رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تتجول فى مدارس أفقر 100 قرية بـ١٢ محافظة بعد مبادرة «حياة كريمة»

صورة من الحدث
صورة من الحدث

محمد عوض - مصطفى دياب - على حسين - محمود عبدالعال ياسمين شعيب - إسراء توفيق - معوض هويدى

منذ اليوم الأول لإطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة «حياة كريمة»، بداية يناير الجارى، لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين فى جميع أنحاء الجمهورية، تتسابق أجهزة ومؤسسات الدولة فى اتخاذ الخطوات العملية التى تكفل تحقيق أهدافها على أرض الواقع، والتى جاء فى مقدمتها تحديد ١٠٠ قرية بـ١٢ محافـظة هى الأكثر فقرًا، وإعطاؤها الأولوية فى المبادرة.

وإلى جانب المتطلبات المعيشية، من طعام ومياه شرب وصرف صحى وصحة، تتعاظم أهمية ملف التعليم، الذى ستشمله المبادرة لتحقيق التطوير اللازم فى المدارس بالقرى الأكثر فقرًا، وهو ما يتزامن مع بدء الدولة تطوير هذا الملف، الذى شمل إطلاق منظومة جديدة للتعليم.

«الدستور» تزور مدارس هذه القرى، للاطلاع على أوضاعها عن قرب، والتعرف على أبرز ما تعانيه من مشاكل، ناقلة شكاوى مواطنيها من أولياء أمور طلاب هذه المدارس.



سوهاج.. 60 طالبًا فى الفصل.. وولى أمر عن الإنترنت: «لما يجيبوا تليفون أرضى»


تعانى قرية «برخيل»، التابعة لمركز «البلينا» بمحافظة سوهاج، من عدم وجود مدرسة إعدادية منذ ما يزيد على عامين، وذلك بعد هدم المدرسة الإعدادية الوحيدة بها بغرض إعادة بنائها من جديد، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وتحولت أرض المدرسة إلى موقع مهجور، بالتزامن مع توزيع طلابها على المدارس الابتدائية بالقرية، كفترة مسائية، ومدرستى «بنى حميل» و«الحرجة قبلى»، اللتين تبتعدان أكثر من ١٠ كيلومترات عن القرية.
وإلى جانب توقف إنشاءات المدرسة، تعانى القرية من نقص فى مدرسى الرياضيات واللغة الإنجليزية، وفق إيمان حماد، ولى أمر طالبة فى المدرسة الإعدادية، فى الوقت الذى طالب فيه محمود عبدالرازق، ولى أمر طالب فى المدرسة، بعدم قصر تطوير القرى الفقيرة ضمن مبادرة «حياة كريمة» فى النظافة وتمهيد الطرق، بل تعميم ذلك ليشمل ملف التعليم أيضًا.
وتفتقر مدرسة «الوحدة الوطنية الثانوية المشتركة»، فى قرية «أولاد طوق» التابعة لمركز «دار السلام»، إلى وجود معامل وأجهزة كمبيوتر، ويهدد ملعبها الرياضى «الخراسانى» طلابها بالخطر، وفق إيهاب عمرو، ولى أمر، الذى أضاف: «يوجد بها عجز كبير فى المدرسين بسبب بعدها عن المدينة، ولا توجد بها مكتبة أو مقاعد كافية، وكثافة طلابها تصل إلى ٦٠ طالبًا فى الفصل الواحد، بجانب سوء حالة دورات المياه».
ولم يختلف الأمر كثيرًا فى مدرسة «الخذندارية شرق الابتدائية الجديدة»، بجزيرة «الخذندارية»، الواقعة وسط النيل بمركز طهطا، ويقول السيد عاطف، من أبناء القرية: «تعانى المدرسة من عجز فى أعداد المعلمين، خاصة بمواد الرياضيات والعلوم، ولا يوجد بها أى صالات رياضية أو أدوات فى المجالين الزراعى والصناعى»، مضيفًا: «لا توجد فى المدرسة أجهزة حاسب آلى، رغم أنها مادة أساسية يدرسها الطلاب، وبالطبع لم تدخلها شبكة إنترنت، لأنها تفتقر إلى وجود تليفون أرضى من الأساس، بالإضافة إلى تواجد عامل نظافة وحيد فى مدرسة بها أكثر من ٥٦٠ طالبا». وفى القرية ذاتها، تعانى مدرسة «الخذندارية الإعدادية» من عدم وجود فناء يقف فيه الطلاب أثناء الطابور والفسحة، بسبب إقامتها على مساحة ضيقة، وذلك رغم وجود أرض فضاء بجانبها، فيما تعانى مدرسة «نزلة الهريدى» من عجز فى مدرسى الرياضيات، فى الوقت الذى يصل فيه عدد الطلاب بمدرسة «الشيخ زين الدين» إلى نحو ٧٠ طالبًا فى الفصل.
وبالنسبة للمعهد الأزهرى الابتدائى فى القرية، فهو الآخر تم إخلاوه وهدمه منذ عامين، ثم نقل طلابه إلى مدرسة «محمد محمود الحجار الابتدائية» كفترة مسائية، ويقول محمود العمدة، من أهالى القرية، إنه «لا يوجد أى مؤشرات على إعادة إنشاء المعهد مرة أخرى».



أسوان..مبنية من الطوب اللبن.. الكثافة مرتفعة بشكل كبير.. وحضانة واحدة فقط

شكا أهالى قريتى «المنشية الجديدة» بمركز كوم أمبو، و«دابود» بمركز نصر النوبة، من سوء الخدمة التعليمية، ومعاناتهم من عدة أزمات أبرزها قلة عدد المدارس والمدرسين.
وقال أهالى «المنشية الجديدة» إن إبناءهم يعانون من تكدس الفصول فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ما يؤثر على مستوى التحصيل واستيعاب الدروس، لذا فإن بعض التلاميذ لا يجيدون القراءة والكتابة عمليا رغم تنقلهم فى المراحل التعليمية، وشكوا من العجز فى أعداد المدرسين بجميع المواد الدراسية الأساسية، خاصة فى المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى قلة عدد مدرسى المواد العلمية فى المرحلة الإعدادية، فضلا عن عدم وجود مدارس ثانوية من الأساس. وأوضح محمد سيد، مدير المدرسة الإعدادية فى «المنشية الجديدة»، أن القرية تعانى من تراجع شديد فى الخدمة التعليمية، فى ظل تكدس الفصول والعجز فى أعداد المدرسين، منوها بأنها تبعد عن مدينة كوم أمبو بنحو ١٥ كيلومترا، ما يضطر الأهالى لتعليم أبنائهم فى مدارسها غير المؤهلة التى لا يزال بعضها مبنيا بالطوب اللبن.
وأضاف: «كثافة التلاميذ فى بعض فصول المدارس الابتدائية تصل إلى ٧٠ تلميذا، وفى الإعدادية لا تقل عن ٥٠ طالبا، فى الفصل الواحد، وفى ظل عدم وجود مدارس ثانوية، فإن الطلاب الذين يريدون استكمال تعليمهم يضطرون إلى السفر يوميا من وإلى كوم أمبو من أجل الوصول لأقرب المدارس، ما يزيد من معاناتهم».
وكشف أحد أبناء القرية أن أهالى «المنشية الجديدة» حاولوا بجهودهم الذاتية تخصيص قطعة أرض بالقرية لبناء مدرسة ثانوية عليها، بحثا عن تخفيف المعاناة عن أبنائهم من طلاب المرحلة، مشيرا إلى أن مسئولى الوزارة الذين عاينوا الأرض لم يهتموا ببناء المدرسة، حتى تحولت أرضها حاليا إلى مقلب للقمامة.
وأضاف: «الأهالى خصصوا أيضا منذ ١٠ سنوات قطعة أرض تصلح لبناء مدارس أزهرية فى جميع المراحل التعليمية، لكن القائمين على الأزهر تجاهلوا طلبهم، الذى لم يجد أى اهتمام، لذا نعيش دون اهتمام من وزارة التعليم أو الأزهر أو المحافظة أو حتى أعضاء مجلس النواب».
المشهد لم يختلف كثيرا فى قرية «دابود»، التابعة لمركز نصر النوبة، التى يعانى أبناؤها أيضا من غياب المدارس الثانوية ما يضطرهم للسفر إلى قرية «كلابشة» التى تبعد عنهم نحو ٨ كيلومترات، وقال أبوالحسن الشاذلى، أحد أبناء القرية، يعمل مديرا لأحد البنوك فى مدينة أسوان، إن «دابود» تعانى من تجاهل المسئولين لها وعدم تطوير مرافقها منذ تدشينها فى خمسينيات القرن الماضى.
وأضاف: «القرية كانت تضم مدرسة ابتدائية واحدة فقط، إلى أن بنى الأهالى مدرسة ثانية بجهودهم الذاتية بعد معاناة أبنائهم من الكثافات المرتفعة داخل الفصول، لكنهم لم يستطيعوا تكرار الأمر فى المرحلة الإعدادية نظرا للحالة المادية البسيطة لمعظم الأهالى». وتابع: «فى ظل وجود مدرسة إعدادية واحدة وغياب المدارس الثانوية تماما، يضطر معظم أبناء القرية إلى الالتحاق بالمدرسة الثانوية الصناعية القريبة، التى يتوقف تعليم معظمهم عندها ثم يتركون القرية بعدها تماما بحثا عن لقمة العيش، كما تلتحق معظم الفتيات كذلك بمدرسة التمريض حتى يجدن أى فرصة عمل بعد ذلك». وكشف أن سوء الخدمة التعليمية ينعكس أيضا على مرحلة الحضانة بالقرية، التى لا تضم غير حضانة واحدة، وصفها بأنها «غير آدمية»، نظرا لكونها مقامة فى منزل ريفى متهالك لا يضم سوى ٣ غرف فقط، ما يصنع مناخا سيئا يؤثر على صحة الأطفال الصغار.


المنيا..«كفر المغربى» تطلب بناء مدرستين ابتدائى وثانوى وسد عجز المعلمين

طالب أهالى قرية «كفر المغربى»، التابعة لمجلس قروى «الشيخ مسعود»، بمركز العدوة بمحافظة المنيا، ببناء مدرستين، إحداهما للمرحلة الابتدائية والأخرى للثانوية، بجانب سد العجز فى المدرسين بجميع التخصصات، وقال محمد عبدالكريم أحمد، مزارع: «نطالب بمدرستين، واحدة ثانوية وأخرى ابتدائية، خاصة أن المدرسة الابتدائية الموجودة فى القرية تعمل بنظام الفترتين».
ووصف خالد عبداللطيف، عمدة «كفرالمغربى»، مستوى التعليم فى القرية بـ«الضعيف»، وهو ما أرجعه إلى وجود عجز فى أعداد المدرسين يصل إلى ٥٠٪، موضحًا: «هناك عجز فى جميع التخصصات، لذا تضطر إدارة المدرسة إلى تكليفهم بتدريس مواد غير المتخصصين فيها، وهو ما يؤثر على استيعاب التلاميذ والطلاب، فيخرج مستواهم التعليمى ضعيفا للغاية».
ورأى محمد مندور، مبلط سيراميك، أن القرية تحتاج لمدارس جديدة، على اعتبار أن مدرستين لا تناسبان كثافة سكان القرية، منوهًا بأن طلاب وطالبات المرحلة الثانوية يضطرون إلى ترك القرية والذهاب إلى مدارس مركز «العدوة»، وهو ما يمثل عبئًا ومشقة تضاف عليهم، وأعباء مالية على أولياء الأمور، خاصة أن مركز «العدوة» يبعد عن القرية مسافة ١٠ كيلو مترات.



البحيرة..«بلال» و«سيدنا سليمان».. مدرسة لـ١٣٠٠ طالب

فى قريتى «بلال بن رباح» و«سيدنا سليمان»، التابعتين لمركز «غرب النوبارية» بمحافظة البحيرة، وتبعدان حوالى ٢٠ كيلومترا عن مدينة «النوبارية» على الطريق الصحراوى، يعيش التلاميذ معاناة بسبب عدم وجود مدارس، سوى مدرسة واحدة للتعليم الأساسى. يقول محمود على عوض، من أهالى قرية «بلال بن رباح»، إن الطلاب يعانون أشد المعاناة نتيجة عدم وجود مدارس ثانوية، إذ لا يوجد بها سوى مدرسة واحدة للتعليم الأساسى، تخدم حوالى ١٣٠٠ تلميذ وتلميذة، منوهًا بأن المدرسة بها ٨ فصول دراسية فقط، وتصل كثافة الفصل الواحد ما بين ٨٠ و١٠٠ تلميذ وتلميذة، بالإضافة للعجز الكبير فى أعداد المدرسين. ويضيف: «غالبية التلاميذ بعد مرحلة التعليم الأساسى يتسربون من التعليم بسبب عدم وجود مدارس للمرحلة الثانوية فى القرية، نظرًا لبعد المسافة التى تصل إلى ٢٥ كيلو عن أقرب مدرسة فى مدينة غرب النوبارية»، متابعًا: «رغم الفقر الذى يعانيه الأهالى، شيدت وزارة التربية والتعليم مدرسة يابانية تم إغلاقها لعدم التحاق تلاميذ بها، وأصبحت مكانًا مهجورًا».
ويتساءل محمد فرحات: «الأهالى يستطيعون بالكاد سداد مصاريف المدارس الحكومية فكيف لهم توفير مصاريف المدرسة اليابانية، باهظة التكاليف؟»، فى الوقت الذى تطالب فيه رحمة محمود، الطالبة بالصف الثانى الإعدادى، بتوفير مدرسين فى مدرسة القرية للتعليم الأساسى، مؤكدة أنهم يعانون نقص المدرسين وارتفاع كثافة الفصول التى تصل ما بين ٨٠ و١٠٠ تلميذ فى الفصل.
ويشير محمد ربيع، أحد سكان القرية، إلى أنها أنشئت عام ١٩٩٧ للمتضررين من قرى شباب الخريجين، وتعانى من نقص شديد فى جميع الخدمات العامة والمرافق، وجميع سكانها يعملون فى مهنة الزراعة، بالمزارع الصحراوية المحيطة بها، مضيفًا: «جميع المنازل فى القرية عبارة عن جدران بالطوب الأبيض مسقوفة بالأخشاب والحطب والبوص، ويعلو السقف مشمع من البلاستيك يقيهم من أمطار الشتاء، وجميع المواطنين بها تحت خط الفقر». وفى قرية «سيدنا سليمان»، يقول حميدة السمالوسى، أحد الأهالى، إن هناك معاناة يومية للطلاب بالمرحلة الثانوية بسبب بُعد المسافة، مشيرا إلى أن أهالى القرية تبرعوا بقطعة أرض لبناء معهد أزهرى بالمجهودات الذاتية، مطالبا المسئولين بالنظر لأهالى القرية، ورفع المعاناة عنهم.

مطروح..الثانية على الجمهورية تترك التعليم: الانتقال من النجع للضبعة «صعب»

قال مرتاح أبوحيما، أحد أهالى قرية «جلالة»، التابعة لمركز «الضبعة» بمحافظة مطروح، إن القرية التى يبلغ عدد سكانها نحو ٦ آلاف نسمة، تضم ٨ مدارس للتعليم الابتدائى، ومدرسة للتعليم الإعدادى، وأخرى للتعليم الأزهرى بالقرية الأم، إضافة إلى ٣ فصول تم إنشاؤها بالجهود الذاتية، فى مدارس التجمعات التابعة للقرية.
وطالب «أبوحيما» بفتح فصل لمرحلة الثانوية العامة فى مدرسة «جلال الإعدادية المشتركة»، لتتمكن فتيات القرية من استكمال التعليم، وصولا إلى المرحلة الجامعية، بدلا من أن يصبح الزواج المبكر هو الخيار الوحيد لهن، بعد تجاوز المرحلة الإعدادية، كما هو الحال الآن.
وأضاف كرم القريضى، أحد أبناء «جلالة»، أن «أقرب مكان للتعليم يبعد عن القرية نحو حوالى ٣٠ كيلومترا، إذ يضطر الطلاب للانتقال يوميا إلى مركز الضبعة لتلقى التعليم»، متمنيًا أن تكون هناك مدرسة ثانوى عام بالقرية تخدم الطالبات قبل الطلاب.
وقالت آية رحومة، إحدى فتيات «نجع الرقاعية»، التابع لقرية «جلالة»: «نفسى أكمل تعليمى، حرمت من استكمال التعليم رغم حصولى على المركز الثانى على مستوى الجمهورية للمرحلة الإعدادية، وذلك لعدم وجود مدرسة للتعليم الثانوى فى القرية الأم، ولصعوبة التنقل لتلقى التعليم فى الضبعة»، مطالبة بإنشاء مدرسة متكاملة لجميع المراحل التعليمية بالقرية، كى لا تحرم الفتيات من التعليم وتتحقق المساواة بينهن وشباب القرية.
واتفقت معها جيلان فايز راتب، طالبة بالصف الثالث الإعدادى، بمدرسة جلال الإعدادية المشتركة، وقالت: «أختى حرمت من التعليم لعدم وجود مدرسة تخدم أبناء قرية جلالة فى مرحلة التعليم الثانوى»، مشيرة إلى أن ذلك يأتى رغم كون الفتيات فى المدرسة على مستوى عال من التفوق.