رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتب الأمريكى ج.د. سالينجر

جريدة الدستور


لكل منهما حجرته، وهما قد بلغا السبعين من العمر أو أكثر من ذلك. غير أنهما كانا يستمتعان بحياتهما، ولكنهما يفعلان ذلك بدرجة متوسطة. وأنا أعلم أن قولى هذا فظ، ولكننى لا أتحدث عن الجانب الفظ فى الموضوع. أعنى أننى كنت أفكر كثيرًا بسبنسر العجوز، وعندما تفكر فيه كثيرًا فإنك سوف تتساءل عن السبب الذى يجعله يواصل الحياة. هو شديد الانحناء، وقامته شديدة التشويه: وفى الفصل، عندما تسقط منه الطبشورة ينهض دائمًا أحد الطلبة من الجالسين فى المقدمة ويلتقط الطبشورة ويضعها فى يد سبنسر العجوز. وهذا فى رأيى، شىء مؤلم.
ولكنك عندما تفكر فى هذا كثيرًا، ليس كثيرًا جدًا، عندها ترى أن وضع سبنسر العجوز ليس بكل هذا السوء. مثلًا، كنت فى يوم أحد مع بعض الطلبة فى بيت العجوز سبنسر وكنا نشرب الكاكاو الساخنة. ثم عرض أمامنا تلك البطانية «النافاجو» التى اشتراها هو وزوجته من أحد الهنود فى حديقة بولستون، وكان بإمكانك أن ترى بوضوح أن سبنسر العجوز كان سعيدًا لأنه اشترى تلك البطانية. هذا ما أعنيه، أن ترى إنسانًا طاعنًا فى السن مثل سبنسر العجوز فرحًا جدًا بشراء بطانية.
كان باب حجرته مفتوحًا، غير أننى، تأدبًا، طرقت الباب، كان بإمكانى أن أراه وهو جالس على كرسى من الجلد وقد غطى جسده بالبطانية التى حدثتك عنها منذ قليل. نظر إلىَّ وأنا أطرق الباب ثم صاح: «مَنْ هذا؟ كولفيلد؟ ادخل يا بنى».
كان دائمًا يصيح بصوت عالٍ عندما يكون خارج المدرسة، وكان هذا يثير أعصابى فى بعض الأحيان.
وفى اللحظة التى دخلت فيها الحجرة أسفت لمجيئى. كان العجوز يقرأ مجلة «أتلانتك» الشهرية، كان هنالك أدوية فى كل مكان فى الحجرة، وكان لكل شىء رائحة قطرة «فكس» للأنف. أشعر ذلك بالضيق. وأنا لست مغرمًا بمشاهدة المرضى. وزاد ضيقى أن سبنسر العجوز كان يرتدى روب الاستحمام الكئيب الأجرب الذى أرجح أنه يرتديه منذ ساعة مولده. وأنا لا أحب أن أشاهد الكبار فى السن وهم يرتدون بيجامة أو روب حمام. فمن ورائها تبدو صدورهم العجوزة المجوفة وسيقانهم، تلك السيقان العجوزة التى نراها على الشواطئ وغيرها من الأماكن فتبدو بيضاء جدًا وخالية من الشعر.
قلت: «هالو يا سيدى. تسلمت رسالتك. أشكرك كثيرًا».
ولقد كتبت لى هذه الرسالة طالبًا منى زيارته لأودعه قبل ابتداء الإجازة، لأننى لن أعود إلى هذه المدرسة.
قلت: «ما كان لك أن تجشم نفسك المشقة، فلقد كنت أنوى توديعك على أية حال».