رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأقباط عام 1981


هل كان هناك من أوغر صدر الرئيس السادات ضد الأقباط فى ذلك الوقت؟. فى ٦ يناير ١٩٨١ «قبل عيد الميلاد للأقباط» أعلن اللواء النبوى إسماعيل أنه تم القبض على تنظيم إيرانى شيعى جاء إلى البلاد لغرض تفجير بعض الكنائس المصرية وذلك فى إطار محاولات النظام الإيرانى زعزعة الاستقرار فى البلاد، للرد على الرئيس السادات الذى استضاف شاه إيران السابق الذى طردته الثورة الإيرانية، متحديا مشاعر المسلمين.
ظهر الوزير فى التليفزيون وهو يعلن أنباء التنظيم، وجاءت صورة شخص يطلق لحيته يرتدى جلبابا قال النبوى إنه الإيرانى الذى شهد على زملائه أعضاء شبكة التخريب التى كانت ستفجر الكاتدرائية المرقسية، مقر البطريرك فى العباسية، وبعض كنائس الإسكندرية وبنى سويف.
كان هذا قبل ساعات من احتفال الأقباط وإلقاء البابا خطبته التقليدية فى الكنيسة، وكان من نتيجة هذا الإعلان أنه فرضت حراسة وبعض القيود على المترددين على الكنائس.
وفى أبريل ١٩٨١ «قبل احتفال الإخوة الأقباط بأعياد القيامة» نشرت الصحف أن أجهزة الأمن بوزارة الداخلية ألقت القبض على تنظيم شيوعى يتكون من ٧٥ فردًا.
ويلاحظ أن توقيت الإعلان عن ضبط التنظيمين السابقين كان قبل موعد احتفال الإخوة الأقباط بأعيادهم الدينية بيوم واحد.
فهل كان المقصود إيجاد مبرر للتضييق الأمنى على احتفالاتهم؟.
وبدأت المساجد تستقبل كبار السياسيين من المعارضين للحكومة أمثال الدكتور حلمى مراد والأستاذ فتحى رضوان، وكلاهما كان وزيرا فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
الغريب أن أجهزة الأمن التى تتصدى للتنظيمات الشيوعية والشيعية التافهة والتى لا قيمة لها تغاضت عن التصعيد الخطير الذى كان يمارسه أعضاء الجماعات الإسلامية ويعدون العدة ويجهزون السلاح لاغتيال السادات. كما كانوا يعتدون على المحال المملوكة للأقباط وينهبونها.
والغريب أيضا أن الجماعات الإسلامية لم تكن تخفى شيئا، فقد كانت تعلن أفكارها علنا فى المساجد. وكانت ميكروفونات المساجد تذيع خطب أمراء الجماعات الإسلامية علنا، وفيها تهديد سافر لكل أركان النظام، وعلى رأسهم الرئيس السادات ووزير الداخلية، وفيها تهديد أيضا لقيادات الكنيسة القبطية.
وبدأ الرئيس السادات يظهر الغضب ويوزع الاتهامات بطريقة عشوائية.
فى ١٤ مايو ١٩٨١ ألقى الرئيس أنور السادات خطابا سياسيا بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة التصحيح والانتصار على مراكز القوى، أعلن فيه أن المعلومات المؤكدة لديه تبين أن البابا شنودة الثالث يعمل من أجل إنشاء دولة فى الصعيد ابتداء من أسيوط وحتى آخر الصعيد، وكان الانفعال واضحا على الرئيس، وهو يتحدث إلى ملايين المصريين الذين يستمعون إليه. ثم أطلق كلمته الشهيرة: «ليعلم البابا أننى رئيس مسلم لدولة إسلامية».
وقرر فى نفس الخطاب أنه كان ينوى اتخاذ قرار بشأن البابا، لولا خطاب وصله من فتاة قبطية صغيرة السن تلتمس فيه عطفه وتناشده الصبر، وأخرج الرئيس السادات الخطاب من جيبه ولوح به على شاشة التليفزيون.
وفى أعقاب هذا الخطاب نشطت المظاهرات فى القاهرة والمنيا وأسيوط.
وصدرت عن أحد أمراء الجماعات الإسلامية فتوى يبيح بموجبها الاستيلاء على أموال الأقباط والمسيحيين. وعلى الفور بدأت عمليات الاستيلاء على الذهب بمحال الصاغة والذهب المملوكة للأقباط المسيحيين. وبدأت شرائط الشيوخ من أعضاء الجماعات الإسلامية تنتشر، وهى عبارة عن خطب ألقيت فى المساجد وتم تجميعها فى أشرطة، وهى تعبر عن السخط العام ضد الحكومة والأقباط ومظاهر الإسراف، ومهاجمة الفن والفنانين. واحتلت معاهدة «كامب ديفيد»، التى وقعها السادات مع الإسرائيليين معظم موضوعات خطب هؤلاء المشايخ.