رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يعمل "مرصد الأزهر" على مكافحة الإرهاب؟

جريدة الدستور

د. طارق شعبان يكشف لـ« الدستور» طريقة التحرك وسبل ملاحقة التنظيمات إلكترونيًا

فيديوهات ٣٠ ثانية و«بث مباشر» على «فيسبوك» لدحر الأفكار المتطرفة.. واستخدام لغات متعددة

فعاليات فى مراكز الشباب والجامعات والمعاهد وإطلاق «المرصد فى محافظتك» للرد على الشبهات

قوافل فى المحافظات والجامعات لكشف افتراءات الإرهابيين وتوضيح الإسلام الوسطى

نخاطب العالم بأكثر من لغة لبيان طرق التكفيريين فى استقطاب الشباب والأطفال والنساء

يعد «مرصد مكافحة التطرف» عين مؤسسة الأزهر على العالم، ويده القوية لمحاربة التطرف، فمن خلال ١٢ لغة يرصد أهم الأفكار المتطرفة التى ينشرها المنتسبون للإسلام، وأعداؤه فى الخارج، ثم يفندها ويكشف حقيقتها ويرد عليها بالأدلة القوية، مبينًا حقيقة وسطية الدين المحمدى، وفى الداخل يوجه قوافل دعوية إلى الجامعات والمحافظات لـ«تحصين» الشباب من هذه الأفكار، وبيان افتراءات الجماعات الإرهابية واستغلالها الدين فى تحقيق أهدافها الخاصة.

ويلقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف اهتمامًا واسعًا من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذى يرى ضرورة التوسع فى عمله داخل مصر وخارجها، لمخاطبة العالم أجمع، وتصحيح صورة الإسلام لديه. وخلال السطور التالية، تحاور «الدستور» الدكتور طارق شعبان، مدير مرصد الأزهر باللغة الأجنبية، عن طبيعة العمل داخل مرصد الأزهر، وخطة عمله خلال الفترة المقبلة، وأهم البرامج والفعاليات التى سينفذها لتحقيق أهدافه.

■ بداية.. ما طبيعة عمل مرصد الأزهر؟
- مرصد الأزهر إحدى الركائز المهمة الحديثة لمؤسسة الأزهر الشريف، واكتسب أهميته من خلال وجوده داخل مصر وخارجها، وهو يهتم فى المقام الأول بمكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة بكل أشكالهما وصورهما، وحماية الشباب من الوقوع فى شباكها، وذلك بعد رصد أهم هذه الأفكار المشوهة والمغلوطة التى تعمل الجماعات التكفيرية على نشرها بين صغار السن.
ونعمل على تحقيق هذه الأهداف من خلال إرسال قوافل دعوية وتثقيفية إلى المحافظات الحدودية، وإلى الجامعات ومدنها السكنية، وتنظيم ندوات فى الكليات المختلفة، للرد على افتراءات وأفكار الجماعات المتطرفة بعد توضيحها للطلاب.
وبعدة لغات أجنبية ومن خلال قسم اللغات الأجنبية، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، ومركز الأزهر للترجمة، وعدد كبير من باحثيه، يعمل المرصد على مخاطبة العالم وتوضيح هذه الأفكار له بجميع اللغات، والتى نسعى إلى زيادتها خلال الفترة المقبلة، بجانب رصد ما يُكتب عن الإسلام، والسبل التى تنتهجها الجماعات التكفيرية لاستقطاب النساء والشباب والأطفال، بجانب إرسال «قوافل السلام» للعديد من الدول.
■ ما أبرز القضايا الرئيسية التى يولى المرصد اهتمامًا كبيرًا بها؟
- نهتم برصد العمليات الإرهابية والخطابات الصادرة عن مرتكبيها، التى جعلت البعض تتملكهم كراهية كبيرة للإسلام، وهى الظاهرة المعروفة بـ«الإسلاموفوبيا»، ثم تحليل هذه الخطابات ومعرفة طريقة تفكير أصحابها، ومن أين ينطلقون، وما الذى يستهدفونه حتى يتم التعامل معها ومواجهتها والقضاء عليها تمامًا، لأننا لا نستطيع مواجهة أى من الأفكار الإرهابية إلا بعد قراءتها جيدًا.
ونعمل على توضيح حقيقة رفض الإسلام التام تلك الأفكار والخطابات والأعمال الإرهابية كافة، ونشر صحيح الدين من خلال تصويب الأفكار والمفاهيم الخاطئة، وذلك اعتمادًا على أبناء جامعة الأزهر وباحثيها وأعضاء هيئة التدريس بها، بإشراف ورعاية شخصية مباشرة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
■ هل دوركم يقتصر على الرصد والتفنيد فقط؟
- نعمل على قراءة الفكر الإرهابى قراءة عميقة، والمرصد يعتبر أكبر مؤسسة تنفرد بهذا الدور فى الوطن العربى، وتتبع قراءة الفكر الإرهابى خطوة تحصين الشباب من هذا الفكر ومن الوقوع فى شباكه، عبر حملات توعوية بشكل مستمر على «السوشيال ميديا»، وحملات طرق أبواب فى الجامعات المصرية لتعريف الشباب بصحيح الدين.
■ هل لك أن تحدثنا عن خطة عمل المرصد بعد مرور نحو شهر على تعيينكم؟
- لدينا مفهوم إدارى خاطئ فى عالمنا العربى، وهو أن يبدأ المدير الجديد لأى مؤسسة من جديد، بعد أن يلغى ما قام به سابقوه فى المنصب، الأمر الذى سأتجنبه خلال الفترة المقبلة، وذلك من خلال استكمال تنفيذ الاستراتيجية الموسعة التى وضعها فضيلة الإمام الأكبر لمكافحة التطرف، وبدأ تنفيذها بالفعل خلال الفترة الماضية.
وسنعمل فى هذا الإطار على فتح عدد من الموضوعات الجديدة التى تساعد فى مكافحة التطرف، وإرسال قوافل دعوية للمحافظات الحدودية لشرح حقيقة الأفكار المتطرفة ومنع تسلل أى منها لمواطنى هذه المحافظات، مع توضيح حقيقة الدين الإسلامى الوسطى، وذلك لحماية الشباب من الوقوع فى براثن الإرهاب.
■ ما أبرز المؤسسات والهيئات التى تتعاونون معها لتحقيق تلك الأهداف؟
- نتعاون مع مؤسسات الدولة كافة، ونشارك بشكل دائم فى العديد من المؤتمرات واللقاءات التى تعقدها، ويزورنا ممثلوها وعدد كبير من الشخصيات المهمة.
ولا يقتصر الأمر على المؤسسات المحلية فقط، ووقعنا بروتوكولات تعاون مع عدد من الهيئات الدولية لإرسال قوافل إلى المدارس، بهدف التصدى للإرهاب والفكر والتطرف، ورصد وتحليل جميع الخطابات المتطرفة الإرهابية والمتعصبة بكل اللغات.
■ كيف تستفيدون من الطلاب الوافدين فى مواجهتكم للأفكار المتطرفة؟
- هناك تواصل دائم مع الطلاب الوافدين، باعتبارهم رسل جامعة الأزهر فى بلدانهم، للتصدى للإرهاب وتوضيح حقيقة الدين الإسلامى المبنى على الوسطية والاعتدال، وهو ما تتعاظم أهميته فى وجود عشرات الآلاف من هؤلاء الطلاب فى الجامعة.
ويتم ذلك من خلال تنفيذ برنامج تدريبى وعقد مجموعة من الندوات لهم، لتعليمهم طرق وآليات مكافحة التطرف، وسبل الرد على الجماعات الإرهابية وتفنيد أفكارها وفضح أكاذيبها، بجانب الاستماع إلى آرائهم ومعرفة ما يدور فى بلدانهم التى تعانى غالبيتها وجود جماعات متطرفة، وهو ما يساعدنا على وضع قاعدة بيانات عريضة.
وهؤلاء الشباب حينما يعودون إلى بلدانهم سيكونون سفراء للأزهر، وسينقلون عنه وعن الإسلام صورة واقعية، وسيصبحون بمثابة أعيننا لرصد وتحليل ما يحدث فى تلك البلدان، وذلك بالتنسيق مع مؤسسات محلية ودولية.
■ فى رأيك ما المطلوب من المرصد القيام به فى الوقت الحالى؟
- نحتاج للوجود بشكل مكثف وبصورة أكبر على الساحة الدولية، من خلال زيادة المشاركة فى المؤتمرات والندوات وغيرهما من المحافل حول العالم، لمتابعة ورصد ما يحدث ويدور حولنا، خاصة فى ظل وجود محافل دولية يذكر فيها اسم الأزهر الشريف بصورة سلبية تخالف وسطيته، اعتمادًا على وسائل إعلام مضللة، ما يجعل وجود صوت ممثل للأزهر فى تلك المحافل أمرًا فى غاية الأهمية.
وإلى جانب تكثيف التواجد الدولى، ينبغى الاستعانة بـ«كفاءات» لتصحيح الصورة المضللة التى تتعمد بعض الجماعات توصيلها للمجتمعات الغربية بهدف الإساءة لسمعة الإسلام الوسطى.
■ ما أبرز المشروعات الجديدة للمرصد؟
- سنطلق خلال الفترة المقبلة مشروع «المرصد فى محافظتك»، والذى سيتواجد بموجبه مسئولو وباحثو المرصد داخل المحافظات وسط المواطنين للرد على أى شبهات وتفنيدها، بجانب تكثيف العمل على الشبكة الدولية للمعلومات «الإنترنت» وفى الجامعات والمعاهد ومراكز الشباب، وذلك من خلال فعاليات «يوم المرصد فى الجامعة» و«يوم المرصد فى المعهد» و«يوم المرصد فى المركز».
■ البعض ينتقد إصراركم على استخدام اللغة العربية الفصحى التى قد تكون بعيدة عن فهم الشباب.. كيف ترون ذلك؟
- الأزهر الشريف ومؤسساته كافة تتعامل باللغة العربية الفصحى، لكن نعمل فى الوقت ذاته على الوصول إلى الشباب عن طريق التوسع فى استخدام «السوشيال ميديا» واستخدام لغة مبسطة سهلة الفهم. ولدينا فى المرصد «وحدة إعلامية» تضم العديد من الكوادر البشرية التى تعمل على إيصال المعلومة للمتلقى عبر «السوشيال ميديا»، بما يتناسب مع الشرائح المجتمعية كافة، وحتى يكون خطابنا وأسلوبنا سهلًا لكل الأطياف، وذلك عن طريق إعداد مقاطع مصورة تشتمل على هذه المعلومة، ولا تتجاوز مدتها الـ٣٠ ثانية.
■ فيما يتعلق بجهودكم فى الخارج.. ما أبرز ما تولونه اهتمامًا فى هذا الإطار؟
- طبيعة عملنا فى المرصد تستلزم الوصول للمجتمعات فى كل بلدان العالم، وتأتى على رأس قضايا الخارج التى نهتم بها ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، التى تسيطر بشكل كبير على بعض المجتمعات الغربية، ومن مظاهرها العنصرية ضد المحجبات.
ولا نتعامل مع القضايا بشكلها «الجامد»، فلا نقل: «هذا هو الإسلام»، لكن نظهره من خلال قضية من القضايا تهم فئات مختلفة، ومن بينها «الإسلاموفوبيا». مثلًا هناك دكتورة جامعية بإحدى الدول الغربية طردت طالبة مسلمة بسبب ارتدائها الحجاب، فتضامن معها زملاؤها، بسبب معرفتهم شخصية زميلتهم المسلمة، وفهم أسلوبها وأفكارها، وتقبلها رغم الاختلاف فى الدين والعقائد. ومعظم العاملين فى المرصد سافروا إلى الخارج وتعايشوا مع أبناء المجتمعات الغربية، ورأوا نماذج عديدة تسىء للمسلمين وأخرى مثل هذه الطالبة تساعدهم على إيصال الصورة الصحيحة عن المسلمين.
وإلى جانب إظهار الإسلام من خلال نماذج واقعية، نرصد الأفكار الشاذة التى تحاول وسائل الإعلام الغربية ومواقع التواصل الاجتماعى ترويجها، لأنها تعبر عن المئات والآلاف داخل تلك المجتمعات.
■ كيف تردون على الخلايا الإخوانية التى تتصيد بيانات المؤسسات الدينية وتشن هجومًا عنيفًا ضدها؟
- يكون هناك رد سريع من خلال «الوحدة الإعلامية» بالمرصد، فدورنا لا ينتهى بإصدار البيان، بل نحاول على قدر الإمكان إيصال هذا البيان إلى أكبر شريحة ممكنة، ثم الرد على الخلايا التى تحاول تأويل أو إساءة فهم ما أصدرناه.
لذا نؤمن بدور وسائل الإعلام فى توصيل المعلومة التى نريد وصولها إلى المتلقى، ولا نعتمد على أسلوب واحد فى ذلك أو وسائل الإعلام المصرية فقط، بل نتعامل مع المؤسسات الإعلامية الكبرى، فى مصر وخارجها، ونحاول إيصال صوتنا إليهم بشكل رسمى، ليعلموا أن الأزهر هو البوابة الكبرى والأولى والرئيسية والأهم لتوصيل المعلومات للجميع، وليعرفوا ما هى مؤسسة الأزهر ومن هو شيخها الفاضل.
وأشير هنا إلى أن كلمات فضيلة الإمام الأكبر فى المحافل الدولية، ننشرها فى مختلف أنحاء العالم بـ١٢ لغة.
■ قلتم إن الإخوان تسير على خطى «داعش».. ألم تخشوا ردود الفعل جراء ذلك؟
- نحن معنيون برصد وسائل الإرهاب والأفكار المتطرفة فى مختلف أنحاء العالم وعلى كل المنصات خاصة «السوشيال ميديا»، سواء كان مصدرها تنظيم «داعش» أو «الإخوان» أو جماعات أخرى، فلا يهمنا اسم الجماعة بقدر ما تبثه من أفكار وكيفية مواجهة هذه الأفكار حتى لا تصل للشباب، وبيان استغلالها الدين فى استقطاب وخداع المتابعين من الشباب، الذين لا يتمتعون بالكفاءة والوعى الكاملين لإدراك ومعرفة الاستراتيجيات التى تستخدمها تلك الجماعات لاستغلال الدين. وما يهمنا فى المقام الأول «الفكرة المتطرفة» أيًا كان مصدرها، ومعالجتها عبر مقاطع فيديو مبسطة، وبالتواصل مع الشباب فى الجامعة، بجانب الخروج بـ«بث مباشر» على صفحة المرصد على «فيسبوك» خلال الأيام المقبلة للتفاعل مع المتابعين، وترجمته إلى عدة لغات.
■ ماذا عن تعاونكم مع جامعة الأزهر؟
- بالتنسيق والتعاون مع الدكتور محمد المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، المشرف العام على مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية، اتفقنا على تخصيص عدد من الساعات أسبوعيًا لفتح حوار مفتوح مع الطلاب، للرد على الشبهات ومناقشتهم فى أهم القضايا الفكرية وأبرز ما يدور فى أذهانهم.