رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في مثل هذا اليوم.. قصة طرح "الطربوش" في السوق المصري

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تعددت الروايات حول الموطن الأصلي لـ "الطربوش"، والذي كان يستخدم كغطاء للرأس منذ قرون طويلة.

يقول البعض إنه يرجع إلى النمسا، وهناك من يقول إنه من بلاد اليونان وألبانيا، ثم انتقل إلى مصر وأصبح زيًا رسميًا للأتراك فتعددت أشكاله، لكن المتعارف عليه أنه كان يستخدم لأغراض سياسية أكثر منها اجتماعية.

وفي مثل هذا اليوم 15 ديسمبر عام 1933 طرح "الطربوش المصري" في السوق بعد بناء مصنع له بمشروع القرش على يد أحمد حسين زعيم "مصر الفتاة" أحد الضباط الأحرار الذي كان مثيرًا للجدل بسبب مواقفه وأفكاره، فبعد عودته من رحلة صيفية في باريس عام 1930، نادى بإنشاء صناعة جديدة يسهم فيها المصريون بمبالغ ضئيلة، ووضع الحد الأدنى قرشًا واحدًا فسمى مشروعه بـ "مشروع القرش".

في كتابه "مصرالفتاة ودورها في السياسة المصرية1933-1941" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، يتحدث الدكتور علي شلبي عن قصة هذا المشروع، وكان واحدًا من أهم المشاريع التي ألهبت الحماس الوطني قبل ثورة 23 يوليو 1952، حيث طرح حسين الفكرة على زميليه فتحي رضوان وكمال الدين صلاح، فأبديا استحسانهما، وكيف أنها ستساعد فى إقامة ركائز وطنية للصناعة تحل محل الركائز الأجنبية المسيطرة على الاقتصاد المصري.

بدأ أحمد حسين نشر فكرته في الأوساط الطلابية والشعبية، حتى لاقت رواجًا كبيرًا، وأصبح لها هيئة تشرف على تنفيذها، وفي العام الأول للمشروع بلغت حصيلة التبرعات "17332" جنيهًا.

ووفقا للدكتور علي شلبي، "كان هذا المبلغ مخيبًا لآمال أحمد حسين، واتضح أن الريف كان أعجز عن دفع قروش معدودة، وهو مايوضح مدى حدة الأزمة الاقتصادية عام 1931 نتيجة انخفاض أسعار القطن فى ذلك الوقت بشكل غير معقول".

بعد ذلك تشكلت "جمعية القرش"وتولى رئاستها "على إبراهيم باشا" الجراح الشهير وعميد طب القصر العينى، وبدأ التفكير فى تحديد المنشأة الصناعية التى ستنشىء الجمعية، فاستقر الرأى على مصنع للطرابيش.

يُذكر أن تلك الصناعة قامت من قبل حيث أنشأ إسماعيل باشا عاصم مصنعًا في قرية قها محافظة القليوبية، لكن الشركة النمساوية التي تورد الطرابيش لمصر حاربته بتخفيض الأسعار إلى أقصى درجة ممكنة، مما اضطره إلى إغلاق مصنعه فى ضربة تكاد تكون فادحة للصناعة الوطنية.

وقدمت حكومة إسماعيل صدقي قطعة الأرض اللازمة لإقامة المصنع بناحية العباسية دون مقابل، وكلفت مهندسي وخبراء ومصلحة المباني ومصلحة الصناعة والتجارة، ومصلحة الكهرباء بتقديم كل مساعدة ممكنة، وتكاملت للمشروع كل أسباب النجاح، وتولى عملية البناء "محمد بك حسن العبد" الذي تنازل عن مبلغ ألف جنيه من قيمة المباني تبرعًا منه للمشروع.

وفي العام الثاني انتهز "أحمد حسين" فرصة وضع حجر أساس المصنع، وألقى خطابًا طالب فيه بالمزيد من الجهود لجمع الأموال، ولكن موجة الحماس للمشروع كانت قد فترت بعض الشىء، فلم يستطيعوا الحصول إلا على 13 ألف جنيه، وأقيم مهرجان القرش الثاني في حديقة الأزبكية، وفي نهاية عام 1933 تم إنشاء المصنع وتركيب الآلات، وبدأ الطربوش المصري يطرح فى السوق يوم 15 ديسمبر، وبلغت الطاقة الإنتاجية للمصنع 300 ألف طربوش في العام.