رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلام لا يصح مع أبنائنا وبناتنا


فى بعض الأحيان يكون الاستماع إلى الناس مفيدًا لأنه يعكس ثغرات وقضايا يمكن معالجتها من قبل المسئولين فى المواقع المختلفة، ومن لديهم القدرة على معالجة الأمور بحيث يتم معالجتها بأفضل الطرق.. ويقينى أننا نمر بفترة حساسة تم فيها وضع استراتيجية لتطوير التعليم فى مصر.. وكان قد عرضها لنا باستفاضة د. طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، فى أول أيام مؤتمر «مصر تستطيع» الذى أقيم بمدينة الغردقة ونظمته وزارة الهجرة، بالتعاون مع عدد من الوزارات والأجهزة الحكومية.. وهى الدورة الثالثة فى مؤتمرات «مصر تستطيع» التى تقام بمبادرة متميزة أطلقتها الوزيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة، للاستفادة من خبرات علماء وخبراء مصر فى الخارج، وتقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى.
فى كلمته أكد الوزير أن الاستراتيجية الحالية لتطوير التعليم فى مصر تهدف إلى إنهاء صيغة التلقين والحفظ، التى طالما تسيّدت التعليم فى مصر.. وأن الهدف الحالى هو تخريج تلاميذ قادرين على الفهم والتفكير اتساقًا مع النظم العالمية الحديثة للتعليم.
والحقيقة أن الهدف ممتاز ومطلوب، إنما فى نفس الوقت من الضرورى أن يلتفت القائمون على التعليم فى بلدنا إلى الثغرات الموجودة وإلى شكاوى الأهالى والمواطنين وعدم تجاهلها، لأن فيها الكثير من النقاط الوجيهة، التى يمكن أن تحل أو تتلافى عيوبًا جوهرية قد لا تصل إلى القائمين على وزارة التربية والتعليم.
وأسوق هنا بعض القضايا المهمة التى طُرحت فى جلسه مهمة حضرتها مع مجموعة من الأمهات والسيدات، كنا نتحدث فيها عن الأبناء والبنات ومشاكل المدارس ومصروفات وطلبات المدارس وأحوال المدرسين.. ثم تطرق الحديث إلى خطوات تطوير التعليم التى تجرى حاليًا على قدم وساق.. فجأة قالت لنا إحدى الأمهات إنها تعرف أن الدروس الخصوصية فى المدارس الحكومية مثلًا ما تزال قائمة، وإن ممرضة والدتها أخبرتها أن المدرس فى فصل ابنها فى المرحلة الابتدائية قد ألزم التلاميذ بأخذ دروس خصوصية معه لأنها شرط للنجاح فى نهاية العام، وإلا.. فإن التلميذ الذى يرفض لن يقدر له النجاح فى نهاية السنة.
سيدة أخرى قالت إن الطاهية فى بيتها قالت لها إن المدرسين يتركون دون متابعة من الإدارة، ولا يلتزم بعض المدرسين بأى معايير أخلاقية، وإن أحد المدرسين يوجه كلمات نابية للتلميذات ومنهن ابنتها التى تذهب إلى مدرسة بحى شعبى، وهى تلميذة ومتفوقة فى دراستها بالمرحلة الثانوية.. أم أخرى تحدثت عن المصروفات الباهظة التى تمت زيادتها هذا العام، رغم كل البرامج والأخبار التى تؤكد أن الوزارة ستتصدى للمغالاة فى المصروفات بالمدارس الخاصة، لكن لم يتم تنفيذ هذا الأمر، وأن ابنتها فى مرحلة الابتدائى بإحدى مدارس اللغات الخاصة المختلطة.. ولا تعرف كيف ستكمل ابنتها بقية سنوات الدراسة مع الارتفاع العشوائى للمدارس الخاصة، خاصة مدارس اللغات.. ولا تعرف لمن تلجأ؟ ولمن تشكو؟.
إن هذه بعض مشاكل يواجهها أولياء الأمور، وأعتقد أنها أضواء كاشفة لما يحدث فى المدارس، وأعتقد أنه من الضرورى أن تؤخذ فى الاعتبار من جانب المسئولين عن التعليم فى بلدنا وبعدم تجاهل، لأنها شكاوى كاشفة وحقيقية، وحتى يكون هناك تعاون بين جميع أطراف العملية التعليمية، والطرف المهم الذى يتم تجاهله هو أولياء الأمور، الذين يتم تجاهل شكاواهم فى معظم الأحوال.. وكل شكوى تؤكد أننا فى حاجة إلى حلول عاجلة لمشاكل كثيرة، منها ما ذكرته ومنها مشاكل أخرى ضاغطة وملحة لأنها تحدث أثناء عملية التطوير الجارية الآن.
وبعض الأمثلة تؤكد أننا فى حاجة إلى رقابة أكثر فاعلية على المدارس والمدرسين، ولا بد من تدريب وتأهيل المدرسين حتى يمكنهم تطبيق أهداف التطوير على أفضل وجه.. ولا بد أيضًا من عودة الموجهين الذين كانت مهمتهم فى المدارس سابقًا متابعة سير العملية التعليمية على نحو جيد، ومقبول وعدم ترك المدرسين ينشرون السلوكيات الفجة بين البنات والأولاد أو ينشرون أفكار التطرف والعنف والتشدد.. وأيضًا النظر فى المصروفات الباهظة التى تفرضها المدارس فى القطاع الخاص، وأيضًا لا بد من إنشاء مدارس حكومية جديدة وإصلاح أحوال المدارس القديمة والمتهالكة، فكيف يمكن أن يكون التعليم عصريًا وحديثًا وناجحًا ومتطورًا إذا كان فى الفصل ٦٠ تلميذًا محشورين كعلبة سردين مغلقة.
إننا قد فتحنا ملف تطوير التعليم، وهو ملف لا بد أن تكون له الأولوية والاهتمام من جميع الفئات، سواء من الحكومة أو من المواطنين أو المدرسين.. لكن فى نفس الوقت إذا ما كنّا نريد أفضل تعليم لأبنائنا، وبما يتناسب مع خطط مصر فى التقدم، فلا بد أن ينظر المسئولون عن التعليم، وفى مقدمتهم وزير التربية والتعليم، إلى شكاوى الأهالى وملاحظاتهم، لأنها تخص أبناءهم وبناتهم، ومن الضرورى أن يكون هناك تعاون مع كل الجهات ليتم التطوير بشكل يسهم فى تخريج أجيال واعية ومستنيرة ومتعلمة تسهم فى تقدم الوطن واستقراره.