبط موضوع الشائعات الإلكترونية بنقطتين في غاية الاهمية والخطورة. الأولى هي موضوع السمعة الإلكترونية، فالسمعة موضوع مهم جداً لكل من يعمل بالعمل العام، وتزداد الخطورة على الإنترنت وخصوصاً في ظل الإشاعات الإلكترونية، ويجب أن نستخدم التطبيقات التي تساعدك في الحصول على ما يشير إلى إسمك على الإنترنت مثل خدمة إنذار الأخبار من جوجل كما يجب أن نراعي احتياطات الخصوصية داخل الصفحات علي المواقع الإجتماعية.

النقطة الثانية والأخيرة هي الصدام علي الشبكات الإجتماعية، فالدخول في صدام علي المواقع الإجتماعية أمر لا تحمد عواقبه خصوصاً ونحن أمام آليات عديدة للشحن ضد شخص معين وتعرضه للابتزاز من قبل بعض متابعيه وإحراجه أمام الأصدقاء والمعجبين، فلابد من تجنب الصدام بشتي الطرق، واستخدام إستراتيجيات تقوم علي سياسة ولباقة في الحوار، فلا شيء يختفي من الإنترنت وخصوصاً في ظل إمكانيات البرنت – سكرين ومعالجة الصور، وتزداد أهمية تلك الاحتياطات مع الصفحات العامة لمؤسسات أو أشخاص معروفة.

وقد تعرضت مصر فى الأونة الأخيرة لعشرات الألاف من الشائعات المغرضة التى تنال من أى عمل أو شخص أو كيان أو فكرة جديدة مما ساهم فى حدوث حالة كبيرة من عدم الإستقرار النفسي فى كثير فى المواقف الحاسمة التي تمر بها البلاد.

ولمواجهة ذلك لابد من اللجوء إلى إحتياطات (الأمن السيبراني) وهو مصطلح يقصد به مجموع الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به وسوء الاستغلال واستعادة المعلومات الإلكترونية ونظم الاتصالات والمعلومات التي تحتويها.

لقد أصبحت المواقع والتطبيقات الإلكترونية وأبرزها ( فيس بوك – تويتر – يوتيوب – انستجرام – سناب شات.. إلخ) بمثابة دول عظمى، وتخلق مواطنة عالمية وحوار ثقافات وأفكار مختلفة ومتجددة كل بضع ثوانٍ.

يعد موضوع أمن المعلومات من القضايا المهمة التي تشغل الجميع حتي الشخص الجالس وحيداً مع جهاز الكمبيوتر أو الجوال الخاص به، فالموضوع لا يمكن تركه لرجال السياسة والأمن وحدهم أو متخصصي تكنولوجيا المعلومات فقط، لابد من مشاركة ووعي كامل بالقضية.

ولا يمكن الإكتفاء في هذا الأمر بالحلول الإلكترونية فقط؛ فلابد من دراسة المشكلات الحياتية وسلوكيات الناس اليومية توضح الكثير من خبايا وأسرار التفكير البشري المعقد وتساعد على إنتشار الشائعات بصورة كبيرة، فأشكال الانفلات الاجتماعي كمشاهدة سائقين يكسرون إشارة المرور، أو موظفين فاسدين يعتمدون علي الرشوة والاحتيال، أو تصرفات رجال أمن يستغلون وظيفتهم لقهر المواطنين، كل تلك السلوكيات الخاطئة ناتجة من تفاعلات وأنماط مجتمعية خاطئة، ولابد من إيجاد حلول لها في إطار من التوافق الإجتماعي القائم، وفي المقابل فإن تنمية الأفكار الإبتكارية والسلوكيات الصحيحة مثل الحملات التطوعية و تطوير التعليم وتنشيط الإقتصاد او نشر الثقافة يساهم في زيادة التماسك الإجتماعي.

ولأن ما لايدرك جله لا يترك كله فإن وجود بعض الشوائب والأفكار غير الصالحة الموجودة علي بعض المنصات الإلكترونية لا يمكن اعتباره دليلاً ضد المجال كله، فمواقع التواصل الإجتماعي هي بمثابة تطور طبيعي للتقنيات التقليدية في التواصل والمشاركة والتي تفرض سنن الحياة والواقع والتكنولوجيا تطورها لتلائم وتواكب مجريات الحياة المعاصرة والسريعة والجديدة.