رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التجارة العالمية.. وعلماء الخراب!


التقرير السنوى الصادر عن مؤسسة التحديات الدولية، The Global Foundation، تضمن عددًا من التصورات وضعها فريق يضم «أبرز العلماء الدوليين» للمخاطر الكارثية التى تهدد الجنس البشرى، خلال سنة ٢٠١٩، كان أبرزها الحرب النووية أو البيولوجية، التغيرات المناخية، الانهيار البيئى، الذكاء الاصطناعى و... و... مخاطر غير معروفة، ليس من بينها الحرب التجارية أو تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى!.
فريق علماء الخراب، أو الفريق الذى زعم التقرير أنه يضم «أبرز العلماء الدوليين»، قد يكون، الآن، جالسًا فوق السحاب أو تحت الصفصافة، ولم يتابع انطلاق المباحثات الصينية الأمريكية، بشأن الحرب التجارية الدائرة بين الاقتصادين الأكبر فى العالم، التى تزامنت مع استضافة واشنطن، الأربعاء، محادثات ثلاثية جمعت بين سيسليا مالمستروم، مفوضة الاتحاد الأوروبى لشئون التجارة، وهيروشيجى سيكو، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانى، وروبرت ليتهايزر، الممثل التجارى الأمريكى.
العلاقات التجارية المتوترة بين بروكسل وواشنطن، ازدادت توترًا بعد قرار الرئيس الأمريكى بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم العام الماضى، وتهديده باتخاذ قرار مماثل بشأن السيارات. وفى محاولة لتهدئة التوترات، التقى الرئيس الأمريكى وجان كلود يونكر، فى يوليو الماضى، وتعهدا بـ«العمل على الحد من الحواجز وزيادة التبادل التجارى»، واتفقا على إلغاء الجمارك على السلع الصناعية، باستثناء السيارات، وتقليل الحواجز بشأن الكيماويات والأدوية والمنتجات الطبية. ووفق هذا الإطار، وفى محاولة لتنفيذ المزيد من البنود الإيجابية التى اتفق عليها الطرفان، انعقدت جلسة محادثات ثنائية، الثلاثاء، بين مفوضة الاتحاد الأوروبى لشئون التجارة، ونظيرها الأمريكى، وبانضمام وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانى، الأربعاء، ناقش الثلاثة الممارسات التجارية غير النزيهة، وكان تركيزهم، طبعًا، على الصين.
أواخر سبتمبر الماضى، انعقدت آخر جولة من المحادثات الثلاثية، التى بدأت سنة ٢٠١٧، بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة واليابان، وانتهت ببيان مشترك قال إن الأطراف الثلاثة تناولوا عددًا من القضايا، أبرزها الإعانات الصناعية، سياسات نقل التكنولوجيا القسرية، التجارة الإلكترونية، السياسات غير الموجهة نحو السوق، وإصلاح منظمة التجارة العالمية، التى يرى الاتحاد الأوروبى أنها لم تجارِ التغيرات التى شهدها العالم، وأن الوقت قد حان للتحرك حتى تستعيد المنظمة قدرتها على مواجهة تحديات الاقتصاد العالمى الحالية. الاتحاد الأوروبى يرى أن المنظمة لعبت طوال أكثر من ٢٠ سنة، دورًا مهمًا فى خلق نظام اقتصادى مزدهر وسلمى ويمكن التنبؤ به.. لكن فى السنوات الأخيرة تغير العالم، ولم تواكب منظمة التجارة العالمية هذا التغير. ولهذا السبب يلتزم الاتحاد الأوروبى بالتغلب على المأزق الحالى فى منظمة التجارة، ويضغط التكتل الأوروبى الموحد من أجل جدول أعمال طموح، يمكن أن تستمر فيه المنظمة بعد إصلاحها وتحديثها، فى لعب دورها فى قلب نظام متعدد الأطراف، قائم على قواعد. وخلال اجتماعهم فى الأرجنتين نهاية العام الماضى، أعلن وزراء تجارة مجموعة العشرين، فى بيانهم الختامى، أن المنظّمة تحتاج إلى مواكبة التطوّرات الحالية فى التجارة الدولية، وإلى تحسين سبل مواجهة التحدّيات الحالية والمستقبلية.
إصلاح أو تحديث منظمة التجارة العالمية، كان أبرز محاور الاجتماع الوزارى لمجلس الشئون الخارجية. وخلال هذا الاجتماع، قدمت المفوضية الأوروبية تقريرًا حول مبادرتها لتطوير المنظمة، ووضع القواعد وآليات المراقبة وتسوية المنازعات. وأعرب الوزراء، فى بيان صدر بعد الاجتماع، عن دعمهم القوى للجهود الجارية التى تبذلها المفوضية لإحياء التعاون فى الإطار متعدد الأطراف. ورحبوا باقتراح مشترك قدمه الاتحاد الأوروبى واليابان والولايات المتحدة لتحسين الامتثال لإخطار الأعضاء بالتدابير التجارية. وأعلنوا تشجيعهم للمفوضية بروكسل على مواصلة عملها بشأن إصلاح المنظمة، مع الدول الأعضاء والشركاء الرئيسيين.
إصلاح، تحديث، أو تعزيز قوة منظمة التجارة العالمية، صار ضرورة مُلحّة، بعد أن ذكر تقرير لوكالة «بلومبيرج» أن الشركات الدولية الكبرى فقدت حوالى ١١.٥ تريليون دولار من قيمتها السوقية، خلال العام الماضى، بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى، والتوترات التى شهدتها (ولا تزال) التجارة العالمية، وارتفاع قلق المستثمرين، بشكل كبير وغير مسبوق. وكنا قد تناولنا، فى مقال سابق، تقريرًا أصدرته الوكالة نفسها، ذكر أن ٥٠٠ شخص، هم أغنى أغنياء العالم، فقدوا، خلال ٢٠١٨، أكثر من نصف تريليون دولار، بالضبط ٥١١ مليار دولار، فى ثانى أكبر انخفاض سنوى، منذ سنة ٢٠١٢، لإجمالى ثرواتهم. الخلاصة، هى أنه بدون معالجة الممارسات المشوهة للتجارة العالمية، قد تحدث ثلاث كوارث، على الأقل، من تلك التى حذر منها علماء الخراب، الذين قد يفوتهم، أيضًا، وهم يجلسون فوق السحاب أو تحت الصفصافة، أن شركة «سامسونج» بعد أن أطلقت، العام الماضى، تليفزيون «الجدار» بحجم ١٤٦ بوصة، كشفت مؤخرًا عن نسخة جديدة، مقسمة إلى ألواح، تتيح للمستخدم التحكم فى حجم الشاشة وشكلها!.