رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس فى مؤتمر ميونخ



ذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى ميونخ، ليشارك فى المؤتمر الدولى للسياسات الأمنية، الذى تستضيفه ثالث أكبر مدن ألمانيا، سنويًا، ويمنح رؤساء الدول والحكومات والمسئولين والمتخصصين فى المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية، فرصة التواصل، بشكل غير رسمى، وتبادل وجهات النظر حول سبل تسوية النزاعات وكيفية التعامل مع التحديات التى يواجهها ما يوصف بـ«المجتمع الدولى».
حين زار الرئيس العاصمة الألمانية برلين، أواخر أكتوبر الماضى، استقبل فى مقر إقامته، السفير «فولفجانج إيشنجر»، رئيس المؤتمر، الذى أشاد بالجهود المصرية فى مكافحة الهجرة غير الشرعية، وأشار إلى أنه لم يكن هناك مصرى واحد ضمن الأعداد الكبيرة من اللاجئين الذين استضافتهم ألمانيا. كما أشاد بدور مصر فى مكافحة الإرهاب وسعيها إلى علاج جذور المشكلتين بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ووجه الدعوة للرئيس للمشاركة فى أعمال المؤتمر. وفى مقال عنوانه «مصر ومؤتمر ميونخ»، كتبنا وقتها أن حِرص رئيس المؤتمر على مشاركة الرئيس تأكيد جديد على أهمية دور مصر المحورى فى المنطقة.
اليوم، ومع بداية دورة المؤتمر لهذا العام، تتأكد من جديد مكانة مصر لدى الدوائر السياسية الدولية، بالكلمة التى يلقيها الرئيس فى الجلسة الرئيسية للمؤتمر، التى تنعقد صباح السبت بمشاركة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لأنها ستكون المرة الأولى، منذ تأسيس المؤتمر سنة ١٩٦٣، التى يتحدث فيها رئيس دولة غير أوروبية فى الجلسة الرئيسية. وسيضاف منبر مؤتمر ميونخ إلى منابر عديدة حاولت عبرها مصر طرح، أو تكرار طرح، رؤيتها لاستعادة الاستقرار بالمنطقة والتوصل إلى حلول سياسية لمختلف الأزمات التى تمر بها، وفق محددات مصرية ثابتة، أبرزها الحفاظ على كيان الدولة الوطنية وترسيخ تماسك مؤسساتها وسلامتها الإقليمية، واحترام سيادة الدول على أراضيها.
سياسات الاتحاد الأوروبى والتعاون عبر الأطلنطى والعواقب المحتملة لعصر متجدد من المنافسة بين القوى العظمى، تأتى على رأس الموضوعات التى سيناقشها المؤتمر. كما يناقش خبراء من جميع أنحاء العالم مستقبل الحد من التسلح والتعاون فى مجال السياسة الدفاعية. مع بحث التقاطعات المشتركة بين التجارة والأمن الدولى، وتأثيرات تغير المناخ والابتكارات التكنولوجية على الأمن الدولى. بالإضافة إلى أكثر من ١٠٠ حدث جانبى، على هامش المؤتمر، تتناول موضوعات متعددة كالأمن الإلكترونى، والطاقة، والصحة، والتهديدات العابرة للحدود.
الدورة السابقة للمؤتمر، التى انعقدت فى فبراير ٢٠١٨، شارك فيها أكثر من ٥٠٠ مشارك رفيعى المستوى، بينهم ٢١ رئيس دولة وحكومة. ومع أن تلك الدورة لم تركز على قضية مركزية، أو رئيسية، إلا أن أحداث الشرق الأوسط فرضت نفسها على أعمالها وفعالياتها. أما التقرير الرئيسى، فكان تحت عنوان «إلى حافة الهاوية- والعودة»، وتناول تزايد انعدام الأمن بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن لعب الدور الذى وصفه التقرير بـ«القيادى والضامن للنظام الدولى». الأمر الذى طرح أسئلة حول قدرة أوروبا على تكثيف العمل من أجل ضمان أمنها الخاص. ووقتها توقفنا عند هذا التقرير، الذى يخاصم الواقع، وأبدينا تخوفنا من هبوط مستوى المؤتمر وسقوطه، هو نفسه، فى الهاوية التى زعم التقرير أن العالم يقف على حافتها!.
فى دورة هذا العام، تعود المستشارة الألمانية مرة أخرى لحضور المؤتمر، بعد دورة ٢٠١٧، ومعها ٣٥ من رؤساء الدول والحكومات، و٥٠ وزير خارجية و٣٠ وزير دفاع. ما يجعل تلك الدورة هى الأكبر والأهم فى تاريخ المؤتمر، بحسب وصف رئيسه، الذى أرجع ذلك، فى تصريحات، إلى الحقبة الجديدة من المنافسة العالمية، التى بدأت تتطور بين الولايات المتحدة والصين وروسيا مصحوبة بفراغ قيادى فيما أصبح معروفًا باسم النظام الدولى الليبرالى.
رئيس المؤتمر، فولفجانج إيشنجر، يوصف بـ«الدبلوماسى الأفضل فى ألمانيا»، واستخلص من تجاربه فى العمل الدولى، أن أعداد الجهات، التى تضم مفسدين محتملين على الساحة الدولية، ارتفعت إلى عنان السماء. إذ كان المفوض الأوروبى بشأن إقليم كوسوفو، واُختير سفيرًا لبلاده لدى الولايات المتحدة، فى ٢٠٠١، وقام بدور كبير خلال فترة توتر العلاقات بين برلين وواشنطن، التى استمرت لأكثر من نصف عام، بسبب معارضة حكومة المستشار الألمانى، جيرهارد شرودر، للغزو الأمريكى للعراق.
.. وتبقى الإشارة إلى أن جامعة بنسلفانيا الأمريكية، فى تصنيفها الجديد لهذا العام، وضعت هذا المؤتمر، «مؤتمر ميونخ للسياسات الأمنية»، فى المرتبة الأولى، للمرة الرابعة على التوالى. ونشير، بالمرة، أو من باب العلم بالشىء، إلى أن هذا المؤتمر انعقد للمرة الأولى، سنة ١٩٦٣، تحت اسم «اللقاء الدولى لعلوم الدفاع»، وتم تغيير الاسم لاحقًا إلى «المؤتمر الدولى لعلوم الدفاع»، قبل أن يستقروا على اسمه الحالى.