رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المراكز الإسلامية" حول حادث نيوزيلندا: هكذا سقطت ورقة التوت

جريدة الدستور

أصدرت الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية بسويسرا، بيانا شديد اللهجة، نددت فيه بالهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدين بمدينة "كرايست تشيريش" وراح ضحيته أكثر من 50 شهيدا مسلما في نيوزيلندا خلال أداء فريضة صلاة الجمعة.

واصفته بالهجوم التسونامي الإرهابي وبالمجزرة الإرهابية الشنيعة، مستنكرة التناول الإعلامي وتصريحات بعض المسئولين السياسيين في أوروبا ووصفهم للهجوم الإرهابي بأنه "جريمة"!

وقالت الأوروبية الإسلامية في بيانها: تابعنا ببالغ الألم وعميق الحزن أنباء الهجوم التسونامي الإرهابي الذي استهدف المصلين الآمنين العابدين في مسجدين بمدينة "كرايست تشيريش" النيوزيلاندية أثناء عبادة صلاة الجمعة، مما أسفر عن مصرع عشرات الأشخاص وإصابة عدد مماثل بجروح متفاوتة، من بينهم النساء والأطفال.

ووصفت الهيئة الأوروبية الإسلامية في بيانها الهجوم الإرهابي الذي وقع على المسجدين "بالمذبحة المروعة" التي يجب أن تهتز لها مشاعر وقلوب كل ذوي الضمائر الحية في أنحاء العالم، لما فيها من انتهاك لدور العبادة وحرمة الدماء المعصومة، وسفك لأرواح بريئة طاهرة كانت تتضرع لربها في خشوع واطمئنان، مشيرة إلى أن تلك المجزرة " الإرهابية الشنيعة" التي حرص منفذوها على تصويرها وبثها على الهواء للعالم كله بكل وقاحة، لا تختلف كثيرا عن مشاهد قطع الرقاب المروعة التي ارتكبتها عصابات داعش الإجرامية وصورتها في بثها للعالم!! فهما فرعان لشجرة واحدة سقيت بماء خطاب الكراهية والعنف والتطرف، ونزعت من قلوب أصحابها مشاعر الرحمة والتسامح والإنسانية بخلفية حسابات سياسية وعنصرية ضيقة.

وتابعت قائلة "هكذا سقطت ورقة التوت بأكذوبة إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين، فالمأساة الأخيرة بكل ما خلفته من آلام شديدة القسوة، لم يكن وراءها عقل منتم للإسلام ولا المسلمين، وإنما وراؤها عقل ناقم وهمجي متوحش، لا نعرف ما هي دوافعه وعقيدته المنحرفة"، مؤكدة أن جموع المسلمين – رغم فاجعتهم التي فتت أكبادهم جراء هذا الهجوم الإرهابي لا يستطيعون أن يقولوا كلمة واحدة تسيئ أو تدين المسيحية والمسيح عليه السلام– والتي قد يدعي بها الإيمان هذا الإرهابي القاتل الأثيم، لإيمانهم بالفرق الكبير بين الأديان وسماحتها وبين المتلاعبين بها من تجار السياسة وتجار السلاح.

وتعجبت الهيئة في بيانها ممن يذهبون إلى التفريق بين إرهاب يرتكبه منتم للإسلام فيضاف مباشرة إلى الإسلام والمسلمين وبين إرهاب يرتكبه منتم لأي دين آخر فيوصف فورا بأنه متطرف يميني أو مريض نفسي!!، منتقدة التناول الإعلامي والسياسي للهجوم الإرهابي متسائلة: كيف لا يوصف هذا الهجوم بأنه إرهاب؟ ويقال إنه جريمة في تصريحات بعض السياسيين وبعض وسائل الإعلام!!

وتساءلت الأوروبية الإسلامية في بيانها: لماذا يدفع المسلمون وحدهم فاتورة ما يسمي "التطرف اليميني" وما يسمونه بالتطرف الإسلامي؟ أما آن الأوان أن يكف الناس شرقا وغربا عن ترديد أكذوبة "الإرهاب الإسلامي"؟!

ولفت الهيئة الأوربية الإسلامية إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا وتيارات العداء العنصري للأجانب والمهاجرين في الغرب لم تحظ حتى الآن بالاهتمام الكافي من صناع القرار والنخب السياسية والفكرية والإعلامية رغم خطورة نتائجها، وهو ما يستوجب التحرك الفعال لتجريمها ومحاصرتها ورفع أي غطاء سياسي أو ديني عن أصحابها، مع بذل مزيد من الجهد لتعزيز قيم التسامح والاندماج الإيجابي القائم على المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام الخصوصية الدينية والثقافية.

وأشارت الهيئة في بيانها إلى وثيقة "الأخوة الإنسانية" قائلة: من المهم أن نتذكر في هذه اللحظة المؤلمة ما نصت عليه "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي وقعها الأزهر الشريف والفاتيكان، في فبراير الماضي، من تأكيد على ضرورة "التحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزاعات الفردية والأنانية والصدامية والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره" وتشديدها على أن "الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين – حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته – بل هو نتيجة لتراكمات المفاهيم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي".

وأكدت الأوروبية الإسلامية استعدادها التام لتقديم كافة أنواع المساعدة، ولوضع رصيدها العلمي وخبراتها وتجربتها الميداني لتسهم بها مع الجميع – رسميا وشعبيا – في وضع رؤية مناسبة.

وأعربت الهيئة الأوروبية الإسلامية في ختام بيانها عن خالص التعازي والمواساة لأسر الشهداء وذويهم الذين سقطوا غدرا في دور العبادة، داعين المولي أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته وأن يدخلهم فسيح جناته، وأن ينعم على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يعيد لمن روعتهم تلك المذبحة النكراء السكينة والطمأنينة.