رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبد الرحمن أبو زهرة.. صوت يحمل الديكورات والملابس والإضاءة

عبد الرحمن أبو زهرة
عبد الرحمن أبو زهرة

بائع اللبن أنقذ ميت على خشبة المسرح، كانت ورطة، هل يتكلم الميت؟ كيف وهو لا يتحكم في جسده؟ وإن تكلم، كيف سيكون صوته؟ فكل شىء على المسرح جائز، فلا بد أن نجد نغمة مناسبة لصوت الميت، هنا خلّص صوت بائع اللبن الفنان عبد الرحمن أبو زهرة من حيرته، سيطيل في نطق الكلام مثلما يفعل البائع، ويتحدث بطريقته الغريبة، وإن أبدى أحد اعتراضه، فسيكون الرد، إذا لم يكن هذا صوت ميت، قل لي كيف يكون صوته؟، لكن الموقف مر، والفنانين المشاركين في بطولة المسرحية "الفرافير" ضحكوا بشدة، فقد سمعوا لأول مرة، صوت ميت لأول مرة على خشبة المسرح.

"الصوت" لم يكن أزمة طيلة حياة الفنان عبد الرحمن أبوزهرة، لا تخطئه إذن، فعندما تستمع لصوته في الإذاعة ستعرفه على الفور، وسترى الشخصية التي تتكلم، فنبرات الصوت بالنسبة له، تبيّن حتى ملابس الشخصية، وتحمل ديكورات وإضاءة المسرح والسينما والتلفزيون.

الحكاية بدأت مصادفة، لم تكن السينما ضمن اهتماماته، فلم يدخل سينما أو مسرح في طفولته، ولا خجله وارتباكه يؤهلانه للدخول في عالم السينما، لم يعرف سوى طريق واحد، من البيت للمدرسة.

بمرحلة الثانوية العامة، في اللحظة التي كان يقلد فيها الطالب عبد الرحمن أبو زهرة أساتذته، كان أحد أساتذة معهد الفنون المسرحية يراقب انجذاب الطلاب لصديقهم "عبد الرحمن"، يسمع قهقهاتهم على أدائه، فيتقدم نحوه طالبًا منه الانضمام لفريق المسرح المدرسي، لكن "عبد الرحمن" يرفض بشدة.

بعد إصرار من مشرف معهد الفنون المسرحية، يجد "عبد الرحمن" نفسه مدفوعًا للتجربة، فينضم لفريق التمثيل بالمدرسة، ويحصل على الميدالية الذهبية واحتفاء المدرسين، ويحب التمثيل، ويسمع المشورة، ويتجه لتقديم أوراقه للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية.

عن طريق الصدفة أيضًا، وقف عبد الرحمن أبو زهرة على خشبة المسرح بأدوار صغيرة، حتى اعتذر الفنان عمر الحريري عن دوره في مسرحية "بداية ونهاية" لأديب نوبل نجيب محفوظ، فأُسند الدور له، وبعدها بفترة رحل الفنان صلاح سرحان بطل مسرحيتي"القضية"،"عيلة الدوغري" فأسند الدورين له، إلى أن وقف على الخشبة بطلًا لمسرحية "زهرة الصبار" المأخوذة عن نص مسرحي فرنسي، شاهده ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك، فطلب من كمال يس المخرج المسرحي ترجمته وعرض على خشبة المسرح المصري، وعُرض النص على الفنانين فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، فرفضا الدور لأنهما رأيا أن النص لا يعتمد على كوميديا الموقف والإفيه الذي كان منتشرًا وقتها، حسبما قال الفنان عبد الرحمن أبو زهرة في حوار لروز اليوسف 2013.

مساحة الدور على شاشة السينما يحددها حسب رؤيته، فلا يعنيه حجم الدور على الورق، يؤدي الدور وكأنه بطولة، مثلما كان تأثيره في فيلم "أرض الخوف"2000 رغم قصر الدور، لكنه علق في أذهان الجمهور، وكان أحد مشاهد الفيلم مكون من 15 صفحة، فأداه "one shot" وهذا صعب للغاية في مجال التمثيل، لذا حصل على أربع جوائز عن هذا الدور.

وبعيدًا عن هذا، يميل الفنان عبد الرحمن أبو زهرة للوقوف على خشبة المسرح أكثر، ويعشق الإذاعة، ولا يقدم على السينما إلا إذا للدور هدف ويعجب المشاهدين ويشبع شهيته الفنية، لذا فهو يرى أن السينما لم تظلمه، بل خسرته، فرغم الرواج الكبير الذي تلاقيه شخصية "إبراهيم سردينا" على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه لم يظهر سوى في 10 حلقات فقط، وحصل على جائزة عن هذا الدور، حسبما قال في حواره لبرنامج "الستات مبيعرفوش يكدبوا" على قناة سي بي سي.

يضيق "أبو زهرة" من تعالي وغرور بعض الفنانين، خاصة الذين لا يمتلكون تاريخًا فنيًا كبيرًا، فبعضم لا يجتهد وغير متميز، حتى أنه ذات مرة أدى دورًا في مسلسل "عمر بن عبد العزيز" فقام بأداء مونولوج، عبارة عن 15 صفحة، وانتهى من تصويره من أول مرة، وهو ما أدهش المشاركين في العمل، رغم أنه يرى أن المسألة بسيطة، لأنه يحفظ الحوار قبل التسجيل بمدة كفاية، وهو ما اتبعه في هذا العمل، فقد حفظ التسجيل قبل أداء الدور بـ10 أيام، فهو يتعامل مع النص أيضًا معاملة مختلفة، فيقوم بتلوين الاسكربت قبل قراءته بألوان مختلفة، ليميز الحوار ويحفظه.