رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"خان الخليلي".. حكايات القاتل والمُحب في ألف ليلة وليلة

جريدة الدستور

أكد العديد من المستشرقين، أن الملك شهريار، القاتل والمحب، كان يمارس مغامراته في أزقة ودروب أشبه كثيرًا بممرات خان الخليلي، لذا فالمؤرخ الإنجليزي "ستانلي لينبول" حبذ أن يكون شارع خان الخليلي وما حوله من حواري وأزقة القاهرة الفاطمية هو المكان الذي شهد حكايات وأساطير ألف ليلة وليلة، رغم أن متتبع أصولها سيجدها في بلاد الفرس والهند، لكن صيغتها النهائية في حواري خان الخليلي.

ويشير "ستانلي" إلى أن ألف ليلة وليلة كُتبت للشعب والجمهور الذي كان يجتمع في مقاهي القاهرة العامرة مثل "خان الخليلي"، ودلل على ذلك بأن ألف ليلة وليلة تشمل على وجه الخصوص مغامرات التجار وأصحاب الحوانيت.

لم ينشأ خان الخيلي فجأة، بل شهد أمجادًا ربما هي التي مهدت لمكانته التي يتمتع بها الآن، فقد كان الرقعة الاستراتيجية التي احتوت الدولة الفاطمية، حيث انه وقع في نفس مكان الشارع الآن كانت شرفات وحجرات وقاعات القصر الشرقي الكبير المخصص لإقامة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، وكما وصفه العديد من المؤرخين العرب والأجانب، بأنه كان عظيم السعة، وكان في الجهة الشرقية من القاهرة لذا عُرف بالقصر الشرقي، وكان يُسمى أيام مجده "القصر المُعزي" وسكنه بعد المعز الخلفاء الفاطميون وأولادهم.

وبعدما حصل صلاح الدين الأيوبي على سلطنة مصر أخذ "القصر المُعزي" وأخرج من كان به وكانوا إثنتى عشر ألف نسمة بمن فيهم الخليفة الفاطمي وأهله وأولاده فأسكنهم دار المظفر بحارة بورجوان التي كانت تعرف بدار الضيافة، وبعد ذلك أعطى صلاح الدين هذا القصر لأمراء دولته، كما أعطى القصر الغربي المواجه له لأخيه الملك العادل سيف الدين فسكنه، وفيه ولد ابنه الكامل ناصر الدين محمد، حسبما ذكر"حمدي أبو جليل" في كتابه "القاهرة شوارع وحكايات".

وبعدما انتقل السلطان الأيوبي إلى قلعة الجبل التي تحولت الى قلعة محمد على بعد ذلك نقل معه أبرز سكان القصر الشرقي الذي يحتل خان الخليلي جانبًا من مكانه الآن واعتقلهم في سجون القلعة وظل أولاد وأحفاد الأسرة الفاطمية يعانون ويلات الاعتقال حتى بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي، بل وطوال عهد الدولة الأيوبية الذي استمر ما يرقب من الثمانين عامًا، فلم يفك أسرهم سوى في عهد السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس المؤسس الحقيقي لدولة المماليك وقد حول أملاك قصرهم الشرقي الشهير إلى بيت المال.

أما القصر الشرقي الذي تشغل أحد أركانه الآن محلات خان الخليلي كان يدخل إليه من تسعة أبواب اجلها وأعظمها باب الذهب الذي كان مخصصًا لموكب الخليفة الفاطمي، وتعرض هذا الباب للهدم والتخريب في عهد الظاهر بيبرس الذي أخذ ماكان به من الأعمدة الرخام والأحجار الكريمة وأرسل بعضها إلى دمشق وبعضها زين به أبواب الجامعة الذي يعرف الآن بجامع الظاهر.