رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"عالم السدود والقيود".. "العقاد" يرسم بقلمه تفاصيل رحلته داخل السجن

الكاتب الكبير عباس
الكاتب الكبير عباس العقاد

لم يكن مجرد قرار سياسي عابر أصدره ولي الأمر؛ بل كان مشروعًا اشتعل بسببه الشارع حينها، حيث لم يستجب لدعواه أحد، بعدما كان منتظرًا من الجميع أن يقالوا له " سمعنا وأطعنا".

على حين غفلة أصدر الملك فؤاد قراره بتغيير بعضا من مواد الدستور، وتحديدًا المادتين اللتان تنصان على أن " الأمة مصدر السلطات"، والثانية هي " الوزارة مسئولة أمام البرلمان"، وكانت هاتين المادتين من ضمن مشروع قانون أرسلته حكومة النحاس باشا إلي الملك.

كان هدف الحكومة حينها تحصين النظام الدستوري، لكن " فؤاد" ضرب بذلك المرسوم عرض الحائط؛ لتقرر الحكومة حينها تقديم استقالتها.

في اليوم التالي كان "النحاس" باشا ومعه كل وزراءه حاضرون داخل البرلمان المصري، وهنا تباري النواب في الدفاع عن الحكومة؛ حتي جاءت الكلمة على الكاتب الكبير عباس العقاد عضو المجلس، والذي أثار لهيب الأعضاء بكلماته، والتي قال فيها "إن هذا المجلس قادر على سحق أكبر رأس في البلاد في سبيل صيانة الدستور وحمايته".

في اليوم التالي كانت كافة الصحف في القطر المصري تتناقل تصريحات "العقاد"؛ وبمجرد أن سمع بها الملك فؤاد حتي قامت قيامته؛ صادرًا توجيهاته بضرورة تقديم "العقاد" للمحاكمة، وبالفعل وقف الكاتب الكبير أمام العدالة في أكتوبر من عام 1930.

تقدم القطب الوفدي الكبير آنذاك مكرم عبيد صفوف المدافعين عن "العقاد"، وحاول تبرئته أمام المحكمة بالتأكيد على أن أكبر رأس يقصدها في تصريحاته كان قاصدًا بها دولة رئيس الوزراء، مؤكدًا على أن الزج باسم "مليك البلاد" هو تأويل ظاهره الرحمة وباطنه الانتقام من ذلك الكاتب الكبير.

لم تنجح مبررات "عبيد" في إقناع المحكمة؛ حيث أصدرت قرارها بحبسه 9 أشهر، وكان الجميع يتوقع حينها أن يتدخل الملك لإصدار عفو ملكي عن "العقاد"؛ لكنه لم يفعل مفضلًا الصمت وعدم التعليق.

حاول النظام بأكمله أن يواري تلك السوءة؛ بعدما واجه من هجوم؛ فذهب وزير الحقانية إلي العقاد في محبسه، لأجل مقابلته؛ لكنه رفض لقاءه، مؤكدًا أنه ليس بحاجة إلي مساعدة من ذلك النظام.

تجربة السجن تلك بأكملها سجلها "العقاد" في كتابه " عالم السدود والقيود"، والتي سطر من خلالها كواليس تجربة السجن، وما يحدث خلف الأسوار من كواليس وكوابيس.