رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التهجير العربى القسرى


هى ظاهرة عربية قديمة، كانت القبائل القوية تطرد القبائل الضعيفة، ثم اندثرت قليلا، ثم أطلت برأسها على استحياء من جديد فى نهاية القرن الثامن عشر، عندما مارسها اليهود مع الفلسطينيين، فى فلسطين، تحت سمع وبصر الخلافة التركية وبريطانيا بعدها، وبدأت تظهر بعنف فى أعقاب ثورات الربيع العربى، وبدأت تمارسها العناصر الإرهابية التى تعاونت مع تركيا وبعض دول الخليج، وأوروبا، وعلى الأخص تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش، الذى ظهر فجأة، بطريقة غامضة وخبيثة، فى سوريا والعراق، مع السكان غير المسلمين.
إنها حرب عالمية قادتها تركيا، من أجل أطماعها فى الخلافة الإسلامية، التى كانت فى الماضى وانهارت، لتتمكن من مواجهة دول أوروبا، وأن تكون دولة فاعلة مثل روسيا وأمريكا، وأيضا فى مواجهة إيران عدوها المحتمل.
وكان أن أدار حزب العدالة والتنمية التركى تلك الحرب القذرة، بقيادة رئيسه رجب طيب أردوغان الذى كان رئيسا للوزراء، ثم رئيسا للجمهورية التركية.
الآن يهاجر السوريون من بلادهم المأهولة، ومدنهم الراقية، التى كانت بها حدائق ومتنزهات وصرف صحى، وبيوت عامرة، وحضارة وجامعات ومدارس راقية.
تركوا كل هذا بعد أن هاجمتهم التنظيمات المتطرفة، وعاثت فى بلادهم الآمنة فسادا وتخريبا، وفى نسائهم اغتصابا، وشبابهم قتلا وتنكيلا، وأصبحت مدنهم الراقية ومنشآتها أطلالا.
ومع بداية تنفيذ هذا المخطط فى ٢٠١١، بدأ النزوح السورى الجماعى، طوال أربعة أعوام داخل سوريا نفسها، ثم خرجوا إلى تركيا ولبنان والأردن ومصر.
فى البداية، كان النزوح هربا من القصف والحرب، ومن القتل والاعتقال إلى المناطق المتاخمة، أو الدول المجاورة، بانتظار استقرار الأوضاع، لكى تعود إلى ديارها.
ولأن السوريين شعب عريق، فلم تناسبهم المخيمات، وملوا من الانتظار فى مخيمات التسول، بعد أن شعروا بأن مشكلتهم لن تحل فى القريب العاجل.
هم الآن، يهاجرون إلى دولٍ يمكن فيها الحديث عن استقرار طويل الأمد وتعليم الأبناء، حيث يعاملون بنوع من الرقى الإنسانى بعيدا عن تجهم العرب وفظاظتهم.
كما أن معظم المهاجرين من أبناء الطبقات الوسطى من المهنيين. فشأنهم مختلف. قد يعودون يومًا كبار السن من المهجرين، أما الأبناء الذين سيدخلون مدرسة ألمانية هذا العام، فهدف اللجوء هو البحث لهم عن مستقبل آخر، بعيدًا عن هذه المنطقة، إنه هجرة بالنسبة لهم.
أما أخطر الهجرات، أو التهجير القسرى، فهو ما حدث تحت سمع وبصر وصمت، كل الطوائف الدينية، ورجال الدين، والساسة، والرأى العام الأجنبى والمنظمات الحقوقية، أعنى عملية تهجير الإيزيديين، وما صاحبها من مساوئ يندى لها الجبين.
ليسوا مسلمين، ولكنهم منذ الأزل وسط المسلمين، فى سهل نينوى شمال الموصل.. هم الآن مهجرون ومشتتون فى كردستان على الحدود التركية، وتمزقت أوصال الشعب المسالم، بعد أن هجّروه، وضاعت مدنه وخربت ونهبت.
سبعة آلاف فتاة سُبيت، وبيعت كالعبيد، وآلاف الشباب والرجال ذبحوا، وسط تجهم وصمت إنسانى موحش، من العرب والعالم.
أما الأخطر، فهو قيام داعش بخطف آلاف الأطفال، وتدريبهم على القتال بالطريقة الجهنمية الداعشية، ليكونوا مقاتلين ضد العرب، وضد مواطنيهم الإيزيديين.
كما هُدمت معابدهم بالكامل إلا معبد شرف الدين فى سنجار. كما هُدمت المعابد الأثرية فى سوريا والعراق.