رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عم "سيد" يقاوم 12 عاما من الشلل النصفي ببيع الحلوى

عم سيد
عم سيد

وجه بشوش وقلب راضٍ بما كتبه الله له، على الرغم من كل ما مر به من ظروف صعبه جعلته طريح الفراش، على "دكة" خشبية أمام منزله الريفي المتواضع، يبيع الحلوى ليتمكن من الإنفاق على زوجته وبناته الخمس في مراحل تعليمهم مختلفة.

في مدخل قرية بني مجد بمركز منفلوط محافظة أسيوط يرقد عم سيد شوقي صاحب الـ 51 عامًا علي كنبة "دكة" خشبية أمام منزله الريفي البسيط يوزع الابتسامات والبهجة علي المارة من أهالي القرية، ليثبت لهم أن الجسد يعجز عن الحركة ولكن القلب مليء بالرضا بما قسمه الله.

بابتسامة خفيفة يتذكر "عم سيد" ما فاته من العمر ليروي كيف أصبح طريح الفراش بسبب الإصابة بشلل نصفي، ويقول: "عملت بمهن مختلفة وسافرت بلاد عدة إلا أنه عقب عودتي إلي مصر عملت سائقا على سيارة ربع نقل، تزوجت وأنجبت 5 فتيات "وفاء وشيماء ودعاء وإسراء ورضا" وفي عام 2007م وقعت لي حادثة، خرجتُ منها مصابًا بالعمود الفقري، ما تسبب في شلل نصفي أقعدني طريح الفراش".

وأضاف "عم سيد" أنا أكبر إخوتي فنحن 6 أشقاء نعيش في منزل واحد كل منا يمتلك حجرة يعيش فيها كل فرد هو وزوجته وأبناؤه، ولكني فضلت المكوث على الدكة أمام المنزل أبيع الحلوى للأطفال حتى أتمكن من الإنفاق على أسرتي فأنا لا أملك أي دخل سوى فضل الله و450 جنيهًا أتقاضاهم معاشًا بعد الحادث.

وأوضح عم سيد إن عجز الحركة وقلة الحيلة تدفع الإنسان للانهيار وتترك باب الشيطان مفتوحًا وضحك قائلًا "الايد البطالة نجسة" لذا قمت بشراء بعض علب الحلوى والمصاصة والكاراتيه وأقوم ببيعها وأنا راقد أمام منزلي حتى أكسر حالة الملل وأغلق باب الشيطان لكي لا يتملكني وأساعد أسرتي علي أعباء الحياة اليومية.

ويضيف "عم سيد": "تقدمت بعض المؤسسات الخيرية لطلب كشك بقالة ولكن لم يرد الله أن أحصل عليه فقررت أن لا أفقد الأمل خاصة وأن ما حدث لي هو اختبار من الله على مدى صبري وقوة إرادتي خاصة وأن تردد الأطفال علي لشراء الحلوى والكبار يجعلني أنسى آلامي ووجعي".

وقال: "إن الله لم يرزقني البنين فلدي 5 فتيات كل واحدة منهن بـ 20 رجلًا وعلي الرغم من قلة الدخل إلا أنني لم أتركهم يعملون بل أنا حريص علي اهتمامهم بالدراسة والتعليم قائلًا: "العلم نور والعلام مفتاح الحياة" فالعلم سيجعل مستقبلهم أفضل، وقال: "قبل الزواج كنت أكره خلفت البنات ولكني عندما تذوقت حلاوة حنية البنات حمدت الله أن رزقني بنات، وحينها لم أتمني يومًا الولد".

وأوضح إن الله قد رزقني بزوجة صالحة لم تشعرني يومًا بمرضي فهي تقوم برعايتي الصحية والجسدية وتحاول تخفيف آلامي وتساعدني في علاج قرح الفراش التي أصابتني بسبب طول فترة المرض.
وحول تفاصيل الحادث قال عم سيد كنت أعمل سائق علي سيارة ربع نقل ويوم الحادث وأثناء ركوب السيارة انقبض قلبي وكأنه كان يعمل بما سوف يحدث فنطقت الشهادة وخرجت بالسيارة وحدث الأمر وتسببت لي في شلل نصفي أفقدني الحركة وجعلني طريح الفراش وهذا ما يدفعني إلي تغيير وضعية نومي من الحين للأخر.

وأوضح إن الأهل والأصدقاء فور علمهم بحالتي يقومون بإخباري عن أطباء يعالجون مثل هذه الحالات وكنت أخبرهم بأني سوف أذهب للطبيب ولكن لم أكن أذهب قائلًا: "إللي ربنا عاوزه هيكون واللى هصرفه على الدكاترة أصرفه على بيتي وعيالي".

وتخرج علينا إسراء الطالبة بالصف الثاني الثانوي، لتطمئن على والدها وتتحدث أنها تتمني أن تصبح طبيبة حتى تتمكن من علاج والدها وكل الفقراء الذين يعانون مثل هذه الحالات.

وخلال الحديث مع عم سيد حضر العديد من الأطفال لشراء بعض الحلوى ليقوم عم سيد بمداعبتهم بكلماته الخفيفة وسط ضحكات الأطفال ليأخذ كل طفل ما يريده ويترك الأموال بجوار عم سيد.