رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلزا أيشنجر

جريدة الدستور

أخشى أن نتلف صحتنا هنا. إذا فقدت لغتى صوتها، سوف يصبح لديها سبب يجعلها تترك الحديث معى. إننى ما زلت أثقل عاتقها بأسئلة وعروض، همسًا وجهرًا. الشال الليلكى يناسبها تمامًا، يغطى رقبتها زائدة الطول، ويعطى ظهورها الخفى حلمًا وحزمًا فى آن واحد، تبدد كل شىء. لم ترفع الياقة. حالتها الآن تذكرنى أحيانًا بالأوز العراقى مكتمل النمو، لكن لونه شاحب وكأنه نما قبل آوانه. لا يجوز لها أن تتوهم شيئًا. أسمع عن بُعد صوت موظفى الجمارك. يتحدثون، يتحدثون، على الأقل يتحدث أحدهم دائمًا. ليست فكرتى أن ننزل هكذا بالقرب من كشك الجمارك، لكن لغتى قد تعسّر النهوض بها. مررنا بالبلد الرابع وصحت فى أذنيها، ثم مررنا بالبلد الخامس. تبعتنى على كره منها، ورفضت أن تواصل المسير. استطعنا بقدر جيد أن نكون موظفَى جمارك. واصل أحدهما الحديث وحده دائمًا، عن الطعام والشراب، أما الثانى فقد نام، أو بحلق عبر زجاج النافذة، مثلما يفعل الآن. كان نائمًا، بينما كنت أبحث عن تحقيقات الشخصية. لن أترك لها لغتى، بعدما فقدت الشال، كلاهما معى.
ضيق بالملل. أو إثارة الريب. لغتى مثيرة للريب، ولست أنا. أنا طبيعية، آكل وأشرب، وإذا أوقعت السكين على الطبق، لا يظهر الأمر على بعد بكونه تجربة سمع، بل يظهر بكونه عدم مهارة، ثم يجوز له ذلك الظهور. إذا بقينا هنا فترة أخرى من الزمن لن يدل الأمر على عدم المهارة، بل على المراد لو كانت لغتى قد تحدثت.