رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تورجيت أوغلو: شعبنا يحب مصر.. ونجاح قمة شرم الشيخ «جن جنون» أردوغان

جريدة الدستور

أرجع المعارض التركى تورجيت أوغلو، المدير الإقليمى لصحيفة «زمان» التركية، التصريحات العدائية الصادرة عن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ضد مصر إلى نجاح القمة العربية الأوروبية، التى اختتمت فعالياتها فى مدينة شرم الشيخ مؤخرًا، خاصة أنها مثلت دليلًا على فشل تقاربه مع الدول الغربية، وحالة السخط الدولى الكبيرة على سياساته الداخلية.

وقال «أوغلو»، فى حواره مع «الدستور»، إن «أردوغان» كان يستند فى هجومه على مصر خلال السنوات الأخيرة إلى ضعف التمثيل المصرى على المستوى الدولى، لكنه عندما شاهد قادة أوروبا والعالم فى شرم الشيخ والدعم الأوروبى والأمريكى لمصر خرج مثل المجنون يتحدث عنها.

وتطرق المعارض التركى إلى الأوضاع الداخلية فى بلاده، من اعتقال للمعارضين وإضعاف للجيش، ومصادرة للمؤسسات التعليمية، وفصل الموظفين تعسفيًا.. وإلى نص الحوار:


■ ما تفسيرك للتصريحات الهجومية للرئيس التركى أردوغان ضد مصر ؟
- عندما وجد «أردوغان» القادة الأوروبيين والعرب والأفارفة فى شرم الشيخ، للمشاركة فى القمة العربية الأوروبية، جن جنونه، خاصة بعدما فشل فى التقارب مع الدول الغربية، بجانب حالة السخط الدولى الكبيرة ضد سياساته الداخلية، ومحاولات عزله مثل قطر، فهو يعرف الآن أنه أصبح «منبوذًا» من العالم.
كما أنه حاول السنة الماضية أن يجعل من المملكة العربية السعودية حليفًا له، لكنه فشل فى ذلك، لذا عمل ضد رباعى المقاطعة العربية، وعلى رأسه مصر، باعتبارها أساس الاستقرار فى الشرق الأوسط.
لذلك صدرت منه مثل هذه التصريحات ضد مصر وحقوق الإنسان فيها، رغم ارتكابه جرائم كثيرة بحق الصحفيين والمعارضين الأتراك، وهو ما دفعه للحديث عن حقوق الإنسان فى الخارج لإبعاد الأنظار عن تلك الجرائم.
■ هل يعنى ذلك أن القمة العربية الأوروبية هى السبب الرئيسى فى تصريحاته تلك؟
- القمة العربية الأوروبية كان لها مردود إيجابى واسع على المستويين السياسى والاقتصادى، ومثلت رسالة مهمة، مفادها أن مصر هى بوابة العرب وإفريقيا، وأن سلام واستقرار المنطقة يبدأ منها، وهى الحقيقة التى استقرت فى وجدان الدول الأوروبية فى الوقت الحالى.
و«أردوغان» كان يستند فى هجومه على مصر خلال السنوات الأخيرة إلى ضعف التمثيل المصرى على المستوى الدولى، وذلك بمساعدة قطر، لكنه عندما شاهد قادة أوروبا والعالم فى شرم الشيخ، وذلك الدعم الأوروبى والأمريكى لمصر خرج مثل المجنون يتحدث عنها.
واعتبر أن تصريحاته ضد مصر مؤشر إيجابى على نجاح القمة العربية الأوروبية، وزيف اعتقاده بأنه «الحاكم الناهى» فى منطقة الشرق الأوسط، فبانعقاد القمة ونجاحها انتهت أسطورة «أردوغان» بالكامل، وأصبح بلا داعم، ولا يحظى بأى اهتمام من أوروبا، التى غيرت من موقفها تجاه سياساته وأصبحت معارضة لها بقوة.
■ هل تتوقع استمرار سياسة «أردوغان» العدائية ضد مصر؟
- بالتأكيد، لأن «أردوغان» لا يحب أن يرى مصر متقدمة، بسبب قربه الواضح من جماعة الإخوان الإرهابية، وكونه يعتبر مصر دائمًا محل عداء بعد خسارته الشريك الأكبر فى المنطقة، المعزول محمد مرسى ونظامه، الذى كان يستفيد منه اقتصاديًا وسياسيًا.
كما أن «أردوغان» منزعج جدًا من ترسيم الحدود المصرية مع قبرص واليونان، لأنه لو كان «مرسى» و«الإخوان» ظلا فى الحكم لتحولت معظم حقول غاز البحر المتوسط لصالح تركيا، ليستفيد منها هو ونظامه، لكن الرئيس السيسى أحبط هذه المؤامرات.
■ ماذا عن الدور القطرى ضد مصر؟
- الدور القطرى فى تشويه مصر واضح تمامًا للجميع، فهناك العديد من القنوات الموالية لجماعة الإخوان على الأراضى التركية، والتى تريد تشويه صورة مصر فى الخارج، وتمويلها الرئيسى من قطر.
وقطر وتركيا تمولان كذلك منظمات حقوقية لتشويه صورة مصر، كما أنهما حاولا مرارًا الوقيعة بين مصر والسعودية، لكن ما تحقق حتى الآن عكس ذلك تمامًا.
■ هل يمكن لـ«أردوغان» التخلى يومًا عن «الإخوان»؟
- لا أتوقع أن يتخلى «أردوغان» عن تلك الجماعة الإرهابية، فهو يستفيد منهما سياسيًا واقتصاديًا، وفى ثبيت أركان حكمه.
■ بعيدًا عن نظام «أردوغان».. كيف ينظر الشعب التركى إلى حكم الرئيس السيسى؟
- الشعب التركى يحب نظيره المصرى، وهو ما يتضح عندما يزور الأتراك المناطق السياحية المصرية، فيتم استقبالهم بالورود فى مطارات «أم الدنيا»، وهو ما حدث قبل أسابيع مع بعض المواطنين الأتراك عند زيارتهم شرم الشيخ.
الشعب التركى يحب مصر والقيادة المصرية، وأتذكر أن المذيع الإخوانى محمد ناصر فى قناة «مكملين» صور تقريرًا من الشارع التركى «مباشرًا»، فقالت مواطنة تركية: «السيسى زعيم عربى وقائد ملهم لنا»، وهو ما فاجأ «ناصر»، الذى حاول إنهاء الحديث معها.
فى المقابل، الشعب المصرى يحب تركيا، وعندما يحدث أى شىء فى تركيا تكون مصر هى الدولة الأولى المرحبة بالأتراك على أراضيها.
■ ننتقل إلى الأوضاع الداخلية فى تركيا.. ما تقييمك لأوضاع الحريات فى بلدك؟
- لا توجد أى حريات فى تركيا، فهناك ما يقرب من ١٧٥ صحفيًا معتقلًا فى سجون «أردوغان»، فى سابقة هى الأولى من نوعها فى العالم، بالإضافة إلى ما يزيد على ٧٠ ألف مُعتقل سياسى، فضلًا عن فصل أكثر من ١٣٠ ألف موظف تعسفيًا من وظائفهم، ومصادرة أكثر من ٣٠٠٠ جامعة ومدرسة ومؤسسة تعليمية، بجانب الحكم بإدانة ٢٧ أكاديميًا تركيًا بسبب توقيعهم عريضة فى عام ٢٠١٦ تدعو لإنهاء النزاع المُستمر لمدة ٣٠ عامًا بين الدولة التركية والأكراد.
و«أردوغان» أيضًا هو المسئول الأول عن الخراب فى «عفرين» السورية، ودعم عدة جماعات إرهابية فى شمال سوريا، وبصفة عامة هو رجل يكذب كما يتحدث.
■ ماذا عن الأوضاع الاقتصادية؟
- الأوضاع الاقتصادية فى تركيا متدنية للغاية، والمتابعون للشأن التركى شاهدوا عربات الخضار والبصل فى الشوارع، بما يعكس عدم قدرة الحزب الحاكم فى تركيا على توفير الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها السلع الغذائية للمواطنين.
وارتفعت كذلك نسب البطالة، ووصلت معدلات التضخم إلى ما يقرب من ٢٠٪، بجانب تراجع احتياطى النقد الأجنبى، وهو ما يرجعه مواطنون أتراك إلى السياسة الخارجية الخاطئة لـ«أردوغان» وإنفاقه الكثير من الأموال عليها.
■ لكنه رد على ذلك بما سماه «الحرب الاقتصادية» التى تتعرض لها تركيا.. ما تعليقك؟
- كل ذلك «مبررات» من جانب «أردوغان» حتى يتفادى السخط الشعبى على سياساته، وخوفًا من خروج الشعب عليه مرة أخرى، وهو ما يدفعه لاعتقال الآلاف من المواطنين، ومنع رموز المعارضة من السفر إلى الخارج حتى يكونوا تحت عينيه، وحتى من تضامن معه فى الانتخابات منهم يوضع تحت إقامة جبرية.
■ كيف رأيت عزله عددًا كبيرًا من الضباط.. وهل يؤثر ذلك على قوة الجيش التركى؟
- بالتأكيد، التاثير السلبى للعزل على الجيش كبير جدًا، خاصة أن هذه القرارات طالت، بعد «مسرحية الانقلاب»، ما يقرب من ٥٠ ألفًا فى الجيش والشرطة، معظمهم من كبار الضباط، ما أدى إلى تراجع كبير فى قوة الجيش التركى عالميًا، بجانب خلق عجز فى أعداد الطيارين الأتراك.
وأصبح الجيش التركى فى الوقت الحالى يفتقد إلى وجود خطط دفاعية، وأداؤه ضعيف جدًا بالنسبة لباقى جيوش المنطقة، وتنقصة الخبرة والتوجيه، وذلك بعد عزل ١٠٠٠ قائد للأفرع الرئيسية.
أما الشرطة فأصبحت خاضعة تمامًا لسلطة «أردوغان» المستبدة، بعد عزل قادتها، وأصبحت تمارس تضييقًا أمنيًا على المواطنين، فضلًا عن إقدامه على إدخال نحو ٥٠ ألفًا من المنتمين إلى «الإسلام السياسى» لهذا الجهاز الأمنى، رغم عدم امتلاكهم أى خبرة فى مجال الأمن.
■ ماذا عن أوضاع السجون فى تركيا؟
- هناك سوء معاملة لعدد كبير من الضباط فى هذه السجون، والتى شهدت مقتل نحو ١٥٢ سجينًا بسبب التعذيب فى أعقاب «مسرحية الانقلاب»، ومن بينهم مديرو شرطة وقضاة. وفى ٢٠١٦ قُتل ضابط كبير فى الجيش داخل السجن وقالوا إنه انتحر، وذلك لأنه يعرف الكثير عن حزب «العدالة والتنمية»، وفساد «أردوغان»، كما أن عدد الأطفال الذين ألقى القبض عليهم وسجنهم بلغ نحو ٧٤٧ طفلًا، بجانب ١٨ ألف سيدة بسبب رفضهن وجود «أردوغان» فى الحكم.
■ لماذا أغلق «أردوغان» بعض المؤسسات التعليمية؟
- أغلق ١٥ جامعة و٥٠٠ مؤسسة تعليمية حاصلة على المراكز الأولى فى تصنيفات عالمية للتعليم، وذلك لأن قيادات وطلاب هذه المؤسسات يعارضون «الإسلام السياسى».
■ هل كان للصحفيين نصيب من حالة القمع تلك؟
- بالطبع، وأنا أعرف عددًا كبيرًا من الصحفيين الأتراك فى السجون، ومنهم مدير جريدة «زمان» فى إسطنبول، بجانب «عائشة نور»، وهى كاتبة كشفت فساد «أردوغان» وحكومته، فحكم عليها بـ«المؤبد»، حتى إننا يمكننا القول بكل أريحية: «تركيا أصبحت مقبرة للصحفيين».
■ قلت إن الأتراك يرجعون سوء الأوضاع الداخلية إلى سياسات «أردوغان» خارج البلاد.. فى رأيك ما الذى تطمح إليه وتطمع فيه هذه السياسات؟
- «أردوغان» يرى أنه الأولى بمقدرات الشعوب العربية وحُكم المنطقة، لذا يعمل على نشر الفتنة فى المنطقة العربية، بجانب تمويل الجماعات الإرهابية، فهو كان ينوى الاستحواذ على محافظتى «كركوك» و«الموصل» فى العراق، وضمهما إلى السيادة التركية، لاحتوائهما على عدد كبير من المواطنين الأتراك، وذلك باتفاق مع دول غربية.
وخطط للسيطرة على «كركوك» تحديدًا، بجانب مناطق فى شمال سوريا، للسيطرة على الغاز هناك، مثلما فعل فى تركستان، ويحاول فى منطقة شرق البحر المتوسط، بناءً على الاتفاقية الموقعة بين إنجلترا والدولة العثمانية منذ ١٠٠ سنة.
■ ما حقيقة علاقته الوثيقة بالجماعات المسلحة فى سوريا؟
- «أردوغان» - كما قلت- دائمًا ما يسعى للسيطرة على موارد البلاد العربية، لذا دعم «الحوثيين» فى اليمن للسيطرة على ثروات البلد، وأراد السيطرة على نفط العراق، وكانت له مطامع كبيرة فى سوريا، حتى يتمكن من تثبيت أقدامه هناك والقضاء على الجيش السورى. ولتحقيق هدفه الأخير هذا، دعم بعض الجماعات المسلحة فى المنطقة، مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«الجيش الحر» التابع للمعارضة السورية، ويقدم لها أسلحة بشكل دورى، لأنه يخشى استقرار سوريا مرة أخرى، حتى لا يقوم عليه الشعب ويعزله، فاستقرار سوريا يعنى سقوط «أردوغان»، لأنه يضحك على شعبه، ويزعم بأن وجوده يحميهم من التطرف والإرهاب فى سوريا، كما أنه دعم «حزب الله» فى لبنان وأسهم فى زعزعة استقرار البلاد، وفعل الأمر ذاته فى البحرين والكويت والمغرب.
■ ما أدلة تعاونه مع «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية؟
- هناك العديد من الخطابات السرية المتبادلة بين «داعش» و«أردوغان»، تم الكشف عنها أمام بعض المحاكم التركية، وعدة صحف تركية أشارت إلى «صفقات» فى وضح النهار بين الجيش التركى وعناصر «داعش»، وتورط فى ذلك العديد من قيادات النظام، بجانب أعضاء فى البرلمان التركى، كما أن هناك جمعيات خيرية تتبع الرئيس التركى متهمة بتقديم دعم مالى لـ«داعش»، وسبق أن أدانت محكمة تركية «أردوغان» بتلك الجرائم.
■ وكيف ترى محاولات توسعه فى إفريقيا خلال الفترة الماضية؟
- «أردوغان» لا يتوجه إلى مكان إلا للحصول على مصلحة ما، وبعد فشل مخططاته فى الشرق الأوسط، وفقده حلفاءه من جماعة الإخوان الإرهابية، أراد أن تكون له قوة فى إفريقيا تمثل عامل ضغط على مصر، خاصة فى ظل ترؤس القاهرة الاتحاد الإفريقى، والتفاف القادة الأفارقة حول الرئيس عبدالفتاح السيسى.
كما أن الرئيس السيسى أعلن أن أولويته خلال رئاسة مصر هى «إسكات البنادق» وإنهاء النزاعات المسلحة فى القارة السمراء، وحقق بالفعل تقدمًا إيجابيًا فى عملية السلام بمناطق إفريقية، وهو ما يتعارض مع استفادة «أردوغان» من تجارة السلاح.
ومن الأسباب الأخرى التى دفعته إلى التوجه للقارة الإفريقية، عدم اهتمام الدول الأوروبية وقادتها به، فحاول أن يكون له تأثير على بعض الدول الإفريقية تحت مسمى التعاون الاقتصادى والاستثمار، ليقنع القادة الأوروبيين فى نهاية المطاف بأن تأثيره ما زال موجودًا.
وأشير هنا إلى وجود مدارس فى إفريقيا للمعارض التركى فتح الله جولن، دفع «أردوغان» قرابة ٣٠٠ مليون دولار لغلقها.
ما تفسيرك لهجوم أردوغان على الصحفيين الأجانب؟
- حكومة حزب «العدالة والتنمية» تريد منع أى تغطية إعلامية غير الصحفيين الموالين لمخابراتها الداخلية، حتى لا تُفضح جرائم «أردوغان»، لذا يتم تضييق الخناق على الصحفيين الأجانب وسجنهم، وقد شاهدنا مؤخرًا امتناع السلطات التركية عن تجديد تصريح عمل هيئة الإذاعة الألمانية «NRD»، ومكاتب بعض الوكالات الأخرى، لنقلها حقيقة الأوضاع فى تركيا.