رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاملات المنازل بين الحماية والتهميش



تنص مواد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام ١٩٤٨ على أنه لكل شخص حق العمل والحق فى شروط عمل عادلة ومرضية مع حمايته من البطالة مع الحق فى مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية.
كما ينص العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الصادر عام ١٩٦٦ فى مادته السادسة فقرة ٢ على: «يجب أن تشمل التدابير التى تتخذها كل من الدول الأطراف فى هذا العهد لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق (المقصود الحق فى العمل) توفير برامج التوجيه والتدريب للتقنيين والمهنيين، والأخذ فى هذا المجال بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة فى ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الأساسية».
كما تنص المادة السابعة الفقرة (أ) على «مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى: أجرًا منصفًا ومكافأة متساوية لدى تساوى قيمة العمل دون أى تمييز، على أن يضمن للمرأة خصوصًا تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التى يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرًا يساوى أجر الرجل لدى تساوى العمل».
وتنص اتفاقية منظمة العمل الدولية ١٢٢ لسنة ١٩٦٤ فى المادة رقم ١ فقرة ٢ على «تتوفر الحرية فى اختيار نوع العمل وتتاح لكل عامل أكمل فرصة ممكنة ليصبح أهلا للعمل الذى يناسبه وليضع فى خدمة هذا العمل مهاراته ومواهبه، أيًا كان عرقه أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسى أو منبته الاجتماعى».
ووفقًا لكل ما سبق نجد أن قانون العمل المقدم لمجلس النواب يخالف الدستور والمواثيق الدولية حين يستبعد من تطبيق القانون عمال وعاملات المنازل ومَن فى حكمهم، لأن ذلك يُعتبر تمييزًا غير مقبول، فكيف يتفق فى زماننا هذا أن نرفض اعتبار علاقة هؤلاء العمال بمن يعملون لديهم علاقة عمل وأن نصر على اعتبارها علاقة «تبعية شخصية» تطلق عليها المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون «الصلة المباشرة بين هؤلاء العمال ومخدوميهم». هل يتفق هذا يا سادة مع حقوق الإنسان فى القرن الواحد والعشرين؟! هل يتفق مع الدستور المصرى الذى ينص فى المادة ٥١ على أن الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها؟. كما تنص المادة ٥٣ من الدستور على المساواة بين المواطنين ولا تمييز بينهم لأى سبب «الفكر أو الدين أو الجنس أو اللون أوالوضع الاجتماعى أو الجغرافى» وعلى أن التمييز جريمة يعاقب عليها القانون.
لذا طالبت حملة الحريات النقابية والدفاع عن حقوق العمال عند مناقشة هذا القانون بتطبيقه وسريانه على كل العاملين، خاصة العمالة غير المنتظمة والعاملين بالخدمة المنزلية مع كفالة الضمانات الاجتماعية لهم.
ولأهمية الموضوع أسرعت بتلبية الدعوة الكريمة من «المؤتمر الدائم للمرأة العاملة بالتعاون مع دار الخدمات النقابية والعمالية» لحضور حلقة نقاشية حول مشروع القانون المقترح من «نائبة الشعب الفاضلة والمهتمة بهموم المهمشين» نشوى الديب من أجل توفير حماية تشريعية لعاملات المنازل، وذلك بحضور عدد من النقابيات والخبراء القانونيين وممثلى لجان المرأة فى الأحزاب، ودار نقاش وحوار ثرى حول مشروع القانون الذى ستتقدم به النائبة المحترمة إلى رئيس مجلس النواب تحت مسمى مشروع قانون فى شأن تنظيم وتشغيل العمالة التنظيمية لإحالته للجان النوعية المختصة.
يهدف مشروع القانون إلى سد النقص التشريعى المتعلق بتنظيم العمالة المنزلية وتنظيم علاقات العمل بين صاحب العمل ومكاتب التشغيل والعاملين بالمنازل وشروط ترخيص مكاتب التشغيل والتزامات أطراف العقد والأجور وساعات العمل والإجازات وسن التشغيل. ودار الحوار حول أهمية ما اقترحته النائبة من إنشاء «إدارة العمالة المنزلية بوزارة القوى العاملة»، وتطرق الحوار إلى تحديد ساعات العمل بثمانى ساعات تتخللها ساعة راحة مع وجبة غذائية وأيضًا توفير مكان مناسب وملابس ووجبات غذائية للمقيمات من العاملات وعدم تكليف العاملات بأعمال خطرة من شأنها أن تؤثر على صحتهن أو تهين كرامتهن، كما تطرق النقاش إلى الالتزام بما جاء فى الدستور من حماية عمالة الأطفال.
وبالطبع طال الحوار حول أهمية التوعية المجتمعية لهذه الفئة بحقوقها وواجباتها وتوفير ضمانات وحماية اجتماعية لهم مع أهمية تكوين نقابات خاصة بالعاملين فى المنازل للدفاع عن مصالحهم وكرامتهم.
وأشارت نائبة الشعب نشوى الديب إلى أنها تعمل منذ سنتين «وبمعاونة عشرات من الجمعيات الأهلية» على أرض الواقع لدراسة هذه الفئة المهمشة ومشاكلها قبل وضع القانون. كما أكدت الدكتورة أمل عبدالحميد، منسقة المؤتمر الدائم للمرأة العاملة، اهتمام المؤتمر الدائم على مدار عام ٢٠١٨ بقطاع العمالة غير المنتظمة وفى القلب منه عاملات المنازل، حيث تمثل نسبة النساء العاملات بهذا القطاع أعدادًا هائلة.
إن توفير الحماية والضمانات الاجتماعية من الأمان الوظيفى والأجر العادل والمعاش والتأمين الصحى للفئات المهمشة حق من حقوق الإنسان ينبغى أن توفرها التشريعات مع تفعيلها.