رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرية العقيدة أم حرية الاعتقاد




مع أن المادة الرابعة والستين من الدستور تنص على أن «حرية الاعتقاد مطلقة.. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون»، إلا أنه لم تعد ممارسة الشعائر الدينية أو إقامة دور العبادة حقًا مطلقًا، كما لم يصدر القانون المنظم لهذه الحريات لأصحاب الأديان السماوية، وقد مضى على اعتماد الدستور نحو ستة أعوام.
إن مصر بتاريخها عميق الجذور لا يوجد بها إلا ثلاث ديانات، ترتيبها تاريخيًا اليهودية والمسيحية والإسلام، فى حين توجد فى العالم ديانات كثيرة، أذكر منها بعضًا بترتيب أعداد تابعيها من سكان العالم على النحو التالى: الديانة المسيحية وعدد أتباعها ٢٫٤ ١٫٨ نسمة بنسبة ٢٤٫١ فى المائة.. واللا دينيون وعددهم ١٫٤ مليار نسمة بنسبة ١٦ فى المائة من السكان.. والهندوس وعددهم ١٫١٥ مليار نسمة بنسبة ١٥ فى المائة من السكان.. والبوذيون وعددهم ٥٢١ مليون نسمة بنسبة ٧ فى المائة من السكان.. والصينيون التقليديون ٣٩٤ مليون نسمة بنسبة ٥٫٥ فى المائة.. والسيخ وعددهم ٣٠ مليون نسمة بنسبة ٠٫٣٢ فى المائة.. واليهودية وعددهم ٤٫١٤ مليون نسمة بنسبة ٢٠٪ فى المائة.
والحرية تمارس بكل أساليب التعبير فى الحياة الخاصة أو العامة تعليمًا وممارسة، كما يشمل التعبير حق الفرد فى اختيار وفى اتباع أى من الأديان، كما لا يُجبر على أسلوب الممارسة أو عدمها، فهى علاقة فردية بين الإنسان وقناعاته، والحساب ليس فى يد البشر، فالكل خلقوا متساوين ومدركين إلا من فقد عقله أو سُلبت منه حريته.
ولقد خصصت الأمم المتحدة يوم السابع والعشرين من أكتوبر من كل عام، ليكون اليوم العالمى لحرية الأديان، إحياءً لذكرى أشخاص أُعدموا بسبب الدفاع عما يعتقدون فى مواقع مختلفة من العالم، عسى الكل يتذكر ويترك الحكم للديَّان الذى له وحده حق المحاسبة على الأفكار، وحتى النوايا وهمسات ونبضات القلوب.
ومع إمكانية الرجوع إلى مضابط اللجنة الدستورية التى وضعت الدستور وما تم تسجيله فى اللجنة وكيف تليت المادة، إلا أننى أكتب بمفهوم النص المدون فى الدستور عن حرية الاعتقاد، كما ورد فى ويكيبيديا العالمية تحت مفهوم «الحرية الدينية وحرية الاعتقاد»، أى حرية التعبير ومبدأ دعم الفرد أو المجموعة فى حياتهم الخاصة أو العامة فى إظهار دينهم أو معتقدهم أو شعائرهم الدينية، سواء بالتعليم أو الممارسة أو الاحتفال، ويشمل المصطلح كذلك حرية تغيير الدين أو عدم اتباع أى دين. كما تشمل هذه الحرية الترك أو الانسحاب من دين أو جماعة دينية، ويطلق عليه، حسب مصطلحات دينية، مسمى الردة، وهى جزء أساسى من الحرية الدينية.
كما تُعتبر الحرية الدينية من قِبل الأفراد والدول فى العالم حقًا أساسيًا يندرج تحت المادة ١٨ من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، بل تعد الحرية الدينية من أهم حقوق الإنسان فى الدول التى تعتمد مبدأ دين الدولة، وذكرنا فى مناسبة أخرى أن الدولة تعبير سياسى، ومع ذلك فالمبدأ الوارد فى الإعلان هو حرية الاعتقاد، أى حرية ممارسة الاعتقاد وليس أمرًا مكتومًا غير قابل للاستعلام أو الممارسة فى العلن وإلا انتفى مفهوم كلمة حرية، التى يأتى الدين وممارسته على قمة الحريات حتى بالنسبة للدول التى تعتمد مبدأ دين الدولة، وعليه فقد نادت الأمم المتحدة باليوم العالمى للحرية الدينية، وهو يوافق ٢٧ من شهر أكتوبر من كل عام، وذلك التاريخ- كما ذكر فى بداية هذا المقال- يرتبط بإعدام أشخاص بحجة الدفاع عن الدين، ولكن من هو الإنسان حتى يدافع عن الدين، ما دمنا نؤمن بأن الدين للديّان خالق الأكوان، وعالم الخفايا له وحده، وله الكرامة والعبادة.