رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة العبيد بالقاهرة.. من السلطة إلى باب زويلة

جريدة الدستور

في شهر ذو القعدة سنة 849 هجريًا، عبرت جماعة من العبيد السود النيل إلى بر الجيزة، وأقاموا في الخلاء، ونصبوا الخيام، واتخذوا لهم منطقة، وجعلوا لها سلطانا، ووزيرا، يجلس السلطان على دكة ويحكم بين العبيد.

يطلب السلطان من العبيد من هو معاد لهم، ويأمر بإعدامه بين يديه، ثم يصدر عدة قراراة بتعيين كبير وصاحب حجاب، وأرباب وظائف، إلى أن كون لهم نظاما موازيا لنظام السلطنة بما في ذلك نائب الشام، ونائب طلب، ونواب لجميع البلاد، وحسبما يقول ابن إياس: "فلما بلغ السلطان ذلك انحصر إلى الغابة، وصار العبيد يقطعون الطريق على الناس، وينهبون المغلوب، ويأخذون خراج المقطعين وضيافتهم، فعين السلطان لهم تجريده، فتوجهوا إليهم في المراكب، فتقاتلوا معهم وكسروا سلطانهم وشنقوهم، وسجنوا جماعة منهم وهرب الباقون، ثم إن السلطان نادى في القاهرة بأن كل من عنده عبد كبير يطلع به إلى باب السلسة ويقبض ثمنه".

أمر السلطان بإعدام قادة هذه الثورة، ونفى ما بقى من العبيد إلى بلاد العثمانيين، وأنهى وجود العبيد "الشناترة" من مصر، وكثيرًا ما كانت تعلق رؤوس العربان في صحاري مصر على البوابة، وكان بعض الذين يلقون حتفهم على تلك البوابة قد ارتكبوا حوادث طفيفة للغاية، ونلاحظ تكرر ذلك بعد الغزو العثماني لمصر عام 922، إذ يشنق ملك الأمراء خاير بك، فلاحًا فقيرًا لأنه اقتلع عودين من خيار الشنبر "نبات طبي"، وطوال الاحتلال العثماني تتكرر حوادث الشنق، والإعدام، بجوار البوابة لأتفه الأسباب.

ويذكر "الجبرتي": مع أن الزيادة سارية في المبيعات والمشتريات من غير إنكار، لكنه الظلم الفادح، ولا معقولية لما جرى خلال هذا العصر، إلى جانب ذلك فإن بعض الذين سلكت حياتهم طرقًا غير عادية، كان أحيانا يلقون مصيرهم فوق هذه البوابة الدموية "زويلة".