رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات مصرية.. تعديل الدستور ضرورة


أقر‭ ‬أنا‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬بصفتى‭ ‬مواطنًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬أتمتع‭ ‬بكافة‭ ‬حقوقى‭ ‬الدستورية،‭ ‬وأنا‭ ‬بمنتهى‭ ‬الحرية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يطالبنى‭ ‬أحد،‭ ‬أو‭ ‬أرغب‭ ‬فى‭ ‬دعم‭ ‬موقف‭ ‬أحد،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أكسب‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬أحد‭.. ‬أقر‭ ‬بأننى‭ ‬أوافق‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬الدستور،‭ ‬ولدىّ‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬موقفى،‭ ‬وقبل‭ ‬الخوض‭ ‬فى‭ ‬أسباب‭ ‬سعىّ‭ ‬لتعديل‭ ‬الدستور‭ ‬الحالى‭ ‬أقر‭ ‬بأنه‭ ‬نجح‭ ‬فى‭ ‬المرور‭ ‬بمصر‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬مهمة‭ ‬وصعبة‭ ‬من‭ ‬تاريخها،‭ ‬وأدى‭ ‬مهمته‭ ‬فى‭ ‬تقنين‭ ‬الوضع‭ ‬المدنى‭ ‬للدولة‭.‬

أولًا‭: ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬وضع‭ ‬فى‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬طبيعية،‭ ‬وكانت‭ ‬الأجواء‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬لفترة‭ ‬حكم‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬بما‭ ‬حملته‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬على‭ ‬مصر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬فى‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬وضع‭ ‬الدستور،‭ ‬التى‭ ‬شُكِلت‭ ‬بمواءمات‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬طموح‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى،‭ ‬فخلت‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬فقهاء‭ ‬الدستور‭.‬

ثانيًا‭: ‬ضمت‭ ‬لجنة‭ ‬الخمسين‭ ‬أعضاءً‭ ‬ممن‭ ‬لهم‭ ‬مصالح‭ ‬‮«‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى‮»‬‭ ‬قد‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬آمال‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى،‭ ‬خاصة‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬سبق‭ ‬لهم‭ ‬تلقى‭ ‬تمويلات‭ ‬أجنبية‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬شك‭ ‬وريبة‭ ‬ومساءلة‭ ‬قانونية‭.‬

ثالثًا‭: ‬ترأس‭ ‬لجنة‭ ‬وضع‭ ‬الدستور‭ ‬السيد‭ ‬عمرو‭ ‬موسى،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬الطامحين‭ ‬لمنصب‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬ما‭ ‬يفقدة‭ ‬ميزة‭ ‬التجرد،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تورطه‭ ‬فى‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬سمح‭ ‬لقوات‭ ‬التحالف‭ ‬الأوروبية‭ ‬بضرب‭ ‬دولة‭ ‬ليبيا‭ ‬الشقيقة‭ ‬قبل‭ ‬انتهاء‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬بالجامعة‭ ‬العربية‭ ‬بأسبوع‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬القرار‭ ‬الذى‭ ‬تسبب‭ ‬فى‭ ‬تدمير‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬والغالية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى،‭ ‬فضلًا‭ ‬عما‭ ‬تم‭ ‬تسريبه‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬دوافع‭ ‬السيد‭ ‬موسى‭ ‬فى‭ ‬التعجيل‭ ‬بهذا‭ ‬القرار‭ ‬قبل‭ ‬رحيله‭ ‬عن‭ ‬الجامعة،‭ ‬بعد‭ ‬لقاء‭ ‬جمعه‭ ‬مع‭ ‬أقطاب‭ ‬إخوانية‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬إصدار‭ ‬القرار‭ ‬مقابل‭ ‬دعمه‭ ‬مرشحًا‭ ‬للرئاسة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬عليها‭ ‬أى‭ ‬عقوبات‭ ‬جنائية،‭ ‬ولكنها‭ ‬سوف‭ ‬تحاكم‭ ‬تاريخيًا‭ ‬ولن‭ ‬تسقط‭ ‬بالتقادم‭.‬

رابعًا‭: ‬تضمن‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬مواد‭ ‬أراها،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى،‭ ‬قنابل‭ ‬موقوتة‭ ‬قد‭ ‬تسبب‭ ‬فى‭ ‬انفجار‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬الذى‭ ‬أنتمى‭ ‬إليه،‭ ‬وأسعى‭ ‬بصفتى‭ ‬مواطنًا‭ ‬أعيش‭ ‬أنا‭ ‬وأسرتى‭ ‬وأبنائى‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬لاستقراره،‭ ‬وأراها‭ ‬خطرًا‭ ‬يجب‭ ‬علىّ‭ ‬أن‭ ‬أواجهه،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يلى‭:‬

‭* ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬انتخاب‭ ‬المحافظين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أعتبره‭ ‬خطرًا‭ ‬يهدد‭ ‬وحدة‭ ‬واستقرار‭ ‬الدولة،‭ ‬فيما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أداه‭ ‬لتقسيمها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تناحرت‭ ‬القبائل‭ ‬والعائلات‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬منصب‭ ‬المحافظ،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تحد‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬مركزية‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬مصر‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وحدها‭ ‬القائد‭ ‬مينا‭ ‬قبل‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬وهذه‭ ‬المخاطر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬‮«‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى‮»‬‭ ‬لطلب‭ ‬الانفصال‭ ‬أو‭ ‬الاستقلال‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭.‬

‭* ‬تحديد‭ ‬مدة‭ ‬الرئاسة‭ ‬بـ4‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬فترتين،‭ ‬وهى‭ ‬رفاهية‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬والمستقرة‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬دساتيرها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬وقرون،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يختلف‭ ‬مع‭ ‬ظروفنا‭ ‬التى‭ ‬نمر‭ ‬بها‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬على‭ ‬دستور‭ ‬دائم‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬المائة‭ ‬عام،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تكلفة‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬كل‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬فى‭ ‬دولتنا‭ ‬التى‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ونسعى‭ ‬طوال‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬القومى‭ ‬لها،‭ ‬أيضًا‭ ‬تتعارض‭ ‬مدة‭ ‬الأربع‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬الرؤساء‭ ‬الذين‭ ‬يجرون‭ ‬خططًا‭ ‬تنموية‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل‭ ‬أو‭ ‬متوسطة‭ ‬الأجل‭ ‬أو‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الخطة‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل‭ ‬مدتها‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬وتصل‭ ‬الخطط‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬عامًا،‭ ‬وإذا‭ ‬طلبنا‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬واحدة‭ ‬خمسية‭ ‬فلن‭ ‬يستطيع‭ ‬استكمالها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قضى‭ ‬مدة‭ ‬رئاسة‭ ‬واحدة‭ ‬محددة‭ ‬بأربع‭ ‬سنوات‭.‬

‭* ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬أغفل‭ ‬ذكر‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬وكأن‭ ‬الدولة‭ ‬ستستطيع‭ ‬إحداث‭ ‬التنمية‭ ‬الصناعية‭ ‬بالقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬فقط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أنه‭ ‬دستور‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬للمجتمع‭ ‬المصرى،‭ ‬ولا‭ ‬يعرفه‭ ‬ولا‭ ‬يعبر‭ ‬عنه،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الفقر‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬،واحتياج‭ ‬الطبقة‭ ‬الأكثر‭ ‬عددًا‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬لدعم‭ ‬الدولة‭ ‬الذى‭ ‬يوفره‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬فقط،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬فشل‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬طوال‭ ‬الـ45‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية،‭ ‬منذ‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬الانفتاح‭ ‬الاقتصادى،‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬أو‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والفوارق‭ ‬الاجتماعية. ‬

‭* ‬أسقط‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬تعريف‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬بالسلطة‭ ‬الرابعة،‭ ‬وهى‭ ‬المؤامرة‭ ‬التى‭ ‬بدأها‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬دستورهم‭ ‬واستمرت‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الدستور،‭ ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬اعتبار‭ ‬الصحافة‭ ‬سلطة‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬للحريات‭ ‬وليس‭ ‬العكس،‭ ‬فالصحافة‭ ‬هى‭ ‬سلطة‭ ‬الرقابة‭ ‬الشعبية،‭ ‬وصوت‭ ‬الشعب‭ ‬الذى‭ ‬يعبر‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬لحظة،‭ ‬وليست‭ ‬ميزة‭ ‬للعاملين‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬تميزهم‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أقول‭ ‬شهيد‭ ‬