رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن تقضي ليلة رأس السنة مع الساحر


دأب العالم على الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية منذ ما يقارب 4 آلاف عام، إذ اختلفت الشعوب والحضارات في التعبير عن احتفالاتهم طبقا لثقافاتهم وطبيعة نشأتهم العقائدية. لكن تبقى الاحتفالية الأهم والأشهر هي احتفالية الانتهاء من عام والانتقال إلى آخر.

فى بداية كل عام، تأتي علينا بعض الأوقات التي نشعر فيها  باليأس والإرهاق النفسي الذي قد يدفعنا للكآبة والانكسار طوال العام الجديد، كنوع من التراكمات التي خلفتها الأعوام السابقة، ننظر خلفنا لبعض الذكريات المؤلمة، والتجارب الفاشلة، ونتمنى أن نواجه ما هو أفضل.

وعلى عكس ما سبق من أحاسيس؛ فإن المخرج الكبير داود عبد السيد قدم لنا سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في آخر أدوارها السينمائية (نرجس)، الأرملة التي قضت ليلة رأس السنة بطريقة مثيرة وصاخبة تبحث عن جواز السفر المفقود، وتشعر بالتيه والفقد والتخبط بين الاختيارات الحياتية المتاحة أمامها.

دارت أحداث أرض الأحلام في 1993، واتسمت بطابع فلسفي كشأن معظم أفلام عبد السيد. بين ساحر سكير مستهتر وأرملة متحفظة، نرجس علي ريحان (فاتن حمامة)، تحاول العثور على جواز السفر قبل ساعات معدودة من سفرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تلبية لدعوة ابنها المهاجر للعيش معه في أرض الأحلام.

اتسمت حياة نرجس بالانعزالية والكمون والغرق في الوحدة، وذلك بعد أن ارتضت أن تتحول إلى معبر لأولادها الذين يمرون عليها في الأعياد والمناسبات، لكن بدون ممارسة حياة طبيعية لعائلة متماسكة بل تفرق الأخوة.

وبقيت نرجس ترعى والدتها المسنة، وفي ليلة من عمرها في رأس السنة  تقابل عدة مواقف وشخصيات استطاعت التأثير فيها وفي طريقة تناولها للأمور، أهمها هو الساحر رؤوف (يحيى الفخراني)، الذي صدمته نرجس بسيارتها تحت تأثير شرودها في حسم الصراع النفسي داخلها، بين قبول السفر أو التمسك بأحلامها الصغيرة المتمثلة في بقاءها بمصر، للاعتناء بوالدتها عفيفة هانم (أمينة رزق)، والمكوث وسط أصدقاءها وذكرياتها.

تقضي نرجس رحلة من عدة ساعات في ليلة رأس السنة بحثا عن رؤوف الساحر السكير بين الملاهي الليلية والفنادق والبارات، لمساعدتها في إيجاد جواز السفر الذي تعتقد أنها فقدته وقت الحادث.

تتنقل نرجس ما بين الساحر الذي أقنعها بأن لديه جواز السفر، وبين المنجمين الذين يحاولون التنبؤ بمكانه، إضافة إلى غيظها منه لسلوكه المستهتر والمدهش بالنسبة إلى امرأة مهذبة، فتحاول قتله ليستعين الساحر بالشرطة، ويتم القبض عليها.

وأخيرا يعترف رؤوف بأنه يكذب، وكل ما تمناه أن تقضي نرجس ليلة رأس السنة بصحبته. ليلة مثيرة قضتها أرملة جميلة ذات لثغة طفولية في حرف الراء، فتبقى لثغتها ذكرى رأس السنة التي أهدت بها جمهورها.