رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيرل باك

جريدة الدستور

نظرت نحوها رولان بعين مرتعبة: «أخبرينى كيف يمكن لى أن أتحرر؟».
شعرت مدام «وو» بتعاطف قوى نحوها: «مع الأسف الشديد يا ابنتى لا أستطيع أن أخبرك، لأننى بكل بساطة لا أعرف».
ثابرت المرأة، «ألم تحبى من قبل؟». نظرت مدام وو إلى أسفل، لم تجب، شعرت أن تسيمو قد أساء إلى هذه الفتاة بطريقة ما لكن كيف يمكن له أن يعلم ما تقصده هى؟ إنه يعبر فقط عن نفسه، وهل يمكن له ألا يفعل غير ذلك، حتى لو كان هذا غير كافٍ فى نظر تلك الفتاة؟ بدأت الآن تتيقن أنها كانت محظوظة للغاية لأنها لم تكن غارقة فى حب السيد وو. فى وقت ما كان هذا الخطر محتملًا عندما كانت صغيرة فى العمر، لكن ما حارب معها هو طبيعتها التى يصعب إرضاؤها، لكن يبدو أن رولان هى عكسها تمامًا قالت لها أخيرًا: «إذا أنجبت طفلًا سوف تتحررين منه على الأقل، سوف تعملين على تقسيم حبك، فالطفل يلزمه الكثير وسوف تكونين مضطرة أن تبذلى له الكثير، لكن إذا لم تنجبى يمكن لك حينئذ أن تشغلى نفسك بدراسة معينة مثلًا بالرسم أو أى أمر مشابه، يجب أن تعملى على تقسيم نفسك يا ابنتى لقد سمحت لكل قواك أن تنصب فى نهر ضيق عميق الآن، عليك أن تحفرى مسالك لنفسك وبعضًا من النهيرات الصغيرة وتوزعى حبك فى هذا وذاك».
قالت رولان بصوت فيه قدر من المرارة: «تعنين أن أنشغل بأداء أعمال شاقة؟». ردت المدام بلطف وهدوء: «إذا لزم الأمر ذلك، لكن هو سبيلك الوحيد للحصول على السلام دون ذلك، إنما أنت تُعرّضين نفسك للفناء، هو سوف يكرهك وهذا ما أنا متأكدة منه، إنه يحوم الآن على حافة نهر الكراهية، لذلك فضلت أن يبتعد عنك لفترة ويرحل بعيدًا».
رطبت رولان شفتيها الجافتين ثم همست: «هل كل الرجال مماثلون له؟». «كل الرجال متشابهون وما إن تكتشف النسوة ذلك حتى يشعرن بالتحرر منهم».
«إذن لماذا أنا لا أحب أحدًا غير تسيمو؟».
«إنها مجرد خدعة ربما بسبب شكله ومظهره، الطريقة التى يرفع بها حاجبيه، شكل فمه عندما يتحدث، منظر كتفيه عندما يرتدى معطفه، يده التى...». همست رولان وهى مبهورة: «كيف تعرفين كل هذا؟». ضحكت مدام وو: «إن السماء تنصب لنا شركًا لكى نقع نحن النسوة فى حبائله».