رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد العسيرى يكتب: سيرة البليغ حمدى


استمتعت كثيرًا حتى سالت دموعى وأنا أشاهد عرض سيرة الحب الذى يقدمه عدد من أصدقائى الموهوبين بجد على مسرح البالون.. إيهاب فهمى.. مروة ناجى.. أيمن الحكيم.. استمتعت واستعدت عشرات الأيام الحلوة التى أفتقدها ولا أجدها إلا فى موسيقى بليغ حمدى.. لكن المخرج عادل عبده أفسد ليلتى تمامًا وهو يشرح فى نهاية العرض أنه لولا الوزيرة إيناس عبدالدايم ما خرج بليغ إلى النور، ولذلك هو يشكرها..
كان بإمكانى أن أفعل مثل الكثيرين وأعتبرها مجرد مجاملة من موظف لوزيرته لكنها الكارثة التى تحاصر كل شوارعنا الآن.. كل شىء فى البلد دى مستنى قرار من سلطة أعلى.. حتى أرزاق الناس وأكل عيشهم.
هذه المركزية البغيضة لا تحتاج إلى جملة عادل عبده على أنغام حكايتى مع الزمان.. فهى حكاية كل لحظة فى مصالحنا الحكومية الآن.. فى مراكز الشباب.. المصانع.. المدارس..لا يمارس أحدنا شيئًا من عندياته أو وفق قانون محدد ينظم أعمال الجميع.. كل موظف عايز توقيع وختم من اللى فوقه واللى فوقه مش عايز مشاكل.. يقوم يعمل إيه يسأل مجلس الدوله أو يشكل لجنة.. يعنى موت يا حمار..
الله يسامحك يا عم عادل.. طب كنت سيبنى مع غيبوبة بليغ الذى خطفنا لمدة ساعة ونصف من شتات لحظتنا إلى حكايته التى اختصرها الحكيم فى محاكمة أراد لها أن تكون فنية.. فإذا ما كان البعض قد ظلمه فى أروقة القضاء فقد أنصفه فنه وأبقاه نقيًا بديعًا كمويسقاه.
نحن لم نشاهد مسرحًا بالمعنى التقليدى للمسرح وقواعده.. هى مجموعة اسكتشات بسيطة تسمح بتمرير مجموعة من أغنيات بليغ بإيقاعاته الشهيرة نستعيدها بأصوات موهوبين جدد فى مقدمتهم مروة ناجى.. وتحقق لصناع العرض هدفهم ببساطة.. وصلت الرسالة التى أتمنى أن يقرأها كل طلبة الجامعات والمدارس فى رحلات مجانية لهذا المسرح.. هذا ما أتمنى أن تفعله الوزيرة مع زملائها فى الشباب والرياضة والتعليم والتعليم العالى.. ولو كان الأمر فوق قدراتها فأعتقد أنها تستطيع أن تذهب بهذا العرض إلى المحافظات المحرومة فى ريف بحرى والصعيد.. علها تعيد إحياء الدور الحقيقى لقصور الثقافة التى ماتت تمامًا ولم يستر عورات فشلها سوى مجموعة الكتب التى أصدرها الشاعر جرجس شكرى، وآخرها احتفاء خاص بمئوية ثورة ١٩١٩.
هذا العرض يجب ألا يتوقف عند حدود ٣٠ ليلة فى العجوزة.. اذهبوا مع بليغ وموسيقاه التى تذوب عشقًا فى هذا البلد وترابه إلى جمهوره الحقيقى فى نجوع وقرى البلد.. فالحياة الكريمة ليست فقط فى رصف الشوارع والصرف الصحى.. الحياة نفسها فى موسيقى وسيرة ذلك البليغ حمدى الذى نحتاج لسنوات لنعرف سره.. سر الحلوانى اللى بنى مصر واللى لسه هيبنى.