رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التطهير.. ضرورة حياة وأمان


هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات شجاعة وجسورة وبالقانون فى قضية التطهير، فى ظل الأحداث الأليمة التى تقع من حولنا.. نعم.. هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات سريعة وفى نفس الوقت صحيحة ومدروسة من أجل إقصاء عناصر الفساد والإهمال والتسيب والشر فى بلدنا.
هناك ضرورة ملحة الآن للتطهير الشامل وبشكل واضح وفى شفافية بعد حادثه محطة مصر، التى راح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم.. وهذا التطهير لا بد أن يشمل فى هذه الحادثة تحديدًا المتآمرين والمجرمين والفاسدين الذين تسببوا فى هذه الكارثة المروعة التى أثارت غضبًا عارمًا فى الشارع، جعلت الشعب المصرى الذى غالبيته من المصريين المخلصين للوطن جميعًا يطالبون بالقصاص العاجل ممن تسببوا فى هذه الحادثة الإجرامية، التى استشهد فيها ٢٢مواطنًا ومواطنة كان بعضهم فى مهمة عمل أو قادمًا من عمل خيرى أو كان ذاهبًا إلى بيته أو كان واقفًا فى أمان انتظارًا لوصول قادمين بالقطار، هذا بالإضافة إلى المصابين نتيجة اشتعال النيران فى هذا المكان.
إن هذه الحادثة الأليمة، التى لا أعتقد أنها نتيجة إهمال، تستلزم القصاص السريع ممن ارتكبوها لأن الشواهد، كما يبدو لى حتى لحظة كتابة هذه السطور، تقول إنها مدبرة.. وبنظرة سريعة لمراجعة التحقيقات الأولية ومشاهدة الفيديوهات التى تَم تصويرها للحظات الكارثة المروعة تجعلنى أقول وبشىء من العقل والتأنى فى اختيار كلماتى إن هناك أيادى ملوثة بدماء المصريين، وهى أيادٍ تعلم نتيجة ما سيحدث، وإن هناك من دبّر هذا.. إنها ليست قضية إهمال فقط أو تسيب فقط، وإنما هى جريمة لا بد من القصاص الرادع لها.
وإن لم يتحقق القصاص الرادع لمثل هذه الجريمة فلا أدرى متى سيتحقق؟!.. وقد تتكرر حوادث وكوارث أخرى طالما أن هناك من يريدون سفك دماء بريئة من أهل مصر، ومن لا يأبهون بالأرواح وليس لديهم ضمير أو انتماء للوطن الغالى.. إن مصر تتقدم للإمام بسرعة، وتسترد مكانتها بين الدول بسرعة، وتبنى لمستقبل أفضل بسرعة، وبعد نجاح مؤتمر القمة للدول العربية والأوروبية الدولى الأول للحوار، بشرم الشيخ، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإن أعداء الوطن والفاسدين أرادوا أن يضيعوا فرحة مصر وفرحة المصريين بالمكتسبات والنجاحات التى تحققها مصر وبدورها المتواصل وبزعامتها العالمية فى محاربة الإرهاب.. لم يعجب هذا النجاح والمكتسبات والإنجازات فئة الضالين والمضللين والمرتزقة الذين ليس لديهم ضمير وإنسانية، الذين يهدفون إلى الدمار والتدمير، فأرادوا سرقة فرحة المصريين بتدبير حادث إرهابى.
لهذا فإننى أطالب بضرورة أن نسرع الخطوات فى تطهير المؤسسات بجميع أنواعها من المجرمين والفاسدين، سواء أكانوا فوق الأرض ظاهرين للعيون، أو يتخفون فى أشكال أخرى لكنهم يعيثون فسادًا وإجرامًا بيننا.
إننا لا بد ندرك أن هناك خططًا جهنمية وأموالًا طائلة تنفق لقتل الأبرياء من المصريين.. ولا بد أن ندرك أن هناك فاسدين ومصاصى دماء يعيشون بين الناس وفى أحياء معروفة، وأماكن معروفة، وينشرون الإحباط والفزع والشائعات.. وهناك ثغرات فى القوانين تمكن بعض المجرمين من الفرار من فعلتهم، أو محاكمات تستمر لسنوات طويلة قبل صدور الأحكام، وبهذا لا تحدث الردع المطلوب.
إننا مازلنا فى حاله حرب وحالة طوارئ وفى حالة تربص ببلدنا، فإن لم تقم محاكمات عاجلة وسريعة وناجزة تجعل قبضة الدولة أقوى، وتجعل القصاص سريعًا يريح هذا الشعب العريق والصابر، الذى تحمل الكثير، وتجعل التابعين للظلاميين والمجرمين يخشون القصاص فمتى سنفعل ذلك؟!.
إننا فى لحظة مهمة أمام مجتمع غاضب من أفعال إجرامية تحدث من حفنة من الفاسدين، كما فى كارثة محطة مصر، ما يجعل اتخاذ قرارات لحماية المواطنين ضرورة من الدولة، فنحن فى حاجة إلى عقوبات رادعة لمن تثبت جريمته بالتحقيقات..لقد استقال وزير النقل بصفته مسئولًا عن قطاع النقل والمواصلات، رغم أنه قطاع متهالك منذ عقود طويلة.
وصحيح أن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولى، قد قبل استقالته.. وذهب إلى موقع الحادث فور وقوعه لاتخاذ اللازم فى هذه الظروف الأليمة.. وصحيح أن الرئيس السيسى تضامن مع أسر الشهداء والمصابين، وحرص على الاطمئنان عليهم وأنه طالب بسرعة إنهاء التحقيقات.. وصحيح أن قطاع النقل متهالك.. وصحيح أننا فى حاجة إلى تدريب العاملين فى قطاع السكك الحديدية.. لكن الصحيح أيضًا أننا فى حاجة أولًا إلى التطهير الجذرى فى هذا القطاع، ممن تثبت عدم صلاحيته، خاصة بعد أن أثبتت التحقيقات الأولية أن سائق الجرار المجرم ثبتت له مخالفات مهنية وأخلاقية قبل ذلك.. فكان من الواجب استبعاده من هذا المكان.. ولا بد أيضًا أن تبحث الدولة عمن تركه موجودًا هناك فى هذا الموقع الحساس.. لقد أثبتت التحقيقات الأولية كما رأينا أن هناك مشادة حدثت بين سائقين، وأن أحدهما ترك الجرار على أقصى سرعة له ونزل منه ليتشاجر.
وأن هذا الجرار هو الذى تسبب فى قتل ٢٢ من الأبرياء وإصابات لآخرين بحروق متعددة.. إن هذه الكارثة المروعة تقتضى من الدولة استخدام كل الإجراءات لمعاقبة المتسببين ومن ورائهم ومن تركهم أيضًا فى هذه المواقع الحساسة أولًا ثم يأتى بعد ذلك التدريب والتعليم.. لا بد أن يكون القصاص سريعًا ورادعًا حتى لا تتكرر هذه الجرائم المفزعة التى أدمت قلوبنا جميعا.. مع خالص عزائى لشهداء الحادث الأليم ودعواتى بشفاء المصابين.
ولعل القصاص السريع والنافذ يثلج قلب أسرهم وأهل مصر المخلصين.. نحن فى حاجة إلى قرارات شجاعة لتنفيذ الردع والقصاص السريع، وأن تكون يد الدولة القوية واضحة لكل من تسوّل له نفسه أن يكرر هذه الجرائم الرهيبة التى يرفضها المصريون شكلًا وموضوعًا.