رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالوهاب داود يكتب: «هيومن رايتس ووتش» و«أوسكار البلاهة المفرطة»


مصر بناسها، وتاريخها، وجغرافيتها، أكبر وأعلى «كعبًا» من كل هذه التفاهات والتقارير والادعات المضللة.

بتقريرها الذى أصدرته، مساء الإثنين الماضى، بعنوان «مصر تستحق أوسكار النفاق لاحتفائها برامى مالك»، تستحق منظمة «هيومن رايتس ووتش» جائزة الأوسكار لأفضل «نائحة»، أو سمها جائزة «الأغبى على الإطلاق»، سمها ما شئت، فهى جائزة «الغل الدفين» ضد مصر، وشعبها، ونظامها، وهى جائزة «البلاهة المفرطة» فى ربط المعلومات، وخلط الحقائق، وكشف نواياها بلا تفكير، وبلا عقل.
التقرير المضحك كتبته باحثة متخصصة فى شئون المثليين والمتحولين جنسيًا، وتعمل بالمنظمة منذ عشر سنوات بالتمام والكمال «خبرة يعنى»، واسمها «نييلا جوشال» أو «نيلة غوشال»، حسب الترجمة التى تفضلها، وينطلق من جهل عميق بأى شىء يحدث فى مصر، مجرد تصور أحمق وساذج، وملىء بالغل، عن طبيعة الحياة فى مصر، ومستويات التعامل مع الأحداث فى مجتمع يصل تعداده إلى مائة مليون «رأى».
ولتكن البداية من عنوان التقرير «الكوميدى» الذى لا يمكن تصور أنه يصدر عن منظمة تدعى أنها حقوقية، أو مدافعة عن الحريات، فلو كان حقيقيًا أن «مصر الدولة» احتفلت برامى لتمثيله دور مثلى جنسيًا، لكان أولى به الترحيب بمثل هذا الاحتفال، لا أن تنتقده، أو تعلق عليه بهذه الطريقة «الغبية»، إذ يقول التقرير المنشور على موقع المنظمة ما نصه: «تحمست السلطات المصرية لادعاء أى صلة بالممثل المصرى الأمريكى رامى مالك بعد فوزه بجائزة أوسكار أفضل ممثل الأسبوع الماضى، حتى إن وزارة الهجرة المصرية نشرت فى تويتر اقتباسًا من خطاب قبول الأوسكار الذى ألقاه مالك».
فماذا يزعج المنظمة الحقوقية المهتمة بحقوق «الخواجات» من حماس السلطات المصرية؟.. المفروض أنها «تنبسط» باكتسابها أرضًا جديدة لصالح ما تدعو إليه من حريات.
وما مكمن الادعاء فى انتساب رامى إلى مصر؟.. الرجل نفسه قال إنه مصرى، وتكلم عن حبه لأم كلثوم، وفخره بالثقافة المصرية، وبالعامية كمان.
هل يمكن اعتبار نشر اقتباس وزارة من كلمة قبول جائزة، وكأنه «حماس رسمى من السلطات المصرية»؟.
ما هذه البلاهة؟ وما كل هذا التصيد الأحمق، والغل المفضوح!.
الباحثة المتمرسة «الخبرة»، قالت فى تقريرها التافه إن الفيلم لم يُعرض بمصر: «إلا بعد اقتطاع عدة مشاهد، كما قال مصدران فى القاهرة لهيومن رايتس ووتش»!!!
مصدران؟!! اثنان؟!!.. طب والله أقنعتنى، أى منظمة محترمة تعتمد فى تقاريرها عن بلد به عشرات المدن الكبرى، ومئات دور العرض السينمائية، على شخصين؟!
شخصان.. المؤكد أنها لا تعرف عن ميولهما أو انتماءاتهما السياسية أى شىء، وربما لا تعرف أن بمصر بقايا تنظيم إرهابى يترصد لكل شىء، وأى شىء، ولا يجد مناسبة إلا وحاول جاهدًا تشويهها، اللهم إلا إذا كان هو من يدفع لها أجر تقاريرها، ويمليها عليها.
الآنسة «نيلة» أضافت فى تقريرها «العبيط»: «إذا كانت الحكومة المصرية والمدافعون عنها يريدون حصة من فوز مالك، فعليهم أن يرقوا للاعتراف بالحقائق».
ما هذه الجرأة؟ وما الحقائق التى تريد اعترافًا بها؟ هل تعرف هى شيئًا عن حقائق الأمور التى تتحدث عنها؟ كم مرة زارت مصر؟ وما عدد الأشخاص الذين التقتهم؟ هل اتفقوا على رأى؟ هل اجتمعوا على موقف واحد من حدث مهم؟ اللهم إلا «رفض الإرهاب والتطرف الدينى، ونبذ التنظيم الذى تستقى معلوماتها منه»!.
ألا تعرف أن أحاديث تدور فى مصر عن وجود أماكن معروفة لتجمعات من تدافع عنهم؟ ومنها بارات، وفنادق، ومقاهٍ؟.. ألم تسمع عن شائعات يتداولها العامة عن شخصيات عامة ومشاهير من المثليين؟!
الحقيقة أنها، ومنظمتها، أولى من الجميع بالاعتراف بجهلهما «بالحقائق»، فما لا تعلمه الباحثة ذات الخبرة الطويلة فى العمل مع منظمة الهواة، أن الفرحة بفوز رامى مالك، والاحتفال به لم يكن رسميًا، ولا حكوميًا، ولا علاقة له بالدولة والنظام من قريب أو بعيد بالأمر كله، هى فرحة شعبية، وحالة جماهيرية عامة، عبر عنّها كتاب وصحفيون، ومهتمون بالسينما والفنون، ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى، بل وشابتها بعض الاعتراضات، والمماحكات من المتطرفين دينيًا، إسلاميين، ومسيحيين، وبعض المتحفظين، أو المحافظين، وتم التعامل معه كأى حدث يهم الشأن المصرى، ويتداوله بالرأى والتعليق ما لا يقل عن عشرة ملايين مصرى على وسائل التواصل الاجتماعى، إلى جانب أحاديث المقاهى والجلسات العامة، والقنوات الفضائية والإعلام.
الباحثة «الخبرة» تختتم تقريرها للمنظمة قائلة ما نصه: «نال رامى مالك الأوسكار لأنه أعطى الحياة والفرح لرمز مثلىّ الجنس، لكن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لن تسمح لميركورى بالنجاح على أرضها، ولا لمالك الاحتفاء به»، وأقول لها إن مصر «الشعب» بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فرحت برامى، واحتفت به، دون اهتمام بهويته الجنسية، ولا بعاداته، أو حياته الشخصية، فمصر تحتفى بأبنائها دون تمييز، ودون تفتيش فى حياتهم الشخصية، أو ميولهم، يستوى فى ذلك من كان محبًا للنساء، أو مدمنًا «للقمار»، «حشاش أو خمورجى»، أو أيًا كان.. فرحت برامى كما فرحت من قبله بسعفة المخرج العالمى يوسف شاهين الذهبية من مهرجان كان، واحتفت بنجومية عمر الشريف، ونوبل نجيب محفوظ، وزويل، والبرادعى، ولم تضع فى اعتبارها ما قيل عن ميول وزير من أنجح وزرائها، ظل فى منصبه لأكثر من عشرين عامًا.. كما أنها لا تزال تحفظ ألحان «البوهيمى الأكبر» بليغ حمدى، بل إنها لم تهتم بما تردد من شائعات عن ميول «إخناتون»، الفرعون الذى زعمت تقارير «غربية» أنه كان مثلى الجنس.
أقول لها إن مصر بناسها، وتاريخها، وجغرافيتها، أكبر، وأعلى «كعبًا» من كل هذه التفاهات، والتقارير، والادعات المضللة.
أخيرًا، فإننى أريد أن أذكِّر الآنسة «نيلة» بمقولة لدينا فى مصر، يبدو أنها تنطبق على حالتها تمامًا، تقول بأن لكل شخص من اسمه نصيب.. فـ«اتنيلى واسكتى وحياة أمك».