رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البنادق المستأجرة«2».. كيف ألقى فودة وبرهامى وعبدالماجد بالشباب فى «الجحيم السورى»؟

يسري فودة
يسري فودة

لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين، ولكننا نُلدغ كل مرة من الأفاعى ولا نتعلم، كأن لدغات الأفاعى أصبحت قدرنا الذى لا مفر منه.
كان درس إرسال أبنائنا لما سمى بالجهاد فى أفغانستان قاسيًا.
لقد تم تغييب الشباب هناك، فلقد صنع الخونة من الشباب المغيب «بنادق مستأجرة»، تصوب رصاصاتها نحو وطنها وأمتها ودينها وشعوبها، وكانت حقبة التسعينيات الدامية فى مصر والجزائر.
وبعد ٢٥ يناير ٢٠١١، أعاد «أفاعى الإسلام السياسى»، بقيادة الإخوان، تنفيذ مخطط إرسال الشباب إلى «مصيدة الموت» فى سوريا، تحت مسمى الجهاد، وكأننا لم نتعلم الدرس.
فى هذا الكتاب نفضح مخطط هؤلاء الخونة.. فلتصبر معى على القراءة.

«الإخوان» نقلت الكثيرين لدمشق بدعوى «الجهاد».. وناجح إبراهيم شارك فى الجريمة
لاقت أكذوبة الجهاد فى سوريا التى أطلقتها الإخوان وحشدت لها كل حلفائها الرواج، وبدأ شباب وقيادات الجماعات الإسلامية السفر إلى هناك، وانتشرت الأكذوبة انتشارًا كبيرًا لدرجة جذب شباب لم يكن منتميًا لتيارات دينية من قبل، مثل الممثل الذى شارك فى إعلان إحدى شركات الاتصالات العاملة بمصر، والذى نال شهرة بعبارة «أنت جميل متقولش على نفسك كده».
جذبته الأكذوبة الإخوانية، فبدأ فى البحث عن طريق للجهاد، وتواصل مع الإرهابى السعودى عبدالله محمد المحيسنى، الذى سهّل له طريق الذهاب إلى سوريا، وهناك أطلق على نفسه اسم «أبوالمغيرة المصرى»، ثم قتل بعد ذلك فى أغسطس ٢٠١٥ فى معارك مع الجيش العربى السورى فى أدلب.
أثار انتشار ورواج هذه الأكذوبة وتحولها من إطار الكلام إلى الفعل مع سفر مئات الشباب إلى سوريا مخاوف المجتمع المصرى من أمرين:
الأول: الخطر الذى تنتظره مصر لحظة عودة هؤلاء الشباب الذى اعتاد على حمل السلاح وتدرب على حرب الشوارع وحُمّل بأفكار دموية تكفيرية ما قد يكرر سيناريو التنظيمات الإرهابية «العائدون من أفغانستان» و«العائدون من ألبانيا» و«العائدون من الشيشان» التى ظهرت فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات بعد أن مارسوا القتال المسلح فى تلك البلدان، ثم عادوا إلى مصر فكانت حقبة التسعينيات الدموية.
وركز الإخوان فى تبديدهم مخاوف المجتمع من كارثة «العائدون من سوريا» على أن وجود جماعة الإخوان فى سدة الحكم هو الضمانة الوحيدة لعدم انخراط «العائدون من سوريا» فى أى أعمال عنف حال عودتهم إلى مصر.
وهذا ما قاله الدكتور ناجح إبراهيم، الوجه المعتدل للجماعة الإسلامية بأوضح عبارة: «إن هناك اختلافًا كبيرًا بين الذهاب إلى سوريا عن الذهاب إلى أفغانستان، ففى الأخيرة كان الصراع ضد المحتل السوفيتى، أما فى سوريا فهناك حرب أهلية بين أفراد الشعب الواحد، أما التشابه فنابع من أن الدول التى كانت تشجع على الجهاد فى أفغانستان هى التى تشجع الآن على الجهاد فى سوريا وهى السعودية ومصر وقطر. ولا داعى للخوف من عودة الشباب المصرى بأفكار جهادية تكفيرية من سوريا، لأن مبررات الحركات الجهادية لم تعد موجودة فعندما عادوا من أفغانستان كانت تحكم الدول العربية أنظمة كافرة من وجهة نظرهم، أما الآن فمن يحكم هم أبناء الحركات الإسلامية».
الثانى: خوف أهالى الشباب عليهم من الموت فى المحرقة السورية، مما أدى إلى مطالبتهم الرئيس الإخوانى محمد مرسى بالتدخل ومنع السفر إلى سوريا.
وكانت أعلى هذه المطالبات ما ورد على لسان السيدة لبنى رضوان، أمين المرأة عن الحزب الناصرى بمحافظة بنى سويف والتى قالت: إن ابنها الوحيد محمد حسين البالغ من العمر ٢١ عامًا الطالب بكلية التجارة سافر إلى سوريا بطريقة غير شرعية منذ ٢٠ يومًا للجهاد ضد نظام بشار الأسد.
وأضافت أن «التيار الإسلامى لم يستطع أن يقنع الشعب السورى بالثورة ولم يستجب له الشعب هناك، فقرر تحويلها إلى حرب مذهبية كى يستطيع أن يجذب الشباب من دول أخرى عن طريق تصوير أن ما يحدث هناك هو حرب بين السنة والشيعة، وبالتالى يقوم التيار الاسلامى السلفى فى مصر بعمل غسل مخ للشباب بهذه الطريقة وتشجيعهم للسفر من أجل نصرة أهل السنة فى سوريا».
ووجهت رسالة إلى «مرسى» قائلة: «كيف ترسل الشباب إلى سوريا لمحاربة الشيعة وتقول للشيعة وإيران أهلًا بكم فى مصر؟»، واستطردت قائلة: «التيار الإسلامى يقضى على الشباب فى مصر، فيقوم بسحلهم وتعذيبهم داخل مصر، والآخرون يقومون بإرسالهم للجهاد فى سوريا حتى يتم تفريغ مصر من الشباب».
وذكرت أن هناك العشرات من الشباب المصرى يسافر باستمرار إلى الجهاد هناك بتنظيم من جهات سلفية، وعلى رأسهم الشيخان مصطفى العدوى وياسر برهامى.
ووجهت «لبنى» نداء إلى «مرسى» بأن يصدر قرارًا بمنع الجهاد فى سوريا أسوة بملك السعودية حتى نحافظ على شباب مصر قائلة: «مين هيبنى مصر بتقضوا على شبابنا فى الداخل والخارج؟».
ووجهت كلمة لشيوخ السلفية وعلى رأسهم مصطفى العدوى بأن يحافظ على الشباب المصرى قائلة: «إذا كنتم تريدون الجهاد فاذهبوا الى سوريا للشهادة هناك بدلًا من الظهور على القنوات الفضائية لدواعى الشهرة».
أحدثت هذه المطالبة ردود فعل مؤيدة لها، فأشار الإخوان إلى حلفائهم ليردوا شرعيًا على مطالبة السيدة لبنى رضوان الرئيس مرسى بأن يصدر قرارًا يمنع السفر للجهاد فى سوريا، فخرج ياسر برهامى ليقول: «هذا لا يجوز لأن الشعب السورى مُستضعف ولا يصح أن يصدر قرار يمنع الوقوف معهم فى أزمتهم»، فيما قال عاصم عبدالماجد، إن سفر الشباب المصرى للجهاد فى سوريا لا يشكل أزمة حتى تخرج مطالبات بإصدار قرارات رسمية تمنع سفر المجاهدين.

الإعلامى الهارب خصص حلقة من برنامجه السابق «آخر كلام» لتمجيد الإرهاب فى سوريا
لكن هذه الردود لم تزل مخاوف المجتمع على مصير أبنائه، بل أعطت لأهالى الشباب الحق فى منعهم من السفر إلى سوريا، وهنا تدخل الإخوان بأنفسهم واستغلوا أحد رجالاتهم المختفى تحت رداء الليبرالية، وهو المذيع يسرى فودة ليخصص حلقة كاملة من برنامجه (آخر كلام) فى قناة «أون تى فى» للحديث عن جهاد المصريين فى سوريا.
بدأ «يسرى» الحلقة بقراءة وصية من أسماه الشهيد محمد محرز، شقيق المتحدث الرسمى باسم الإخوان ياسر محرز فى سوريا، حاشدًا ومُحرضًا ومشجعًا الشباب على الذهاب إلى سوريا.
فى الحلقة، قدم «فودة» للمشاهدين المصريين والعرب، واحدًا من قيادات الإرهابيين المسئولين بشكل مباشر ورئيسى عن تجنيد الشباب المصرى، وتسهيل سفره إلى سوريا للانضمام إلى جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة هناك) ومعظم هؤلاء الشباب انتقل فيما بعد إلى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
وهذا القيادى الإرهابى هو الشيخ مصطفى البدرى، إمام مسجد التيسير بمدينة العبور، ومؤسس الدعوة السلفية بها، وعضو اللجنة الشرعية للمحكمة العليا فى حلب.
كما استضاف شخصًا ملثمًا، كنموذج للمصريين الذين سافروا للقتال فى سوريا، وعرفه على أنه يدعى «أبو آدم»، وظهر يغطى وجهه ويعطى ظهره للكاميرا، قائلًا إنه لا يريد الظهور بوجهه لسببين؛ أولهما ابتغاءً لمرضاة الله وعدم طلبه للشهرة، وثانيهما الحذر الأمنى، مضيفًا أنه يتمنى أن يتولى تنظيم الجهاد بسوريا مؤسسات متكاملة.
وبدأ التحريض والكذب قائلًا: «إن الثورة السورية بدأت مثل ثورات الربيع العربى، بضرب مواطن سورى فى إحدى الأسواق، تظاهر بعدها العديد لاسترداد حقه، وخرج الأطفال لأول مرة فى تاريخ سوريا بمسيرة رددوا فيها (الشعب يريد إسقاط النظام)، فتم القبض عليهم وتعرضوا للتعذيب، وعندما طالب أهاليهم بالإفراج عنهم قال لهم الضباط أنجبوا غيرهم».
وهذا «الملثم» أحد المقبوض عليهم فى القضية رقم ٣٠٩ لسنة ٢٠١٣، حصر أمن دولة عليا، والمعروفة بقضية «العائدون من سوريا»، التى تحقق فيها نيابة أمن الدولة العليا.
وهذه بعض اعترافاته:
س: ما اسمك؟
ج- اسمى عمر عبدالخالق عبدالجليل ٢٨ سنة، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف بمسجد على بن ابى طالب فى مدينة السلام.
س: كيف سافرت إلى سوريا؟
ج- قلت لـ«محمد» أخويا تعالى نسافر سوريا للجهاد، فوافقنى وقالى إن التأشيرة لتركيا هتكون سهلة.
توجهت إلى السفارة التركية لطلب تأشيرة، وحصلت عليها لأن فكرة الجهاد كانت خلاص تملكت منّى، وكان فيه واحد من اللى بياخدوا التأشيرات لتركيا تعرفت عليه فى مسجد العزيز بالله، اسمه خالد التونى وهو فى سوريا لغاية دلوقتى، وكان فيه شيخ اسمه أحمد وكنيته أبوعاصم المصرى، وفيه شيخ تانى اسمه أبوسهل المصرى، وده استشهد فى سوريا فى شهر يونيو ٢٠١٣، وبدأت أنا ومحمد ندور على سكة للجهاد، وروحنا على ناس معرفته واحد منهم اسمه أبوعبدالله، دول كانوا على طريق السويس ودربونا على استخدام سلاح الكلاشينكوف، وعرفنا إن فيه حملات إغاثة بتطلع عن طريق الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وهى هيئة دعوية إغاثية بمسجد بلال بن رباح فى مدينة نصر، ومكونة من السلفيين والإخوان ومن بين أعضائها الشيخ محمد حسان، ومحمد عبدالمقصود، والمهندس خيرت الشاطر، وطارق الزمر، وعرفت إن اللى ماسك موضوع السفر شخص اسمه العميد سلام، وكنيته أبو مروان، وطلبنا منه السفر إلى سوريا للجهاد، وقالنا إنه مسافر سوريا يوم الأربعاء وطلبنا منه نسافر معاه وجبنا له فلوس تذاكر الطيران، وهو حجز لنا وسافرت معاه أنا وأخويا وخالد التونى اللى هو أبوعمر وأبو عبدالرحمن المصرى، وأبوعاصم، وأبوسهل وسافرنا مع العميد سلام، ونزلنا اسطنبول وتقابلنا مع أمير كتائب أحرار الشام، وهو اسمه حسان عبود.
وبعد فترة جلس أبوسلام مع كتائب أحرار الشام فى إحدى الغرف بمفردهم ثم خرج وطلب منا الاستعداد للسفر إلى سوريا، وكان حاجز لنا تذاكر طيران على نفقتنا وتوجهنا إلى باب الهوى فى تركيا، وبالتحديد معبر اللاجئين وكانوا مفهمينا إننا نقول إننا سوريين، وأوراقنا فقدناها فى الحرب والسلطات التركية مكانتش بتدقق فى اللى معدى لسوريا، ووصلنا لريف حماه بناء على تكليفات من عبدالله الحموى، ودى أكبر منطقة ملتهبة فى سوريا، لأنها نقطة التماس بين السنة والعلويين، ونزلنا على كتيبة عمر بن الخطاب إحدى كتائب أحرار الشام وكان قائدها عدنان ومكنى بـ«أبوكمال» وتانى يوم كان فى غزوة ومعركة دخلنا فيها، والكتيبة كانت مسئولة عن الأكل والشرب، وإحنا كان متنبه علينا وإحنا رايحين لازم يكون معانا ثمن السلاح ولما رحت أنا ومحمد إدينا لأبوكمال ٣ آلاف دولار وجابلنا سلاحين وفضلنا نقاتل من شهر أغسطس إلى شهر أكتوبر ٢٠١٢، وليلة عيد الأضحى نزلنا أنا ومحمد إجازة لمصر حوالى ١٥ يومًا حصلنا فيها على تأشيرة تانى لتركيا، وكان فى ضغوط من الأهل علشان منسافرش تانى لكن سافرنا بس المرة دى على جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وكانت أقوى جبهة بقيادة أبومحمد الجولانى، ولقينا خالد التونى كان منسق جبهة النصرة، وأنا رجعت تانى وأخويا محمد فضل هناك وكنت ناوى يكون دورى تنسيقى لأى حد عايز يسافر، ولو فيه تبرعات أو حاجة أوديها لهم فى سوريا، وكان أبو عبدالرحمن هو القائد العسكرى لجبهة النصرة لريف حماه، وده بخلاف الأمير أبومحمد الحموى وفى بداية الأمر، كانت الجبهة مكونة من ٧ أشخاص سوريين، وأنا وأخويا محمد وأبو عبدالرحمن، والجبهة بدأت تقوى وتولى أخويا محمد القيادة العسكرية وأنا المساعد بتاعه، بعد ما أبو عبدالرحمن راح ريف حماه الشرقى، لأنه أقوى وحققت الجبهة انجازات كبيرة منذ تولى محمد أخويا القيادة العسكرية فى الفترة من يناير٢٠١٣ إلى ٢٩ مارس ٢٠١٣.
أنا فى أول شهر فبراير قابلت الشيخ مصطفى البدرى من مؤسسى الدعوة فى العبور، وطلب منّى الظهور فى برنامج الأستاذ يسرى فودة على قناة «أون تى فى» للحديث عن الشهداء، وفعلًا طلعت والحلقة نالت استحسان الكثيرين وعندما عدت إلى مصر جمعت حوالى ٢٠ شابًا خلال شهر، يريدون السفر للجهاد فى سوريا، وكان لهذه الحلقة أثر كبير فى جذب الشباب وتجنيده للسفر إلى سوريا.



- فصول من كتاب وليد البرش القيادى السابق بالجماعة الإسلامية