رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يومًا ما

جريدة الدستور

يومًا ما
كنت صغيرًا مثلما كنتم تمامًا
وكان لدى حلم غريب
صار الآن باهتًا
فبدلًا من أن أكتبه بالقلم الجاف
كتبته فى خيالى وعلى مريول المدرسة بالقلم الرصاص
لم أحلم كأصحابى
أن أصير
مهندسًا
أو ضابطًا
أو طبيبًا
ولا مثل الأستاذ فلان
وإنما حلمت
اللهم اجعله خيرًا
أن أطلع صاحب دار للسينما
يحبه كل التلاميذ
وهو يختار لها مكانًا قريبًا من المدرسة
ويجعل لها بابًا سريًا
لا يراه إلا التلاميذ المشاغبون
وهم يعبرونه من الفناء والحمامات إلى صالة العرض مباشرة
وبلا طابور صباح
ولا تمارين رياضية
يعرض عليهم نسخة جديدة من فيلم كارتون
يتوافق كلام الشخصيات فيه مع حركات شفاهها
فأفلام الكارتون القديمة التى
حين تتوقف الشخصيات فيها عن الكلام
ومع هذا تظل شفاهها تتحرك
كانت تخيفنى كثيرًا
فكنت أنشغل عن الفيلم المعروض
وأتابع حركات الشفاه
بعد أن يتوقف كلام الشخصية
وعندما تناهى إلى سمعى صوت الجرس
عرفت كيف أقرأ حركات الشفاه
فإذا توقف رجل فى الفيلم عن الكلام
استمعت إلى صوت المعلم
وهو يهددنى بالضرب
إذا لم أكتب الواجب
وحين تتوقف امرأة فى الفيلم عن الكلام
أتخيل من حركات شفاهها التى
ما زالت تتحرك
كأن صوت أمى
تتوعدنى بعلقة من أبى
وبحرمانى من المصروف لهروبى من المدرسة
وإذا توقف طفل فى الفيلم عن الكلام
أسمع من حركة شفتيه صوت زميلى المتفوق
وهو يصفنى ساخرًا بالبليد
وعندما نغادر السينما
كنت أستعيد أحداث الفيلم من أصحابى
وهم يعيدون تمثيل المشاهد
ويقلدون أبطال الفيلم
بينما فى خيالى
كان يُعرض فيلم آخر من بطولة
المعلم
وجرس المدرسة
وأمى
وزميلى التلميذ المتفوق..