رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أطفال ديجيتال.. «الجارديان» تحذر من تطبيقات رعاية حديثى الولادة: «تُحولهم إلى أجهزة»

جريدة الدستور

حذّرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، من أجهزة التتبع والتطبيقات التى تستخدم فى الاهتمام بالأطفال حديثى الولادة، مثل الجوارب الإلكترونية، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن تلك المنتجات توفر معلومات حول صحة الطفل، إلا أنها قد تحوّله مع الوقت إلى جهاز يتم التحكم به إلكترونيًا، وهو ما أطلقت عليه «رقمنة الأطفال».
ووفقًا للصحيفة، فإن شركات التكنولوجيا تنتهز اهتمام وحرص الآباء والأمهات على أطفالهم لتسويق منتجاتها، منتهزة العاطفة القوية للوالدين تجاه الأبناء.
تقول مديرة إحدى شركات التكنولوجيا، سوزان راوبيرجر، للصحيفة، إن تلك المنتجات توفر الطمأنينة وراحة البال للوالدين، موضحة: «من بين المعروضات هذا العام جهاز (Bluebell)، ويتكون من شاشة مقاومة للماء، تم تطويرها من قبل اثنين من مستشارى إدارة الرعاية الصحية السابقين، وهى تنقل معلومات، مثل درجة حرارة الطفل، ومعدل ضربات قلبه، إلى شاشة صغيرة يرتديها أحد الوالدين فى معصمه، وتنبّه مرتديها إذا انخفض معدل تنفس الطفل، أو إذا كان يتدحرج إلى الأمام».
وحسب الصحيفة، فمن ضمن تلك الأجهزة التكنولوجية، التى تساعد فى تتبع الأطفال، جورب يقيس درجة حرارة الجسم ومعدلات ضربات القلب والأكسجين والحركة، ويستخدمه نجوم هوليوود لتتبع أطفالهم، وأكدت الصحيفة: «هذا ما أشارت إليه الممثلة جيسيكا ألبا، التى قالت إنها قبل أن تشترى الجورب الإلكترونى لطفلها كانت تهتم بالاستماع إلى تنفسه فى كل ساعة، ولكن الآن يمكنها فعل ذلك عن طريق معلومات يوفرها الجورب».
وبخلاف الجوارب التى تسجل معدّل ضربات القلب، وأسرّة الأطفال التى تحاكى الرحم، تم إطلاق الكثير من التطبيقات على الهواتف الذكية، منها تطبيق «الرضاعة الطبيعية وتتبع الطفل»، الذى أُطلق عليه «Feed Feed»، وأيضًا تطبيق «Penguin Apps»، الذى تم تنزيله أكثر من مليون مرة.
وتقول أم بريطانية، تدعى «أويفا»، إنها نزّلت تطبيقات على هاتفها المحمول قبل أسابيع قليلة من ولادة ابنتها «جينى»، مؤكدة: «هذه التكنولوجيا تجعل كل شىء عن تربية الطفل معروفًا، ومن خلالها أعرف متى يمشى الطفل، ومتى تنبت له أسنان، ومتى يتحدث»، ولكن تصف «الجارديان» هذه التجربة بأنها إكراه للطفل على التعامل مع التكنولوجيا الرقمية، فالطفلة «جينى» لا تزال رضيعة، وليس لديها فكرة عما هو الهاتف، ورغم أنها طفلة، يتم إجراء أكثر من مليون ارتباط عصبى فى دماغها كل ثانية، رغمًا عنها.
وتوضح الصحيفة تأثير هذه التطبيقات والمنتجات على علاقة الأم بطفلها، مؤكدة أن طفلة مثل «جينى» لن تعرف رائحة أمها، ولن تمسك بإصبعها، وستفتقد للكثير من الأحاسيس الطبيعية.
وتابعت: «الطفلة جينى مثل فأر التجارب، ووالدتها تُخضعها للكثير من البيانات الإلكترونية، وستتجرد الأم مع الوقت من أحاسيس التربية، وستُفقدها تلك التكنولوجيا متعة التجربة والخطأ».
وتشرح الأم «أويفا»: «تتبعتُ ابنتى منذ موعد ولادتها، وعرفت معلومات عن مواعيد الرضاعة، والوقت المناسب لإطعام الطفل أول وجبة، والكمية المناسبة التى يجب الالتزام بها، وأتابع كذلك حالة الحفاضات، ووقت النوم»، وتابعت: «إن كانت جينى مريضة، أعرف الدواء المناسب، وطولها ووزنها.. كل ذلك من خلال هاتفى المحمول».
وأكملت: «كنت أستخدم تلك التطبيقات حتى لا يصيبنى القلق على ابنتى، ولكن اكتشفت أن مستوى المعلومات الذى تعطينى إياه تلك التطبيقات يجعلنى أكثر قلقًا، وبمجرد أن توقفت عن استخدامها، زادت ثقتى فى قدراتى على تربية الأبناء بشكل صحيح، وتخلصت من التطبيقات بالفعل، وأصبحت أطعم ابنتى دون معلومات أو بيانات»، مضيفة: «وأنا أُطعمها تبحث فى وجهى، وتبتسم، ولو كنت مقيدة بهاتفى وبالتطبيقات عليه، فسأفقد متعة النظر إلى ابتسامتها».
من جهتها، تقول إميلى تشيفرز يوشيم، من العلماء المشاركين فى دراسة عن استخدام الهاتف فى تربية الأطفال، حملت عنوان «Mothering Through Precarity»: «نحن فى موجة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية واسعة النطاق، تصبح فيها الدولة مهتمة عن رفاهية الشركات، ولا تهتم برفاهية مواطنيها، والنتيجة هى أن الشركات تستغل قلق الأمهات لبيع منتجاتها».
وأضافت: «كانت الأمهات يستعِن بمواقع مثل (جوجل) و(فيسبوك) للحصول على إجابات عن أسئلة مثل (هل أطعم الطفل بشكل صحيح؟) أو عن أى شىء متعلق بصحته أو غيرها، وتحولن بشكل مفاجئ إلى التطبيقات، وأصبحت الإلكترونيات تدخل فى الحياة بشكل أكبر حتى فى تربية الأطفال».
وحسب التقرير، هناك تخوفات من أن تقل قدرة الوالدين على تربية الأبناء، فلن تعرف الأم كيف تتعامل مع رضيعها دون الاستعانة بالإلكترونيات، والحقيقة أن عليها التعامل كأم فقط.. بغريزتها، وليس هناك شك فى أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تكون مفيدة فى إنقاذ الحياة، ولكنها ليست مفيدة فى توطيد المشاعر بين الأم والأبناء، ويجب أيضًا أن تكون الأم مدركة تمامًا الطريقة التى صُممت بها الثقافة الرقمية، فهى تستهدف إبقاء الأشخاص مقيدين طوال الوقت.