رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المجدد.. حكايات صلاح الشرنوبى عن أبطال حياته

جريدة الدستور

عبدالحليم حافظ خطط لتقديم أغنية مع «باند غربى».. والحمد لله نجا منها بالوفاة لأنها لا تشبهه

سميرة سعيد «مناكفة» رفضت غناء «مهما يحاولوا يطفوا الشمس».. ثم لامتنى بعد نجاحها

عمرو دياب يعتمد على ذكائه ومعرفش أسمع أغنية لـ«تامر وحماقى» ومحمد رمضان يتعالى على الناس

محمد منير صوته لا يطربنى وهانى شاكر «برنس».. وجورج وسوف ميعجبهوش العجب

نجاة تحتفظ بأغنية لم تطرحها بعنوان «تعظيم سلام لجيش بلادى»

وردة طبخت لى بيديها.. وقالتلى «إنت هتعلمنى الغنا؟» أثناء تحضير «بتونس بيك»


مرّت سنوات على الملحن الكبير صلاح الشرنوبى، كان خلالها ينجز فى اليوم الواحد أكثر من ٣ ألحان، وكان طالبوها ينتظرون دورهم بالصفّ، وكانت قائمة الانتظار لديه أكبر من قائمة المسافرين على متن رحلات «مصر للطيران». طوال ما يقرب من ٣٠ عامًا، عمل مع عشرات المطربين المصريين والعرب، إلا أن المحطة الأبرز له كانت مع وردة الجزائرية فى «بتونس بيك»، التى فتحت أمامه أبواب المجد والشهرة. فى حواره لـ«الدستور»، بدا الملحن واضحًا وجريئًا فى التعبير عن مشاعره ورؤيته حيال المطربين، راحلين أو لا يزالون على قيد الحياة، وفتح خزانة أسراره قبل أن يقرر التفرغ للتلحين والاستقرار بالقاهرة.


■ تركت الهندسة لتتفرغ للموسيقى.. كيف استقبلت أسرتك القرار؟
- تخرجت فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية «قسم ميكانيكا قوى»، ثم عملت فى شركة «بورسعيد للبترول»، وظللت أمارس مهنة الهندسة من ١٩٧٩ إلى ١٩٩٠، وأخذت إجازات كثيرة دون مرتب، وكررتها حتى تقدمت باستقالتى ١٩٩٧.
وبالنسبة لموقف أسرتى، فهى شجعتنى كثيرًا لأنها آمنت بموهبتى، بعد أن توفى والدى ووالدتى عندما كنت صغيرًا، وعشت مع أشقائى، وهى عائلة فنية فى أصولها، فشقيقىّ الملحن فاروق الشرنوبى، والشاعر الراحل سيد الشرنوبى، الذى توفاة الله فى سن مبكرة.
■ هل لنا أن نعود إلى البدايات الفنية وأولى التجارب؟
- فى الإسكندرية عملت بداية فى أماكن عدّة، منها «سان جيوفانى» كلاعب كامنجا، قبل أن ننطلق مع إيمان البحر درويش فى فرقة مشتركة تغنى تراث سيد درويش. وفى منتصف الثمانينيات انتقلت إلى القاهرة، وأسست مع شقيقى الملحن فاروق الشرنوبى وبعض الموسيقيين فرقة «الأوفياء»، ومن بعدها لحنت أغنية للمطربة عفاف راضى باسم «القمر سهران لمين»، حصدت حينها المركز الأول فى مهرجان دول البحر المتوسط.
■ عندما جئت من الإسكندرية.. من أول من استقبلك فى القاهرة وتبنى موهبتك؟
- تركتُ أسرتى بالإسكندرية حتى أستقر بالعاصمة، ولا أنسى فضل الشاعر العظيم الراحل رضا أمين، الذى عملت معه فى بداياتى أغنية لـ«منى عبدالغنى»، وكذلك الموسيقار يحيى خليل منحنى فرصة الالتحاق بفرقته، والمطرب فارس مطرب «جالا جالا» لا أنسى فضله حين استضافنى فى شقته المفروشة.
■ ننتقل إلى علاقتك بالفنانين.. بدايتك الحقيقية كانت «وردة».. ماذا عن علاقتكما؟
- «وردة» سر ما أنا عليه وفيه الآن، وكانت أغنية «بتونس بيك» انطلاقتى الحقيقية مطلع التسعينيات، ١٩٩١ تحديدا، على الرغم من اختلافنا معًا فى بداية التحضيرات للأغنية، فأنا من الجيل الجديد بالنسبة لوردة، وأعتز بنفسى كثيرا، فنشبت مشادة بيننا فى الاستوديو حين أبديتُ بعض الملاحظات على أدائها فقالت «إنت هتعلمنى الغنا؟»، لكننا تصالحنا ولها من الفضل الذى لا أنساه.
ورغبت وردة فى «بتونس بيك» مسايرة الموجة السائدة فى الجزائر وقتها، وهى موسيقى «الراى» بكلمات مصرية، فتعاونّا مع الشاعر الكبير عمر بطيشة، وحوى الألبوم ٤ أغنيات منها «بتونس بيك» و٣ «راى».
فى ٢٠٠٤، استضافتنى وردة شهرًا ونصف الشهر فى الجزائر، وكنا نستعد لحفل مرور ٥٠ عامًا على ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية، وأذكر انها كانت «تطبخ لى بيديها»، وأحببت منها «الكسكسى» كثيرًا.
■ ماذا عن هدايا وردة لك؟
- كانت وردة كريمة، وأول هدية كانت ساعة «بياجيه» فرنساوى أوريجنال، منحتها لى بعد «بتونس بيك». كما كانت تشترط التعامل مع فرقتها بنفس طريقة التعامل معها، كإقامة الفرقة فى «الكلاس» ذاته، الذى تقيم فيه داخل أى فندق.
■ تجربتك مع نجاة ليست كبيرة.. كيف أثرت فيك؟
- لى مع نجاة تجربتان غنائيتان، أولاهما «اطمن»، وبعدها اتفقنا على ألبوم كتب أغنياته الشاعر الراحل محمد حمزة، لكن لم يكن هناك نصيب. وفى ٢٠١٥، نفذنا التجربة الثانية «كل الكلام»، كذلك لحنت لها أغنية «تعظيم سلام لجيش بلادى» التى لم تخرج للنور، ووضعتها فى «خزنتها» لإيمان «نجاة» باختيار التوقيت المناسب لأغنياتها. وبالنسبة لأثرها علىّ، فقد تعلمت منها الدقة، التى ورثتها من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، فهى «الذكية والشاطرة».
■ «الشرنوبيات» اسم مدرسة فنية أطلقه عليك سيد مكاوى.. فما حكايته؟
- مكاوى قال عنى كلامًا جميلًا، البداية بعد نجاح ألبوم المطربة السورية ميادة الحناوى «أمر الهوى»، فاقترح المنتج محسن جابر على سيد مكاوى التعاون مع «ميادة» ليرد الأخير «ما إنتوا خلاص شرنبتوها»، أى أصبحت من مدرسة «الشرنوبيات»، لأشتهر من وقتها باللقب. ثم التقيته فى مهرجان «أبوظبى» الذى شهد أوبريت «الحلم العربى» الذى شرفت بالمشاركة فى تنفيذه أواخر التسعينيات.
■ على سيرة «ميادة».. كيف ترى صداقتك بها؟
- «ميادة» آخر السيدات العظيمات فى زمن الفن الجميل. وأحبها جدًا وأذوب فيها عشقًا منذ أن غنت قصيدة «أشواق» للموسيقار الراحل رياض السنباطى، وتمنيت العمل معها.
وبداية لحنت لها «أمر الهوى» وأغنيات أخرى فى ألبوم سنة ١٩٩٣ وحقق نجاحًا كبيرًا. ومؤخرًا حاولنا أن نعيد العمل معًا، لكن «ميادة» تاهت فى عتمة الأجيال الحالية. ولا يمكن أن أنكر أنها أسهمت فى تأكيد وجودى كملحن، ولم نختلف أبدًا، وإن كنت ألوم عليها أنها «كسولة ومتخوفة من الظهور فى وسط الجيل الجديد».
■ كيف ترى مسيرة تعاونك مع سميرة سعيد؟
- «سميرة» حبيبتى، تجاوزت أعمالنا ٢٠ أغنية، لكنها «مناكفة» واختياراتها ليست سهلة، وغالبًا لا تستقر على عمل قبل تردد طويل، فمثلًا أغنية «مهما يحاولوا يطفوا الشمس» عرضتها بداية عليها فرفضتها، ثم غنتها ميادة الحناوى ونجحت بين الجماهير، فسألتنى سميرة «ليه ما سمعتنيش الأغنية دى؟»، فأخبرتها بأنه حدث لكنكِ رفضتها، فقالت: «كنت سمعها لى تانى»، لأنها لا تقتنع من الوهلة الأولى، ومحتمل أن نتعاون مرة جديدة فى المرحلة المقبلة.
■ ما الذى يميزها أو يميز أعمالها؟
- تمتلك «سميرة» ما يميزها دومًا، وتتحرك بين الأجيال بخفة، بدءًا من الانطلاق مع الراحل بليغ حمدى، والطفرة التى شهدتها مع الملحن جمال سلامة فـ«جانى بعد يومين» ثم «خايفة» ١٩٩٢، ومن بعدهما ومن الأجيال الجديدة محمد ضياء، وتحدث حاليًا طفرة جديدة.
■ اعتبرت «ذكرى» صديقة عمرك.. كيف تعرفت عليها؟
- قبل لقائى «ذكرى»، اتصل بى الشاعر أحمد شتا، وأخبرنى بأن بنتًا تونسية تريد سماعى ومقابلتى، فذهبت إليها فى شقة بالمهندسين، واستقبلتنى بالحلويات التونسية، قبل أن أسمعها تؤدى أغنية «على بلد المحبوب ودينى» لكوكب الشرق أم كلثوم، فأبهرنى صوتها، لنقرر التعاون الذى تكرر كثيرًا.
■ هل وقعت فى قصة حب مع نساء الوسط الفنى؟
- لا، ثمة شائعات قيلت عنى مع الراحلة وردة مثلا، وهى غير صحيحة، فقد كنت معجبًا بابنة وردة «وداد»، وهى شائعات أعيدت حين سافرت سنة ونصف السنة إلى فرنسا مع لطيفة، كذلك الشائعات ذاتها طاردتنى مع سميرة سعيد.
■ لماذا قلت من قبل إن بليغ حمدى لم يمت.. ووفاة عبدالحليم حافظ نعمة؟
- ألحان «بليغ» حولنا فى كل مكان، فهو حالة نادرة فى الفن العربى، ترك بصمة فى نفوسنا، وتعلمتُ منه تركيب جملة سهلة ممتعة. أما «عبدالحليم» فظاهرة غنائية حيرت جيله والأجيال من بعده، وتغيرت الأغنية العربية على يديه، وبعد وفاته حاول البعض تقليده، مثل مصطفى قمر ومحمد فؤاد، وأقول إن وفاته «نعمة» فى توقيتها لأنه «ربما عمل حاجات مش شبهه»، فقبيل وفاته أراد تقديم تجربة مع «باند غربى» لا تمت لـ«العندليب» بصلة، ومات قبل أن تتم.
■ كيف تعاونت مع وديع الصافى.. وما الأسماء التى تتمنى التلحين لها؟
- بالنسبة لـ«وديع» بدأت علاقتى به من حين عرض علىّ الشاعر السعودى محمود بن عبود قصيدة «يا حبيبى» وأعجبتنى، فلحنتها وأرسلتها إلى «وديع» فى لبنان، لأقابله فيما بعد كثيرًا وأراه مغنيًا لن يتكرر. وأتمنى التلحين لفيروز وماجدة الرومى، وغيرهما من أقطاب الغناء العربى.
■ ما رؤيتك لهانى شاكر؟
- أعتبره «برنس»، وعملنا معا حوالى ٦ أغنيات، وبالطبع «هانى» فى الثمانينيات أقوى من الوقت الحالى، فنجاحاته الآن أقل، وهو غير جرىء لا يجرب فى الفن، رغم أنه الوحيد الباقى من الزمن الجميل، ويعجبنى إصراره على البقاء.
■ عملت مع جورج وسوف.. لماذا اختفى الآن؟
- «جورج» من أهم المطربين الذين أكدوا وجودى كملحن، اشتركنا فى ١٨ أغنية، أشهرها «كلام الناس»، لكنه فنان «ما بيعجبوش العجب»، تعود على أداء و«ريتم» ثابت، لا يريد تطويره، وأذكر أن سبب نجاح «كلام الناس» أنها كانت تطويرًا لأداء جورج وقتها. ووقت الألبوم الثانى اختلفنا، بعد أن سمع ٧ أغنيات رفضها جميعًا، وبعد ٦ أشهر، أقنعه المنتج محمود موسى بالأغنيات، وحققت نجاحًا، منها أغنيتا «إرضى بالنصيب» و«الكلمة الطيبة». أما سبب اختفائه فهو المرض، وتأثيره على الصوت الذى بدأت تقل جودته.
■ لماذا تعاملت مرة واحدة مع محمد منير ودائم الانتقاد لعمرو دياب ومحمد حماقى وتامر حسنى؟
- منير «ظاهرة نجومية ممتدة» منذ البداية حتى الآن، وتعاملت معه مرة واحدة، وقتها كنا نلتقى فى شقته بالمهندسين، وهو واحد من «المُثل العليا» وسلك طريقًا بمفرده. لكنى لا أستهوى وقفة «منير» وحركاته، تميزه صحيح لكنها لا تستهوينى، كذلك صوته وغناؤه لا يطربنى. بالنسبة لعمرو دياب، فيعتمد على ذكائه وليس صوته. وبشأن «حماقى» و«تامر»، فـ«ما أعرفش أسمع لهم أغنية».
■ ماذا عن عودة فضل شاكر للغناء؟
- أعرف فضل شاكر منذ التسعينيات، حين كنت أسافر إلى لبنان وأسهر معه ووائل كافورى وجورج وسوف، وهما من تواصلا معى للعمل معه لأنهما يحبانه. وأذكر أن «شاكر» كريم جدًا وعملنا معًا «غايب عنى ليه» وفى أكثر من ألبوم، وتواصلت معه بعد الأزمة، ورحبت بعودته، فهو إحساس لا يتكرر فى الغناء.
■ هل يمكن أن تتعاون مع محمد رمضان أو «أوكا وأورتيجا»؟
- من الصعب أن يحدث ذلك حتى لو طلبوا منى، فرمضان «ما بيغنيش»، ولا يعجبنى ما يفعله على الساحة، لأنه لن يفهم كلماتى، ولا أعرف ماذا يقصد بـ«نمبر وان» غير أنه يتعالى على جمهوره، قد يكون على المستوى الدرامى متميزًا لأنه ينافس على الصدارة مع عادل إمام، رغم أنه يحاول تقليد أحمد زكى.
أما «أوكا وأورتيجا»، فحققا شهرة بين أبناء جيلهما، وإن حوت «المهرجانات» على كلمات مسيئة لمصر، وهى بالنهاية نجاحات «لحظية».
■ أخيرًا.. كيف ترى الأجيال الجديدة.. وماذا تتمنى مستقبلًا؟
- الأجيال الجديدة تعتمد على «موضة العصر»، ولا تقدم أغنيات كما كان الحال مع عبدالحليم أو أم كلثوم. مستقبلًا، أتمنى حالة من الاستقرار، وأن أنفذ مشروعًا لأبنائى مثل مشروع «الليلة المحمدية».
■ ما أصعب المواقف التى تعرضت لها فى حياتك؟
- الأول، حين عملت مهندسًا فى «الشركة البورسعيدية» بالإسكندرية، كنت مسئولًا عن موقع، وكان عماله يبيعون «قصات» الحديد بعد التصنيع، فاتهمنى المدير بالسرقة بما إنى المسئول عن الموقع، وأحالنى للتحقيق وتوقف مرتبى فترة، وعدت لعملى بعد سنة واعتذروا لى. أما الثانى فى ٢٠٠٦، حين مررت بمشاكل مالية، ووقعت على «شيكات»، ولم يكن لدى ما يكفى من المال لسدادها، وصدر ضدى حكم، فباعت زوجتى كل ما نملك لنمر من الأزمة. الموقف الثالث، حين اُختطفت من عصابة ٢٠١٢ تقودها فتاة تدعى أنها مطربة واسمها «سمر» وطلبوا مليونى جنيه فدية، قبل أن تنقذنى الشرطة فى الوقت المناسب، وتظل تفاصيل الحادث «مؤلمة». وآخرها حين جرى «تثبيتى على الطريق» فى ٢٠١٣ وسرقت نقودى وهاتفى.