رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مكان.. "مقام" سلطان العاشقين الولي الذي أسره الحب (فيديو)

مقام عُمر بن الفارض
مقام عُمر بن الفارض

حين تذهب إلى هناك ابتسم للحنين الذي يفيض من هذا المكان، أنت في حضرة الحب، بجوار سلطان العاشقين، وبمجرد أن تخطو داخل حرم ضريحه تشعر بأنك أمام طاقة حب كبيرة، وكأن صاحب المكان لم يمت منذ مئات السنين، وروحه لم تذهب إلى السماء وبقيت هنا تُشهد الجميع على قصة حب بطلتها مجهولة، لم يعرف أحد من هي لكن الجميع رآها بين سطور ثلاثين ألف بيت شعر كتبها في حب الله وفي حبها وكأنه وضعها في قلبه بعد الله وبعد الدين.

صاحب المقام هو عُمر بن الفارض، أحد أشهر الشعراء العرب، ولد عام 576 هجريًا وتعلم الفقه وكان أحد التابعين للإمام الشافعي، وبعد أن تعلم الفقه علمه للناس واشتهر بين الجميع بأنه رجل تقي زاهد في الحياة، يتعبد ليل ونهار، إلى أن جاء اليوم الذي دق فيه قلبه قأصابته لعنة الحب.

وبعد أن كان وجهه دائمًا مبتسم أصبح شارد يفكر في تلك التي أحبها ولا يستطيع أن يطالها لأسباب سياسية خاصة بهذا الزمن، فأعتزل الناس ثلاث سنوات وكان يتعبد وحده في مكان قرب جبل المقطم، وذات ليلة حلم بشيخ يقول له لن يفتح الله عليك إلا في مدينة الرسول، فنوى أن يسافر لعل في سفر شفاء قلبه المصاب بلعنة الحب.

حزم أمتعته وقد ودعه الجميع ظنًا منهم أنه مُسافر لأداء فريضة الحج وسيعود كما يفعل جميع حجاج بيت الله الحرام، لكنه لم يعود، وظل هناك يحث وجد في القرب من الحبيب المصطفى شفاء ومسكن لآلام عدم القرب من حبيبته، فمكث في المدينة خمسة عشر عام، يتعبد ويكلم الأوراق علها تفهمه وتخلد أوجاعه التي عاشها وحده لسنوات.

وبعد كل تلك السنوات من الغربة حن إلى الرجوع لوطنه وإلى تلامذته الذين لم يكفوا عن البحث عنه وإرسال المراسيل المحملة بالأشواق إليه، وعندما وصل إلى مصر قرر استكمال عزلته بعيدًا عن الناس، لكنهم لم يتركوه وحده بسبب حبهم له فأخذ يقرأ عليهم أشعاره، ويعلمهم الشعر وعندما مات دُفن في مقامة في الأبجية وظلت أسطورته خالده بخلود أشعاره ومقامة.