رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لأول مرة.. العالم يحيي اليوم الدولي للتعليم 24 يناير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يحيي العالم يوم 24 يناير الجاري، لأول مرة اليوم الدولي للتعليم 2019، حيث أقرت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من خلال إعلان اليوم الدولي للتعليم، بأهمية العمل لضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل على جميع الصعد ليتمكن الجميع من الحصول على فرص التعلم مدى الحياة واكتساب المعارف والمهارات اللازمة للمشاركة الكاملة في المجتمع والمساهمة في التنمية المستدامة.

ويمنح التعليم للأطفال سلما للخروج من الفقر ومسارًا إلى مستقبل واعد، لكن ما يقرب من 265 مليون طفل ومراهق في العالم لا تتاح لهم الفرصة للدراسة أو حتى إكمالها، ومع أن أكثر من 20% منهم في سن التعليم الابتدائي، إلا أنهم محبطون بسبب الفقر والتمييز والنزاعات المسلحة وحالات الطوارئ وآثار تغير المناخ.

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في 3 ديسمبر 2018 القرار 2573، والذي شاركت في إعداده نيجيريا و58 دولة أخرى، الإرادة السياسية الراسخة لدعم الإجراءات لإحداث التغيير من أجل التعليم الشامل والعادل والجيد للجميع، باعتبار يوم 24 يناير يومًا دوليًا للتعليم في إطار الاحتفال بالتعليم من أجل السلام والتنمية.

وبذلك، أعاد المجتمع الدولي التأكيد على أن التعليم يضطلع بدور أساسيًا في بناء مجتمعات مستدامة ومرنة، فضلا عن أنه يساهم في تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة الأخرى.

وقالت أودري أوزلاي المديرة العامة لليونسكو في رسالة لها بهذه المناسبة، " إننا نحتفل في ٢٤ يناير من عام ٢٠١٩ باليوم الدولي للتعليم لأول مرة، إذ قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في شهر ديسمبر من عام 2018، إعلان يوم ٢٤ يناير من كل عام يومًا دوليًا للتعليم".

وأضافت " ينطوي هذا القرار المهم على اعتراف بالدور الكبير للتعليم في "تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠". فلا بد من توفير التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، ومن توفير فرص التعلم مدى الحياة للجميع، لكي تتمكن البلدان من التحرر من ربقة الفقر الذي يؤدي إلى ترك الملايين من الأطفال والشباب والكبار خلف الركب. ولن نتمكن من تخفيف وطأة تغير المناخ، ومن التكيف مع الثورة التكنولوجية، فضلًا عن تحقيق المساواة بين الجنسين، بدون التزام سياسي طموح بتعميم التعليم، ويتيح هذا اليوم فرصة لتأكيد بعض المبادئ الأساسية المتعلقة بالتعليم مجددًا.

واستطردت أزولاي، أن التعليم حق من حقوق الإنسان، وصالح عام، ومسؤولية عامة. ويعد التعليم أيضًا أنجع وسيلة نستطيع استخدامها لضمان إدخال تحسينات كبيرة في مجال الصحة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وإتاحة الاستفادة من القدرات والطاقات الكامنة وإطلاق العنان للابتكار من أجل بناء مجتمعات أكثر استدامة وقدرة على الصمود. ولا بد لنا من الدعوة إلي عمل جماعي من أجل التعليم على الصعيد العالمي، إذ توجد حاجة ماسة للدعوة إلى ذلك في الوقت الحاضر.

وذكرت أزولاي، أن الأرقام الرئيسية لإحصاءات المتعلقة بالتعليم تبين المصاعب التي نواجهها في هذا المجال، إذ يبلغ عدد الأطفال والشباب غير الملتحقين المدارس ٢٦٢ مليون نسمة، ويبلغ عدد الأطفال والشباب الذين لا يعرفون القراءة ولا يستطيعون إجراء العمليات الحسابية الأساسية ٦١٧ مليون نسمة، ويقل معدل إتمام المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي (التعليم الإعدادي) عن ٤٠ % لدى الفتيات في فريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويبلغ عدد الأطفال والشباب اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس زهاء ٤ ملايين نسمة تؤدي النزاعات والخسائر الناجمة عنها إلى اضطراب حياتهم. ولا يسير العالم في المسار الصحيح الذي ينبغي له أن يسير فيه لتحقيق هدف التنمية المستدامة ٤ الخاص بالتعليم، ولذلك يتعين علينا تعزيز التعاون العالمي والعمل الجماعي تعزيزًا كبيرًا.

وقد أصدرت منظمة اليونسكو تقريرا عالميا لمراقبة التعليم لعام 2019، تحت عنوان "الهجرة والنزوح والتعليم" سلطت فيه الضوء على إنجازات البلدان وأوجه قصورها في ضمان حق الأطفال المهاجرين واللاجئين في الاستفادة من التعليم الجيد، وهو حق يخدم مصالح كل من المتعلمين والمجتمعات التي يعيشون فيها.

وأشار التقرير إلى حق هؤلاء الأطفال في الحصول على تعليم جيد، حتى وإن تم الاعتراف به بشكل متزايد على الورق، ويتم تحديه يوميا في الفصول الدراسية وفي ساحات المدارس، فيما يتم حرمانه من بعض الحكومات بشكل مباشر. وقال إنه وبعد مرور عامين منذ إعلان نيويورك التاريخي للاجئين والمهاجرين عام 2016، غاب اللاجئون 1.5 مليار يوم من التعليم.

ومع ذلك يشير التقرير، إلى أن هناك تقدما في إدراج اللاجئين في نظم التعليم الوطنية، كما هو واضح في 8 من البلدان الـ 10 المضيفة للاجئين. وذكر أن قائمة البلدان الأبطال تشمل بلادا منخفضة الدخل مثل تشاد وإثيوبيا وأوغندا، فيما تعتبر كندا وأيرلندا من بين القادة العالميين في تنفيذ سياسات التعليم الشامل للمهاجرين.

وذكر التقرير أن نصف الأشخاص النازحين قسرا في العالم هم دون سن 18 عاما. ومع ذلك، فإن العديد من البلدان تستثنيهم من أنظمة التعليم الوطنية. إذ يتم منح الأطفال الذين يلتمسون اللجوء في الاحتجاز في دول مثل أستراليا والمجر وإندونيسيا وماليزيا والمكسيك فرصا محدودة للحصول على التعليم إن وجد.

وحسب التقرير، لا يستطيع لاجئو الروهينجا في بنغلاديش، واللاجئون البورونديون في تنزانيا، ولاجئو كارين في تايلند، والعديد من اللاجئين الأفغان في باكستان، الحصول إلا على التعليم في مدارس منفصلة، غير رسمية، مجتمعية أو خاصة، وبعضها غير معتمد. أما بعض هذه البلدان المضيفة، فلا تزود المتعلمين اللاجئين بالدراسة اللغوية التي يحتاجون إليها لتحقيق الاندماج الاجتماعي والحصول على فرص عمل جيدة.

وأوضح التقرير إن جهود الإدراج قد لا تصل إلى شيء في غياب عدد كاف من المعلمين المدربين. ففي لبنان، تلقى 55% فقط من المعلمين والموظفين تدريبات متخصصة لتلبية احتياجات النازحين خلال السنتين الماضيتين لتوفير تعليم جيد لجميع اللاجئين. وستحتاج ألمانيا إلى 42 ألف معلم جديد وتركيا إلى 80 ألفا فيما ستحتاج أوغندا إلى 7 آلاف. وأوضح التقرير أن البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تستضيف 89% من اللاجئين ولكنها تفتقر إلى الأموال اللازمة للتعامل معها، مشيرا إلى أن المانحين يحتاجون إلى مضاعفة إنفاقهم على تعليم اللاجئين إلى ثلاثة أضعاف وضمان دعم طويل الأجل.

وأشار التقرير إلى أن حصة الطلاب من ذوي الأصول المهاجرة في البلدان ذات الدخل المرتفع ازدادت من 15% إلى 18% بين عامي 2005 و2017. ويبلغ عددهم الآن 36 مليونا، أي ما يعادل مجموع السكان في سن الدراسة في أوروبا. وبالمعدلات الحالية، بحسب اليونسكو، فقد ترتفع إلى 22% بحلول عام 2030.

لكن التقرير يؤكد أن الأطفال المهاجرين لا يمنحون فرصة عادلة للنجاح، مشيرا إلى أنه في عام 2017، في الاتحاد الأوروبي، فإن ضعف عدد الشباب الذين ولدوا في الخارج تركوا الدراسة في سن مبكرة مقارنة بنظرائهم من سكان البلاد الأصليين. أما الطلاب من الجيل الأول من المهاجرين في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فهم أقل احتمالا بنسبة 32% من نظرائهم من السكان الأصليين في تحقيق المهارات الأساسية في القراءة والرياضيات والعلوم في عام 2015.

وذكر التقرير أن كندا التي تحتضن أكبر نسبة من المهاجرين بين البلدان الصناعية السبع الأكثر ثراء، تتأكد من أن الأطفال يتعلمون عن الهجرة ابتداء من الصف الثاني، وقد كرست تعدد الثقافات في دستورها. فيما نجحت أيرلندا، التي تتمتع بأعلى نسبة من المهاجرين من الجيل الأول في الاتحاد الأوروبي، في تمويل إستراتيجية التعليم بين الثقافات في خضم أزمة مالية عميقة.

وتوصل التقرير العالمي لمراقبة التعليم لعام 2019 إلى عدة توصيات أبرزها حماية الحق في التعليم للمهاجرين والنازحين، وتضمين المهاجرين والنازحين في نظام التعليم الوطني، إضافة إلى فهم وتخطيط تلبية الاحتياجات التعليمية للمهاجرين والنازحين، وتمثيل الهجرة والتاريخ النزوح في التعليم بدقة لتحدي التحيز. وشملت التوصيات إعداد معلمي المهاجرين واللاجئين لمعالجة التنوع والمشقة، وتسخير إمكانيات المهاجرين والنازحين ودعم احتياجات التعليم للمهاجرين والنازحين في المساعدات الإنسانية والتنموية.

في الوقت نفسه، أكد تقرير موجز عن الهدف الـ 4 للتنمية المستدامة لعام 2018 والصادر عن معهد اليونسكو للإحصاء، أهمية دور البيانات في تحسين عملية التعلم والنهوض بها، وذلك في إطار اجتماع الوزراء وواضعي السياسات المعني بالتعليم الجيد للجميع، ومسألة انعدام المساواة في التعليم.

وأشار تقرير معهد اليونسكو للإحصاء إلى أنه لا يمكن التغلب على هذه المشكلة دون اتباع آلية صارمة لرصد مدى اكتساب الأطفال والمراهقين والكبار للمهارات التي يحتاجونها، وهو ما توصي به بيانات صادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء نظرًا إلى أن 6 أطفال ومراهقين من بين كل 10 في العالم لا يزالون غير قادرين على قراءة جملة بسيطة أو القيام بحسابات رياضية أساسية.

وقد أشارت "سيلفيا مونتويا" مديرة معهد اليونسكو للإحصاء في هذا السياق، إلى أن مسألة انعدام المساواة تندرج في عداد الأسباب الرئيسية لأزمة التعلم العالمية والتي تعرقل مستقبل 617 مليون طفل ومراهق. ولا يقتصر رصد أوجه التفاوت في مجال التعليم على المستوى الفردي فحسب، بل أيضًا على مستوى البلدان والمجتمعات التي تواجه فيها المجتمعات بمجملها صعوبات عدة بسبب ضعف التعليم والثغرات المتعلقة بالمهارات.

وقالت إن الموجز يوضح بجلاء حجم المهام التي نواجهها. فإن ثلث الأطفال والمراهقين الذين يفتقرون إلى مهارات القراءة الكتابة والقراءة والحساب غير ملتحقين بالمدارس وهناك حاجة ماسة لحصولهم على حقهم في التعليم. ولكن ثلثي هؤلاء الأطفال ملتحقين حاليًا بالمدارس.

ويستعرض الموجز البيانات القابلة للمقارنة على الصعيد الدولي واللازمة للحد من أوجه التفاوت وضمان التعلم مدى الحياة وذلك استنادًا للغايات المرجوة من الهدف 4 للتنمية المستدامة.

ويشمل الموجز أيضًا جملة واسعة من المبادرات المعنية بتقييم التعليم ابتداء من مرحلة الطفولة المبكرة وانتهاء ببرامج محو الأمية للكبار.

ويقدم استنادًا إلى ذلك سلسلة من الأدوات الكفيلة بمساعدة البلدان على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن أنواع التقييم التي تكفل تلبية احتياجاتها الخاصة، بالإضافة إلى إرشادات بشأن المشاركة في آليات التقييم وبناء القدرات البشرية الأساسية لتحسين نتائج التعلّم من خلال استخدام البيانات استخدامًا فعالًا.

ويدعو هذا الموجز، الذي يقدم مسوغات قوية لضرورة الاستثمار في آليات التقييم، إلى تغيير وجهات النظر بشأن التكلفة المتوقع من الحكومات والجهات المانحة تحملها لتوفير آليات لتقييم عملية التعلم. فإن المشاركة في إحدى آليات تقييم التعلم قد تكلف كل بلد نحو 500 ألف دولار أمريكي كل 4 سنوات، ويبدو هذا المبلغ كبيرًا بالنسبة للاقتصادات الصغيرة. ولكن تكاد هذه النفقات لا تذكر إذا قورنت بالتكاليف الإجمالية المخصصة لتوفير التعليم، أو بالعواقب الاقتصادية الأكبر الناتجة عن عدم مواءمة المضامين التعليمية.

وتفيد تقديرات معهد اليونسكو للإحصاء بأن البيانات الموثوقة بشأن التعلم تمكن من تقييم فعالية المناهج المتبعة أو إذا ما كانت هناك حاجة لإجراء بعض الإصلاحات لتحسين معدل الإنفاق على التعليم بمعدل 5%، الأمر الذي يتطلب توفير ما يعادل 30 مليون دولار أمريكي سنويًا في كل بلد، وهو مبلغ كفيل بتوفير تكاليف التقييم مئات المرات.