رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف حاول الإخوان اختطاف صلاح بـ"سلاح أبو تريكة"

عبدالوهاب داود يكتب لمحمد صلاح: نحبك فلا تخذلنا


مبدئيًا، أظن أنه يجب أن أعترف، بشكل شخصى جدًا، أننى لست من عشاق كرة القدم، ولا من متابعيها، توقفت عن مشاهدتها منذ سنوات طويلة، اللهم إلا القليل من المباريات المهمة.. كنت من عشاق النجم محمود الخطيب، بما كانت لمساته للكرة تمثل لى من متعة لا حدود لها، وعندما اعتزل الملاعب، اعتزلت المشاهدة معه، اللهم إلا بعض مباريات المنتخب القومى، وقلة من اللاعبين الذين كنت أحب لمساتهم، وتبدو موهبتهم عصية على التجاهل، مثل مختار مختار، وعلى خليل، ثم حازم إمام.. إلى أن جاء محمد صلاح، فصرت أترقب المباريات التى يكون بها، أتابعها، وأنتظرها بشغف ومحبة وحماس، حتى أننى صرت أعرف أسماء لاعبى فريق ليفربول البريطانى، ومراكزهم، وأهمية كل واحد منهم للفريق، ليس حبًا فيهم بالطبع، لكن لأنهم رفاق صلاح، أو يساعدون على سطوع نجمه، يخدمون عليه ويخدم عليهم. وأغلب الظن أن هناك مثلى كثيرًا من المصريين الذين لم يكونوا يتابعون اللعبة، وصارت قلوبهم تتعلق بها مع ظهور ذلك الساحر الجميل «مو».
نحب محمد صلاح، نعم لا جدال فى ذلك، بل إننا لا نطيق أن يضايقه، أو حتى ينافسه، لاعب آخر، ولو كان رفيقه فى نفس الفريق، ساديو مانى، فنصب لعناتنا عليه إن أضاع كرة مررها له «ولدنا المحبوب»، وإن كانت لديه فرصة التمرير إلى «مو» وتباطأ فيها، بل ونسبُّه ونطالب برحيله إن ظن بنفسه أنه أفضل وأولى بإحراز الأهداف من ابننا.
لا نطيق أن يتأخر رد اتحاد الكرة المصرى على رسائل ممثله القانونى، وإن كان بها ما بها، فعندما اصطدم محامى صلاح باتحاد الكرة، وطالب بما طالب به من حقوق، لم يقف ضده أحد، ولا حتى مجلس إدارة الاتحاد، الذى سرعان ما تراجع عن موقفه.. كلنا كنا معه، ونشن الحملات دفاعًا عن مزاج أبوالصلح الذى نريد له أن يروق، ويمتعنا.. نعم، نحبه وننصره ظالمًا أو مظلومًا، ولِمَ لا، فهو الفرحة التى تملأ العيون، والأمل لكل مجتهد، والجمال الذى طالما عشنا نفتقده لسنواتٍ وسنوات.
نفرح به عندما يقرر التنازل عن لقب «لاعب المباراة»، بعد تسجيله «هاتريك» فى مرمى فريق بورنموث، مجاملة لزميله جيمس ميلنر، الذى كان يخوض المباراة رقم ٥٠٠ فى مسيرته بالدورى الإنجليزى، ونسعد به، ونمجد فعله عندما يتنازل عن ضربة جزاء ضد فريق «أرسنال» لزميله روبرتو فيرمينو ليستكمل بها أول «هاتريك» له فى الدورى، حتى يتحول «الله عليك يا فخر العرب» إلى «تريند» على كل مواقع التواصل الاجتماعى حول العالم، بسبب الكثير من الكتابات التى تصفق له، بعضها على سبيل المزاح، وغالبيتها فى غاية الجدية، حتى إن كثيرين أبدوا رفضهم للعبارة بعد لجوء الكثير من الكتابات إلى «خفة الدم»، أو الاستخفاف، وخوفًا من أن يزعج التريند «حبيبنا»، وابننا الذى نترجاه من الدنيا.
نعم، نفعل ذلك وأكثر من أجل صلاح، فسعادته تسعدنا، وغضبه يغضبنا، وقلوبنا تتعلق به ليل نهار، لكن عندما نشعر أنه يتجاهل كل هذا الحب، أو لا يدرك ضريبة المحبة، فإننا حتمًا سوف نغضب.. من حقه طبعًا أن يجامل من يشاء، وأن يمدح من يشاء، ولو بما ليس له أو فيه، شريطة أن يكون ذلك عن وعى، وألا يجرح أو يؤذى من يحبونه، ويساندونه، ويقفون إلى جانبه فى معاركه، وأن يراعى مشاعر محبيه، وأهله وناسه.
وأغلب الظن أن رده على السؤال بشأن اعتباره «سفير الكرة المصرية»، فى حفل جائزة أفضل لاعب إفريقى، لم يكن محسوبًا، أو مقصودًا، ولم يكن تضامنًا، ولا يحزنون، فلو كان الجالس بجوار صاحبة السؤال هو حازم إمام، لقال عنه نفس الكلام «النجم الحقيقى هو من يجلس بجانبك»، ولو كان طاهر أبوزيد أو محمود الخطيب، أو حسن شحاتة، لقال ما هو أكثر، لكن «القصدية» المفتعلة من «محلل قناة الجزيرة الرياضية» بوجوده فى حفلٍ ليس له، كانت مصدر الحرج، والخطأ، والفخ الذى نصبه تنظيم إرهابى للنجم الخجول، الذى نحبه، والذى لا يتردد فى قول كلماتٍ، أو الإتيان بأفعالٍ، لمجاملة زملاء الملاعب، والرفع من روحهم المعنوية، فهو الولد الطيب، ابن الفلاحين، الذى يمكن انتزاع الكلمات منه بسيف الحياء.
أغلب الظن أنه لم يكن يعرف ما يمكن أن تفعل بكلماته «كتائب الإخوان»، وأرامل التنظيم الحرام، وكيف سوف يستغلونها، ويروجون لها، ويوظفونها لخدمة التنظيم، والهجوم على الدولة المصرية، ولاستكمال عملية اختطافهم لنجم الكرة المعتزل.
فاز صلاح بجائزة أحسن لاعب فى إفريقيا، فتصدر «أبوتريكة» أربعة تريندات على مواقع التواصل الاجتماعى، ولم تنقل مواقع بعينها سوى عبارته «العفوية المجاملة»، ولم تتوقف «كتائب التنظيم» عن التغريد حبًا فى «أمير السذج»، و«رمز الإخوان»، بل والتأكيد على أن مقولة صلاح هى «إشارة تضامنية معه»، حسبما جاء فى صفحة «الموقف المصرى» على سبيل المثال، فأى تضامن؟ وأى إشارات؟ تضامن ضد من؟! ضد الحكومة المصرية، وأهله فى قرى ونجوع مصر الذين يقتلهم الإرهاب الإخوانى، ويقلق نومهم؟ أم أنها ليست أكثر من عبارة مجاملة لضيفٍ فى حفلٍ ليس له مكان فيه، ولم يدعه إليه أحد؟.
وإن لم يكن صلاح يعرف، ولا يرى فى أبوتريكة أكثر من لاعب كرة قدم، فليسمح لى أن أقول له إنه عندما كان أبوتريكة يلعب كرة القدم، كان لديه ملايين المحبين، والمدافعين عنه، والمعجبين به، وعندما اعتزل الملاعب، افتقدته الملايين، لكنه عندما خضع لأوامر التنظيم، وتعليمات «السمع والطاعة»، وصور فيديو يعلن فيه تأييده ودعمه لمحمد مرسى، مرشح تنظيم «الإخوان» للانتخابات الرئاسية، انتقل من مربع «لاعب الكرة الموهوب» إلى خانة «عضو التنظيم» السياسى، والداعم والمؤيد له سياسيًا، فكانت النتيجة الطبيعية أنه خسر ملايين المعجبين، والمؤيدين، وعندما كشفت التحقيقات عن اعترافات لأعضاء الجماعة بدعمه لاعتصام «رابعة» الإرهابى، وتمويله له، خسر ملايين أخرى، وبدأت عملية اختطاف التنظيم الإرهابى لنجم الكرة المعتزل، واختطاف جماهيريته، والسطو على محبة الناس له، وتحويلها إلى كراهية للنظام والحكم فى مصر. وعندما تواردت الأنباء حول انتمائه منذ الطفولة للجماعة، فى شعبة الطلائع بمكتب إدارى «ناهيا»، اكتسب أعداءً، بل كارهين لمجرد ذكر اسمه، وعندما انتقل إلى الحياة والعمل فى «قطر»، الإمارة الكارهة لمصر، والمعادية لعموم المصريين، زاد معارضوه.
ليغضب من يغضب، وليخبط دماغه فى أقرب حائط، لكن الكابتن محمد أبوتريكة مطالب بأن يحدد موقفه من هذه العصابة التى تحترف السطو على كل قيمة جميلة فى مصر ومحاولة تشويهها، فالثابت أنه لم يتبرأ من التنظيم منذ بداية الأنباء حول صلته به، ولم ينف عن نفسه الاتهام بالضلوع فى دعم وتمويل اعتصامهم الدموى.
وإن كان يريد أن يستعيد محبة جماهير وعشاق الكرة المصرية له، فعليه أن يجيب بوضوح لا لبس فيه حول صلته بالجماعة، عليه أن يغسل يديه من أموال الدوحة الضالعة فى كراهية مصر والمصريين، أما إن لم يفعل، فليعلم جيدًا أنه لا مكان له بيننا، ولا كرامة، ولا اعتبار، وليعلم هو ومن معه، أو ورائه، أن كلمات ابننا المحب للحياة، ولأهله، وبلده، لم تكن أكثر من مجاملة، تم انتزاعها بسيف الحياء، وما يؤخذ بسيف الحياء فهو باطل، ولا قيمة له.
ولتعلم جماعة القتلة المعروفة بالإخوان، أنها لا مكان لها، ولا لداعميها، ومؤيديها بيننا، ارفعوا أيديكم عن صلاح، فهو لم ولن يكون منكم، ولن يتضامن معكم ضد أهله وناسه، وإن كنتم باقون على نجمكم «أبوتريكة» فكفوا عن تشويهه، ودعوه يعود إلى أهله وناسه، ارفعوا وصايتكم عنه، دعوه يحيا حياته الطبيعية، كلاعب كرة معتزل لا أكثر ولا أقل.
أخيرًا.. عزيزى صلاح.. جامل كما تحب، ووزع محبتك أينما أردت، لكن ليس على حساب ناسك وأهلك، ففى مثلها مقتلك.