رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكافحة الإرهاب.. "حرب مقدسة" على الأفارقة مواصلتها لضمان مستقبل أفضل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تشكل مكافحة الإرهاب قاسما مشتركا بين الجهود الوطنية التي تبذلها الحكومات الأفريقية على أصعدة سياساتها الداخلية والخارجية، وهى بذلك تعد حربا مقدسة أعلنتها القارة السمراء يتعين مواصلتها حتى القضاء المبرم على الإرهاب بمنظماته وأفكاره ومموليه وضمان مستقبل أفضل لشعوب القارة.

فعلى مدار العام الماضى 2018، شهدت 13 دولة أفريقية هجمات وعمليات منتظمة للإرهابيين من تلك المنظمات وهو ما نتج عنه سقوط 9347 قتيلا فى العام 2018، وبرغم ذلك جاءت محصلة القتلى خلاله أقل بنسبة 12 % عن العام 2017 وأقل بنسبة 50 % عن ذروة العمل الإرهابى فى أفريقيا خلال العام 2015 والذي خلف 18 ألفا و728 قتيلا، وفقا لإحصاءات منشورة في هذا الصدد.

ويشير معدل تراجع قتلى عمليات الإرهاب إلى تراجع نسبته 35 % فى معدل القتلى من ضحايا عمليات حركة بوكو حرام، وتراجع نسبته 15 % فى معدل القتلى جراء عمليات حركة الشباب،وإلى نسبة 21 فى المائة من القتلى من ضحايا عمليات تنظيم داعش الإرهابي خلال العام الماضى وبرغم ذلك فإن الخطر لا يزال قائما.

ولم يكن غريبا أن تؤكد مصر عند استلام رئاستها للاتحاد الأفريقى فى العاشر من الشهر الجاري أن مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف فى القارة ستكون على رأس أولويات أجندة العمل المصرية فى أفريقيا، فكما أخذت مصر على عاتقها مسئولية دعم حركات التحرر الافريقي من الاستعمار قبل عقود، تحمل مصر على عاتقها اليوم مسئولية تحرير إرادة الإنسان الأفريقي من الخوف والتهديد الناتج عن أنشطة الحركات الإرهابية المتطرفة، ويعكس هذا التوجه كذلك قناعة مصر بأن حماية الأوطان وتحصينها ضد التطرف والإرهاب هو السبيل لبناء الإنسان الإفريقي القادر على حمل مسئولية تحقيق التقدم وبناء المستقبل.

وبحسب تقرير صادر عن المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية التابع لمفوضية الاتحاد الإفريقي، فقد شهد عام 2018 موجات متباينة من النجاحات والإخفاقات على هذا الصعيد، ففى الوقت الذى تراجعت فيه وطأة الهجمات الإرهابية لمنظمات مثل بوكو حرام في غرب أفريقيا وحركة الشباب الصومالية فى شرقها خلال العام الماضى، شهد العام نفسه صعودا فى أنشطة الجماعات الإرهابية فى منطقة الساحل والصحراء، ويتركز نشاط المنظمات الإرهابية فى أفريقيا فى أربع مناطق رئيسية تعد مسارح عمليات مكافحة الإرهاب على مستوى القارة، وهى منطقة الصومال، ومنطقة حوض نهر تشاد، ومنطقة الساحل التى تشمل وسط مالي وتخومها على المناطق الحدودية، بالإضافة إلى منطقة الشمال الأفريقى الذى يعد مسرحا نشطا لعمليات مكافحة الإرهاب.

كما شهد العام 2018 تراجعا نسبته 25 % في عدد العمليات المنفذة بمعرفة عناصر حركة بوكو حرام الإرهابية اذ لم تنفذ الحركة سوى 444 هجوما خلاله مقابل 595 هجوما نفذته بوكو حرام خلال العام 2017، وفي المقابل شهد العام الماضي زيادة بأكثر من ثلاثة أضعاف العام 2017 فى معدل الهجمات الإرهابية المنفذة بواسطة الفصائل الإرهابية الخارجة من تحت عباءة تنظيم داعش فى غرب أفريقيا، إذ نفذت تلك الفصائل الإرهابية 83 عملية خلال العام الماضى مقابل 27 عملية نفذتها خلال العام 2017، وكذلك ارتفع عدد القتلى جراء تلك العمليات بنسبة 58 % خلال العام المنصرم الى 687 قتيلا، مقارنة مع 2052 قتيلا سقطوا جراء هجمات إرهابية نفذتها "بوكو حرام" خلال العام ذاته.

تجدر الإشارة إلى أن تنظيم داعش كان قد خرج قبل عامين من رحم حركة بوكو حرام التي تعد الحركة الإرهابية الأم فى غربى القارة.

وانخفض معدل تنفيذ الهجمات بواسطة حركة الشباب الصومالية المتطرفة خلال العام الماضى بنسبة 7 % مقارنة بالعام 2017، وبرغم ذلك بلغ إجمالي الهجمات التي قامت بها عناصر حركة الشباب فى شرق أفريقيا ما يعادل ثلاثة أضعاف ما نفذته بوكو حرام فى غرب أفريقيا خلال العام الماضي، وبذلك يرى خبراء الأمن ومكافحة الإرهاب فى الاتحاد الأفريقى ان حركة الشباب الصومالية تعد ثانى أخطر منظمة إرهابية بعد بوكو حرام على الأرض الإفريقية وهو ما تؤكده أعداد الهجمات الإرهابية المنفذة بمعرفة الحركة خلال العام الماضي.

ويرتبط الإرهاب فى أفريقيا بالفقر، فحيثما ارتفعت مستويات الفقر فى أفريقيا تتكون التربة الخصبة لنمو الأفكار الإرهابية بين السكان المحليين، فضلا عن ذلك يعد الفقر والإرهاب من العوامل المسببة لظاهرة ارتفاع معدلات هجرة الأفارقة بطرق غير مشروعة إلى خارج القارة من 3ر24 مليون أفريقي فى العام 2005 لتصل الى 6ر32 مليون أفريقي فى العام 2015.

وتعد الصومال وإقليم الساحل والصحراء في أفريقيا من أشد مناطق القارة فقرا، ومن ثم أعلاها نشاطا للتنظيمات الإرهابية ذات الفكر المتطرف، وبحسب رصد وقائع الإرهاب فى أفريقيا خلال العام الماضى، كانت حركة الشباب الصومالية مسئولة عن نسبة 42 % من إجمالي قتلى ضحايا العمليات الإرهابية التى شهدتها القارة خلال العام الماضي، فبرصاص حركة الشباب وقنابلهم لقي 3955 أفريقيا مصرعهم خلال العام الماضى من أصل 9347 قتيلا هم محصلة قتلى عمليات الإرهاب على مستوى أفريقيا خلال العام ذاته، كما ارتفع عدد الهجمات الإرهابية التى نفذتها الحركة خلال العام الماضى إلى 49 عملية مقابل 34 عملية نفذتها عناصر التنظيم على مدار العام 2017.

وفي شمال أفريقيا وإقليم الصحراء الكبرى، شهد العام الماضي نشاطا متصاعدا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إذ تضاعف عدد الهجمات التي نفذها مسلحو التنظيم من 144 هجمة في العام 2017 إلى 322 هجمة فى العام 2018، وارتفع كذلك عدد القتلى جراء تلك العمليات خلال العامين المذكورين من 366 قتيلا إلى 611 قتيلا.

واتسع نشاط تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي خلال أشهر العام الماضى منطلقا من شمال ووسط جمهورية مالى وصولا إلى أجزاء من أراضى جمهوريتي النيجر وبوركينافاسو التي تحالف فيها فصيل يطلق على نفسه اسم " الدولة الإسلامية فى الصحراء الكبرى " مع تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي، وحصل منها بذلك على إذن بالعمل كوكيل إرهاب عنها فى بوركينا فاسو مطلع العام قبل الماضى منذا خلاله 136 عملية إرهابية مقابل 24 عملية إرهابية تم تنفيذها فى العام 2017 وفى النيجر كانت بصمات "تنظيم الدولة فى الصحراء الكبرى" واضحة اذ ارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية له على أراضي النيجر من 5 إلى 29 عملية فيما بين عامى 2017 و2018.

وبشكل عام كانت هجمات داعش بفروعه ووكلائه وخلاياه فى شمال أفريقيا هي السمة الغالبة على النشاط الإرهابي الذى شهده الشمال الأفريقي خلال العام الماضي، اذ بلغ عدد القتلى ممن سقطوا نتيجة عمليات التنظيم خلال العام الماضي وحده 284 قتيلا من أصل 344 قتيلا أزهقت أنشطة جماعات العنف والإرهاب فى الشمال الأفريقى أرواحهم.

وكان لافتا أن شهد العام الماضي نموا في أنشطة العنف الإرهابي المتأسلم فى مناطق جديدة في أفريقيا منها شمال شرق موزمبيق التي أكدت استخباراتها ضلوع تنظيم الشباب فى تنفيذ 55 هجوما إرهابيا أسفرت عن سقوط 164 قتيلا على مدار العام الماضي.