رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نادي الرجال السري


تحذير: "هذه الريفيو يحرق أحداث الفيلم"
في أحد صالونات الحلاقة بمنطقة وسط البلد، سيتحول الحمام الصغير الملحق بالصالون، إلى أسانسير سرّي مموّه، يحمل الشخص الجالس فيه إلى أحد الطوابق التحت أرضية، حيث المقر الرئيسي لإدارة "نادي الرجال السري"، والذي أسسه طبيب الأسنان أدهم (كريم عبد العزيز)، و الرجل الغامض حيرم (بيومي فؤاد) وبعض شركائهما من الرجال الباحثين عن طريقة آمنة ليتمكنوا من اللعب بذيولهم وممارسة الشقاوة والتعرف على الجميلات دون أن تتمكن زوجاتهم من كشف خيانتهم وخداعهم.. إنه نادي الرجل السري، المكان الذي تم تأسيسه خصيصاً ليكون غرفة مراقبة وكونترول عملاقة لتسهيل عمليات "العط" للرجل البصباص غير المكتفي بزوجته.
فكرة فريدة ولامعة، تمكّن السيناريست خفيف الدم أيمن وتّار من خلقها ورسمها وزخرفتها بالحكايات الصغيرة والقصص الفرعية والنقوش التي ملأت هذا الإطار المضحك، بمواقف وإفيهات ونقوش ومنمنات قصصية لطيفة محرضة على الضحك وتدفع الحكاية إلى الأمام، نحو اكتمالها.
ينطلق "نادي الرجال السري" من تفاصيل بسيطة، تفاصيل يومية اعتيادية تتمثل في الغيرة المتبادلة بين الأزواج، لكن الزووم إن هنا يحدث على الطرف المذكر من الثنائية، الرجل الشقي المقموع في بيته برقابة صارمة من قِبل الزوجة هاجر (غادة عادل)، رقابة متطورة تصل إلى درجة استخدام التقنيات الحديثة مثل التصوير الحي والمباشر أو الاعتماد على خدمات الجي بي إس، وفي نفس الوقت لا تخلو من حس أمني كلاسيكي، يتمثل في عمليات المداهمة المفاجئة التي تقوم بها هاجر لعيادة زوجها لترى مع من يجلس وإلى من يتحدث.
الرجل لا يستسلم، ويلجأ لنفس الأسلحة لتضليل زوجته، أو أي زوجة شكّاكة، عن طريق استخدام التقنيات الحديثة ذاتها لكن مدعمة بمجهودات أخوية نادي الرجال السري، حيث تم تزويد المكان مثلاً بديكورات يستطيع أن يلتقط الواحد فيها صورة، يرسلها لزوجته ليثبت أنه يجلس في بيت صديقه أو في مقر عمله. كما قام بعض الرجال المتعاونين بالنادي، وعلى رأسهم المعلم صاحب مطعم "بيتزا الخلبوص" بتوظيف طياري الديلفري بحيث يأخذ الواحد منهم هاتف الزوج المراقَب إلى المكان الذي يفترض أن يكون فيه، بحيث يثبت الجي بي إس أن الرجل البريء في مقر عمله بالدقي، لأن إشارة موبايله تصدر من هناك، في حين تكون الحقيقة أن الرجل متواجد عند عشيقته في التجمع الخامس. وكل ما فعله هو أنه ترك هاتفه لأحد طياري الديلفري المشتغلين بنادي الرجال..
جاءت حبكة الفيلم ذكية، ومصنوعة بتمهّل، ومشدودة، خصوصاً في النصف الأول من الفيلم، وربما تكون تلك الحبكة أحد عناصر رشاقة الفيلم، تضاف طبعاً إلى كريم عبد العزيز الذي بات مخضرماً خبيراً ويمكن للمتتبع أن يلاحظ نضجه حتى على مستوى اختيار الورق، لا على مستوى الأداء فحسب. يضاف إلى ذلك الفكرة اللامعة للعمل، وخفة دم المسارات المتشعبة عن الحكاية الأم كل ذلك جعل من "نادي الرجال السري" عملاً خفيف الظل وقابل لتحقيق أرقام جيدة في شباك التذاكر.
وبالطبع لم يخلُ العمل من بعض الهنّات، لا سيما في نصفه الثاني الذي تورّط في عدة مطبات غير موفقة، منها وجود حكايات فرعية يسهل حذفها من قوام الفيلم، دون أن تتضرر القصة الرئيسية، مثل ظهور المجرم الزنط (أحمد الميرغني) والذي تلجأ له هاجر زوجة أكرم وفريدة (الفلسطينية نسرين طافش) عشيقة أدهم للانتقام منه بعد أن تمكنت الأولى من اكتشاف خياناته والثانية من فضح تلاعبه بها. أو حتى خط ظهور شخصية رجل الأعمال أبو لبن (أكرم حسني)، والذي يمكن حذفه بسهولة أيضاً.
لكن اللطيف هنا هو تمكّن فريق العمل من تحويل خط كامل مترهل كخط (أبو لبن) إلى نقطة قوة تضاف للعمل عن طريق استقدام أكرم حسني المتطور جداً كوميدياً وصاحب الشعبية الجارفة، ليشكل حضوره مكسب فني ومكسب آخر سيتكفل به جمهور أكرم حسني أمام شباك التذاكر.
الحبكة نفسها تتراخى في النصف الثاني، وأسئلة ستبدأ في التبادر إلى رأس المشاهد: كيف هرب أدهم إلى الشاليه الذي يمتلكه هو نفسه بعد أن عرف أنه مطارد؟ لماذا لم تكشف فريدة لهاجر حقيقة أنها عشيقة زوجها على الرغم من أن اللقاء تم في فعاليات نسائية تهدف لفضح الأزواج الخونة عن طريق حضور الزوجة المخدوعة وكل عشيقات الزوج الخائن؟
عدا عن الجزء الموعظي في نهاية العمل، والذي بدا كما لو كان هدف في الوقت بدل الضائع استقبلته شباك فريق العمل !
لكن، وبشكل إجمالي، وبرغم بعض الهفوات، أستطعت، بشكل شخصي أن أهضم الفيلم وأتفاعل معه ورضيت بتلك الهفوات طالما جاءت محاطة بباقة جيدة من الضحك وخفة الدم والكوميديا.