رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طبيب الغلابة.. هانى الناظر: تزوجت بنت الجيران بعد قصة حب 5 سنوات

جريدة الدستور

حصلت على درجة البكالوريوس فى العلوم العسكرية وشاركت فى حرب أكتوبر

«يكفينى دعاء الناس».. بهذه الكلمات أجاب الدكتور هانى الناظر، أستاذ الأمراض الجلدية الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث، عن سؤال حول ما يجنيه من تقديمه استشارات طبية مجانية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك». وكشف «طبيب الفقراء»، رئيس مجلس أمناء مؤسسة «مصر تستطيع»، فى حواره مع «الدستور»، أنه يحاول عبر وجوده على موقع «فيسبوك» وتقديمه استشارات طبية مجانية للمحتاجين رد جزء من جميلهم عليه، لكونه تعلم فى مصر وعمل فيها وتلقى منها راتبا يكفيه للحياة الكريمة.
ودعا الدولة إلى تبنى حملات قومية لمواجهة ظواهر سيئة تؤثر على الصحة العامة للمواطنين، مثل السمنة وزواج الأقارب والاستخدام العشوائى للأدوية، مطالبا بدعم جهوده من أجل تدشين مركز طبى مجانى لعلاج الأمراض الجلدية، على غرار مركز مجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب بأسوان.


■ بداية.. كيف كانت نشأة الدكتور هانى الناظر؟
- نشأت فى بيت هادئ ملتزم بالتقاليد، وتربيت على احترام الكبير وتبادل الاحترام داخل الأسرة، بالإضافة إلى مساعدة المحتاجين، وكان والدى ووالدتى يسعيان فى الخير كثيرًا ولا يحبان البخل، لذا كان بيتنا مفتوحًا دائمًا، وكانت العائلة كلها تجتمع عندنا فى كل وقت. وكان أبى الطبيب، الذى أثر كثيرا فى شخصيتى، يؤكد لى دائما أنه يتعامل مع المرضى من صغار السن كأنهم أولاده، كما يتعامل مع المرضى الكبار كأنهم أهله أو من أفراد أسرته.
ومنه تعلمت احترام الأهل والزوجة، التى كان يعتبر احترامها من احترام النفس، لذا كان يحافظ على سلوكه ومظهره أمامها بشكل دائم، ويوجهنى لذلك، وهو ما انعكس على سلوكى مع زوجتى وأهلها وأبنائى محمد وجينا ونجلاء وأبنائهم.
كما أنه علمنى ألا أتخلى عن أخلاقى ومبادئى من أجل أى شىء، وأذكر أننى سألته ذات مرة عن رجل «فكهانى» كان دائما ما يلقى عليه السلام كلما مر عليه، لكن الرجل لم يكن يرد السلام أبدا، ولما تعجبت من ذلك، قال لى أبى: «أنا مش هاغير أخلاقى عشانه وهافضل أقول له صباح الخير لحد ما يتعلم منى ويرد»، وهذه النشأة وهذا التوجه انعكس على تصرفاتى حاليا، لذا دائمًا ما أقول إنى «أعيش فى جلباب أبى»، فهو قدوتى، أما أمى فكانت دائما ما تدعو لى بقولها: «ربنا يوقف لك ولاد الحلال»، وأعتقد أن هذه الدعوة ساعدتنى كثيرا فى حياتى، فأنا أحيا بدعائها رحمها الله.
■ من المعروف أن الطب لم يكن دراستك الأولى.. فلماذا قررت أن تكون طبيبا؟
- منذ صغرى كنت أتمنى أن أكون طبيبا، لذا كنت طالبا غير مشاغب، بل هادئا ومتفوقا، وأذكر أن مجموعى فى الابتدائية كان يزيد على ٩٠٪، حتى إننى التحقت بفصول المتفوقين فى الإعدادية، ورغم ذلك كنت محبا للرياضة، خاصة كرة السلة.
وفى الثانوية التحقت بمدرسة الفسطاط، ورغم تفوقى حصلت على مجموع ٦٥.٥٪ وهو ما يقل عن الحد الأدنى لدخول كلية الطب، الذى كان ٦٦٪، لذا لم ألتحق بالطب بل بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وكنت من المتفوقين فيها، وكان من زملائى فى الكلية الفنان عادل إمام، الذى كان يدرس فى الصف الرابع، والفنانة محسنة توفيق وغيرهما.
■ كيف عدت لدراسة الطب؟
- عندما تخرجت فى كلية الزراعة بالجامعة التحقت بالقوات المسلحة كأحد ضباط الاحتياط، ومنها حصلت على درجة البكالوريوس فى العلوم العسكرية، وشاركت بعد تخرجى منها فى حرب أكتوبر بدرجة ملازم. ولما خرجت من الجيش برتبة نقيب، قررت أن أستكمل حلمى، فالتحقت بكلية الطب جامعة عين شمس، وعينت بعد تخرجى فى المركز القومى للبحوث، ثم حصلت على درجة الماجستير فى الأمراض الجلدية، والدكتوراه فى استخدام النباتات الطبية فى علاج الأمراض الجلدية.
■ ماذا عن حياتك الشخصية؟
- بعد التحاقى بالقوات المسلحة كنت معجبا جدا بجارتى، التى هى زوجتى حاليًا، واستمرت قصة الحب بيننا لمدة عام، واستمرت خطوبتنا بعدها ٤ أعوام، بمعنى أننا تزوجنا بعد قصة حب استمرت ٥ سنوات كاملة. وحين تزوجنا كان راتبى لا يتجاوز ٦٠ جنيهًا، وراتب زوجتى كان ٣٠ جنيهًا، وأذكر أن تجهيز شقتنا تكلف حوالى ٣ آلاف جنيه، وهى أرقام كبيرة بحسابات تلك الأيام، كما كنا نمتلك سيارة من نوع «رمسيس»، صناعة مصرية. والحمد لله بدأنا حياتنا بمرتبات كافية وعشنا بشكل جيد، وأذكر أننى بعد الزواج «عزمت» زوجتى على غداء فاخر فى فندق ٥ نجوم، وكانت تكلفته ٥ جنيهات كاملة.
■ لماذا لا تنشر أى تفاصيل أو صور عن حياتك الشخصية رغم نشاطك على مواقع التواصل الاجتماعى؟
- لأنى أخاف من الحسد.
■ أليس غريبا أن يخاف طبيب وعالم من الحسد؟
- الحسد مذكور فى القرآن، كما أنى تعرضت فى حياتى لأكثر من تجربة تجعلنى أؤمن به بشدة، ما يجعلنى لا أحب نشر أى معلومات شخصية عن حياتى.
■ ما أهم هذه التجارب؟
- من بينها مثلا، عندما رشحت من ٩ جهات مختلفة لنيل جائزة الدولة التقديرية عام ٢٠٠٩، وكنت الأول فى تقييم اللجنة العلمية، تضم كبار الأساتذة والأطباء، وعندهما كان الناس يتصلون بى ليقولوا «مبروك»، ورغم كل ذلك سحبت الجائزة منى.
فرغم أبحاثى وتقييمى العلمى جاء سحب الجائزة بسبب خلاف بينى وبين وزير التعليم العالى وقتها، حول مدى صلاحية إحدى شحنات القمح، التى أظهرت تقارير الحكومة أنها صالحة للاستخدام، فى الوقت الذى أثبتت تقارير أخرى، أجريتها بالتعاون مع الرقابة الإدارية، أنها فاسدة.
ومع إثبات صحة رأيى واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن وقف الشحنة وإبطال إجراءاتها، رفض الوزير اعتماد اسمى فى الجوائز، وأصدر قراره بسحب الجائزة منى، متعللا بأن أبحاثى لا ترقى لمستوى الجائزة، رغم أن الجائزة التقديرية لا تتعلق بالأبحاث بل تتعلق بما يقدمه الشخص لوطنه.
ومنذ ذلك اليوم لا أحب أن أشارك الآخرين فى حياتى وأحلامى ومشروعاتى، وطبعا حياتى الشخصية وأبنائى وأحفادى.
■ ما السر فى توجهك لعلاج بعض الحالات على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» بالمجان؟
- مصر أنفقت على وعلى تعليمى، وما زالت حتى الآن تمنحنى راتبا متميزا، وكل ما أفعله هو محاولة لرد الجميل، فراتبى وتعليمى كان من ضرائب الناس، ففكرت أن أرد إلى بعضهم جزءا من الجميل، وأعالج حالاتهم عن طريق الطب عن بعد والمساعدة، وتقديم الاستشارة عبر مواقع التواصل، ويكفينى دعاء الناس لى «ربنا يديك الصحة ويسترها معاك دنيا وآخرة». وأذكر أنه منذ شهرين التقيت شابا لا أعرفه فى سوبر ماركت، لكنه أقبل على وصافحنى بحرارة شديدة، وذكرنى أننى عالجته من مرض الصدفية عام ١٩٩٤، عندما كان طفلا صغيرا، وأخذ يدعو لى من قلبه، وهذا الموقف وحده يكفينى.
■ ألم تفكر فى افتتاح مستشفى خاص لعلاج الأمراض الجلدية بالمجان على غرار ما فعله الدكتور مجدى يعقوب فى علاج أمراض القلب؟
- أحلم بالأمر منذ سنوات، وأتمنى فعلا أن يكون لدينا فى مصر مستشفى خاص لعلاج الأمراض الجلدية بالمجان، لكنى بحاجة لدعم كبير من الدولة، كما أنى بحاجة لمعاونة أساتذة الأمراض الجلدية، الذين يمكنهم إدارة مثل هذا الصرح دون مقابل. لكنى رغم ذلك دشنت مشروعا خاصا لعلاج مرض الصدفية فى مدينة سفاجا بالبحر الأحمر، بالاستعانة بأحد أبحاثى فى المركز القومى للبحوث، وأعتقد أن هذا هو مشروعى الحقيقى الذى أفاد البشرية كلها. كما أن هذا المشروع أسهم فى تحول سفاجا لأكبر مركز لعلاج الصدفية فى العالم، وبسببه حصلت على جائزة الدولة التشجيعية، لكونه أول مشروع مصرى يضع البلاد عمليا على خريطة السياحة العلاجية.
■ على ذكر السياحة العلاجية.. كيف ترى إمكانيات مصر فى هذا المجال؟
- مصر تتمتع بقدر هائل من الكنوز العلاجية، التى لا يوجد لها مثيل فى العالم، ولدينا أكثر من ٣٠٠ عين ماء طبيعية يمكن أن تستخدم فى هذا المجال، وتحتاج منا إلى دراسات جادة من أجل التعرف على خصائصها.
ومؤخرا بدأنا تدريب عدد من الكوادر بوزارة الصحة المصرية، يبلغ عددهم ٨٠ طبيبا، للاستفادة من عيون موسى وحمام فرعون وعيون واحة سيوة والواحات البحرية ووادى النطرون وأسوان والأقصر وغيرها، وأعتقد أننا نحتاج للتوسع فى هذا المجال.
■ كرئيس لمجلس أمناء مؤسسة «مصر تستطيع».. كيف ترى دورها فى دعم جهود الاستفادة من العقول المصرية المهاجرة؟
- إنشاء المؤسسة جاء بعد انعقاد ٤ مؤتمرات نظمتها وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج تحت عنوان «مصر تستطيع»، وتقرر تأسيسها بعد عامين من العمل فى هذا الاتجاه، وهدفها الرئيسى هو الاستفادة من القدرات العلمية المصرية المتمثلة فى عقولها بالخارج. ومن جهتى أرى أن العالم المصرى فى الخارج أقدر من غيره على تفهم ثقافاتنا ومشكلاتنا، كما أنه يمكنه أن يسهم فى نهضة وطنه فى المجالات العلمية المختلفة دون أى مقابل مادى. والمؤسسة تعمل حاليا على إنشاء قاعدة بيانات لأكثر من ٣٦ ألف عالم مصرى بالخارج، تضم الرموز البارزة من خبرائنا وعلمائنا فى مختلف التخصصات، من أجل وضع آليات مستدامة تسمح بتمكين الدولة من الاستفادة منها فى مجالات التنمية المختلفة.
كما تهدف المؤسسة لتحقيق الربط بين مصر وأبنائها بالخارج، بما يسمح بمشاركتهم فى تنفيذ خطط التنمية القومية، مع ربطهم بمراكزها البحثية وتفعيل برامج خاصة للشباب والموهوبين من أبنائها.
■ ما الأولويات التى ترى ضرورة الاهتمام بها حاليًا؟
- أعتقد أنه على الدولة أن تتبنى ٣ حملات قومية، يمكنها أن توفر علينا الكثير فى المجال الصحى، أولها حملة توعية تتصدى لزواج الأقارب، نظرا لما ينتج عن ذلك من أمراض مزمنة وتكاليف كبيرة للغاية فى العلاج، وهذه الحملة وحدها يمكن أن توفر علينا مليارات.
كما أدعو الأجهزة المختلفة للتصدى لظاهرة الاستهلاك العشوائى للأدوية، نظرا لخطورة ذلك على الصحة العامة، وتأثيراته السلبية على المواطنين، أما الحملة الثالثة فأدعو للتصدى لظاهرة السمنة، التى تؤدى لمضاعفات صحية كثيرة تستوجب التصدى لها.