رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دواعش أوروبا وشياطينها!


فصول من «سيرة التنكيت السياسى فى مصر»، يحكيها صديقنا وزميلنا طايع الديب، فى كتابه «جمهورية الضحك الأولى»، صدر منذ أسابيع عن دار «بتانة»، وتصدر قوائم الكتب الأعلى مبيعًا فى الدورة السابقة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وكنا سنتناوله، اليوم، لولا أن عددًا من النكات الأوروبية والأمريكية، منعنا من ذلك.
النكات، فجرتها مطالبة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للدول الأوروبية باستعادة مقاتلى داعش الذين تم اعتقالهم فى سوريا وتقديمهم للمحاكمة. وكنا قد توقعنا، فى مقال أمس، أن يظل الإرهابيون مشردين، بلا مأوى، حتى يذهبوا إلى الجحيم، إما بفعل الجوع والمرض، أو بقذيفة من قوات الدول التى صنعتهم وظلت تستعملهم، حتى اضطرت إلى غسل أيديها منهم. غير أن دولًا أوروبية فاجأتنا باقتراحات أخرى لم نر مثيلًا بين النكات الكثيرة، المصرية والأجنبية، التى استعرضها «طايع» وقام بتحليلها فى كتابه المشار إليه.
متحدثة باسم «السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية»، قالت، فى تصريحات: إن الاتحاد الأوروبى يدرس مجموعة من المقترحات تتعلق بخطوات تساعد الدول الأوروبية على التعامل مع ملف عودة المقاتلين الأجانب الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية فى سوريا. وأوضحت أن تلك المقترحات ستوضع على الطاولة للنقاش، و«تتضمن مجموعة من الإجراءات للتعامل مع هذا الملف، ولكن يبقى لكل دولة عضو فى الاتحاد الحرية فى التعامل مع هذه الخطوات وفقًا لرؤيتها وظروفها». وبظهور مبادرة تدعو إلى محاكمة دولية لمقاتلى «داعش» الأوروبيين المحتجزين فى سوريا والعراق، ظهر هذا السؤال الصعب: أين ستتم محاكمة هؤلاء، فى الدولة التى يحملون جنسيتها، أم فى تلك التى ارتكبوا فيه جرائمهم؟
هذا السؤال كان المحور الرئيسى لاجتماع مجلس الأمن القومى البلجيكى، الذى انعقد الخميس، برئاسة شارل ميشيل، رئيس الوزراء. وبعد لف ودوران، وكلام كبير «العدالة الدولية» نقلته وسائل الإعلام البلجيكية عن المتحدث الرسمى باسم حكومة بروكسل، قال الرجل بوضوح: إن «الهدف هو احتجاز المقاتلين الأجانب فى مخيمات بمناطق الصراعات فى سوريا والعراق»، مضيفًا أن الاجتماع الذى شارك فيه وزيرا الدفاع والداخلية والقيادات المخابراتية والأمنية، طالب الأجهزة الأمنية بجمع المعلومات حول مقاتلى «داعش» الذين يحملون الجنسية البلجيكية، وتكثيف الاتصالات بين الأجهزة الأمنية على الصعيدين الأوروبى والدولى لتبادل المعلومات. ويمكنك أن تضيف إلى تلك النكتة، تصريحات وزير الخارجية النمساوية على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى، التى أكدت فيها «عدم وجود رد أوروبى موحد على المطلب الأمريكى».
النكتة الأكثر إضحاكًا، أن الرئيس الأمريكى، نفسه، فعل عكس ما طالب به الأوروبيون، وأمر وزير خارجيته بعدم السماح بعودة «داعشية» مولودة فى ولاية نيوجيرسى من سجنها فى شمال شرق سوريا. كما أصدر وزير داخلية بريطانيا قرارًا بتجريد أخرى من الجنسية البريطانية التى لا تحمل غيرها، مخالفًا بذلك معاهدة نيويورك التى جعلت حق إسقاط الجنسية عن أى شخص مشروطًا بألا يجعله ذلك بدون الجنسية. ولا مانع هنا من تكرار الإشارة إلى ما سبق أن أعلنه بريت ماكجورك، المبعوث الأمريكى للتحالف ضد «داعش»، بأن مهمته الأساسية ضمان مقتل كل مقاتلى التنظيم الأجانب. وكذا تصريحات وزير الدولة البريطانى لشئون التنمية الدولية، التى شدد فيها على أن القتل هو طريقة التعامل الوحيدة مع البريطانيين الذين انضموا لتنظيم «داعش»، لأن ولاءهم لم يعد لبريطانيا.
بالتزامن مع تلك النكات، كان ماركو بوسيتى، وزير التعليم الإيطالى، يجلس فوق السحاب، ويعلن عن تنظيم دورات تدريبية لتأهيل أساتذة المدارس على طرد الشياطين والأرواح الشريرة التى تسيطر على التلاميذ وتتحكم فيهم. وطبقًا لما ذكرته جريدة الـ«ديلى ميل» البريطانية، فإن أكثر من ٢٠٠ مدرس أيدوا تلك الخطوة، فى حين قابلها آخرون بانتقادات شديدة، ووصفوها بأنها خطوة رجعية إلى القرون الوسطى، وأكدوا أن البلاد تواجه مشكلات أكثر أهمية من «هاجس الشياطين». وردًا على هذه الانتقادات، أعلنت وزارة التعليم الإيطالية، أنها ستقوم على الأرجح، بإزالة صفحة التعريف بالدورات، من موقعها الإلكترونى، لكن الدورات نفسها، لن تتوقف!.
وتبقى الإشارة إلى أن هذه النكات، لن تمنعنا من لفت نظر حلفاء وأصدقاء الإرهابيين، ومركوبيهم، إلى أن ٣٨٠٠ جثة، تم اكتشافها فى مقابر جماعية بقرية واحدة على مشارف مدينة الرقة السورية. كما لن تمنعنا أيضًا من أن ننقل، عن كتاب طايع الديب، نكتة انتشرت فى عصر «الرايخ الثالث» تقول: إن جنديًا ألمانيًا، أصيب فى معارك الحرب العالمية الثانية، وبينما كان يصارع الموت فى المستشفى الميدانى، سأله قائده عن وصيته، فطلب منه الجندى أن يضع على يمينه صورة «الفوهرر هتلر» وعلى يساره صورة «الهر جوبلز»، لأنه يريد أن تنتهى حياته، كالمسيح، مصلوبًا بين لصَّيْن!.