رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وهم المصالحة مع قطر


يصفونها بـ«الأزمة الخليجية» أو «أزمة قطر»، ونرى أن الوصف الأنسب لها هو إجراءات تأديب «العائلة الضالة» التى تحكم تلك الإمارة بالوكالة. ولا نعتقد أن هناك حلًا لتلك الأزمة، ولا نرى نهاية لإجراءات التأديب، إلا بامتثال تلك العائلة للمطالب أو الشروط الـ١٣ التى تصر عليها دول الرباعى العربى الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر، السعودية، الإمارات، والبحرين.
ما لم يحدث ذلك، سنظل نتابع أحداثًا مملة، وسيظل السيناريست يعجن و«يعك» ويكتب أحداثًا كثيرة لا لزوم لها، أو ثبت عدم جدواها، بدليل فشل جولة ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكى السابق، فى أكتوبر قبل الماضى. وكذا فشل مساعى أنتونى زينى، وتيموثى ليندركينج، اللذين راهنت الإدارة الأمريكية على قدراتهما وخبراتهما وفشل الرهان بامتياز.
ما جدّد الحديث حول المصالحة الموهومة، هو أن قناة «إكسترا نيوز»، ذكرت فى نبأ عاجل، الثلاثاء، أن سامح شكرى، وزير الخارجية، قال إن «الدول العربية الأربع مستعدة لإنهاء أزمتها مع قطر، إذا غيرت الدوحة من سياستها». وعن القناة نقلت مواقع إلكترونية. وبالتزامن، كان عبداللطيف الزيانى، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج، ينقل رسالة من الملك السعودى إلى الأمير القطرى لدعوته لحضور أعمال دورة مجلس التعاون الخليجى التى تستضيفها المملكة فى ٩ ديسمبر الجارى. وبمجرد أن تسلم الدعوة سلطان المريخى وزير الدولة للشئون الخارجية فى قطر، أعلنت وكالة الأنباء القطرية الخبر: تلقى أمير قطر، تميم بن حمد آل ثانى، دعوة من العاهل السعودى.. إلخ.
كالعادة، اعتقدت العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة أنها وجدت القشة «القشاية» التى قد تعصمها من الغرق، وأصدرت أوامرها لصبيانها وغلمانها لكى ينسجوا قصصًا ويؤلفوا حكايات، لم نر فيها إلا تأكيدًا للمثل القديم: الخروف الجائع يحلم بأنه فى حقل برسيم. وعلى اللحن نفسه، غنى ورقص بعض حسنى النية، وأشبع الباحثون عن جنازة، خدودهم لطمًا. ولاحظ أن اللحن نفسه، سبق أن عزفه وغنى ورقص عليه الغلمان أنفسهم، بعد كلمتين عابرتين للرئيس عبدالفتاح السيسى عن «ضرورة الحفاظ على حد أدنى من الاستقرار فى كل دول المنطقة بما فيها قطر». ومع أن هاتين الكلمتين مجرد ترجمة لموقف مصر الثابت، إلا أن أبواق العائلة الضالة زعمت أنه «حديث إيجابى لافت وعلى غير العادة». وخرج منها عملاء «زبائن» المواقع الممولة قطريًا، باستنتاجات أقرب ما تكون إلى الـ«هلاوس».
الغريب هو أن تستمر تلك الهلاوس بعد تأكيد وزير الخارجية، الأربعاء، أنه لم يتم «رصد أى تغير فى السياسات القطرية، بما يؤدى لانفراج الأزمة معها»، مشيرًا إلى وجود تحركات قطرية «مناوئة وخارجة عن التعاون العربى». وخلال مؤتمر صحفى مشترك عقده فى القاهرة، مع نظيره الأردنى أيمن الصفدى، قال شكرى إن «موقف الدول الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب، تم تأكيده مجددًا خلال الاجتماع الرباعى الذى انعقد بالمنامة، وهو موقف مستقر»، وشدد على أن «الشروط الـ١٣، التى تطالب الدول الأربع باستجابة قطر لها» لا تزال قائمة. وغير موقف الإمارات الثابت والمتشدد، فإن موقف السعودية سبق أن أعلنه محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، بالقاهرة، مارس الماضى، وأوضح أن الدول الأربع تتعامل مع الأزمة بالطريقة نفسها التى تعاملت بها الولايات المتحدة مع كوبا، أى بترك قطر على الحال الذى هى عليه الآن، ولو لسنوات، حتى تتراجع عن سياساتها المدمرة للمنطقة. ووقتها قلل بن سلمان من حجم اهتمامه بالموضوع، مؤكدًا أن «أقل من رتبة وزير هو مَن يتولى الملف القطرى».
.. وماذا عن دعوة أمير قطر لحضور قمة مجلس دول التعاون الخليجى؟!.
سبق أن تم توجيه الدعوة إلى المذكور فى القمة الماضية، التى انعقدت بالكويت، ولم يحدث أى تطور فى الأزمة ولم يتم تخفيف إجراءات التأديب. بما يعنى أن «وجود قطر فى القمة من عدمه سيان»، والعبارة قالها وزير الخارجية البحرينى خالد بن أحمد آل خليفة، الذى أوضح أن القضية أكبر من أن يتم حلها بـ«حب الخشوم». وفى الحوار الذى نشرته جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، الخميس، أكد آل خليفة أن الشروط الـ١٣ كما هى و«لن نحيد عنها»، و«متى ما التزمت بتنفيذها وبكل جدية وبضمانات تجعلها تحت المجهر، وتحت المراقبة، ساعتها لن نغلق الأبواب، لكن سيكون هذا اتفاقا جديدا وله نظام جديد».
نوجز فنقول إن المصالحة مع الإمارة قد تحدث، لو أراد «عراب» العائلة الضالة، الذى إنْ شاء جعلها تستجيب للمطالب الـ١٣، وإن لم يشأ جعلها تستمر فى أداء الدور القذر الذى أوكله إليها. وبالتالى قد نظل نتابع أحداثًا متضاربة ومتناقضة ومملّة، إلى أن تصدر الأوامر بكتابة الحلقة الأخيرة، ويتم تغيير «الوالى» أو من يحكم بالوكالة!.