رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم العالمى للطفل ومواجهة العنف ضد المرأة


يحتفل العالم فى ٢٥ نوفمبر من كل عام باليوم العالمى لمواجهة العنف ضد المرأة، الذى اعتمدته الأمم المتحدة عام ١٩٩٩، وتم اختيار هذا اليوم تكريمًا لثلاث أخوات من الدومينيكان واجهن استبداد وظلم رئيس الجمهورية، فما كان من هذا الديكتاتور إلا أن أمر باغتيالهن عام ١٩٦٠.
تزداد ظاهرة العنف ضد المرأة وفى القلب منها ارتكاب جريمة التحرش بكل أنواعه اللفظية والجسدية، هذه الجريمة التى تنهى عنها الشرائع والقوانين والقيم الأخلاقية والإنسانية، ويجرمها دستور مصر فى المادة «٥٩»، التى تنص على أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، والتزام الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أراضيها، والمادة «٦٠» التى تنص على أن لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون.
جرائم التحرش وانتهاك الأعراض للنساء والفتيات، بل وبنات صغار لم تتجاوز أعمارهن ٤ سنوات، هذا غير اقتران بعض هذه الجرائم بالقتل، تطل علينا وتُرتَكَب من خلال ثعابين تبث سمومها فى قلب المجتمع. وجوهر هذه الظاهرة هو عدم احترام الأنثى والنظرة الدونية للمرأة، بل وقصر دورها فى إمتاع الرجل والحمل والولادة وتربية الأطفال.
وترجع هذه الجرائم لعدد من الأسباب والعوامل التى يجب علاجها وحلها، منها الفقر، وعدم القدرة على الزواج فى ظل البطالة، وغلاء الأسعار، وعدم توفير فرص عمل لملايين من الشباب والشابات، وانتشار الإدمان والبلطجة والعنف.
لا يكفى تغليظ العقوبات للقضاء على جريمة التحرش، ولكن لا بد من تفعيل وتنفيذ القانون، مع العمل على نشر ثقافة مجتمعية تغرس قيم المساواة بين الجنسين والمواطنة، وهذا يتطلب جهودًا مشتركة بين الوزارات والأجهزة المعنية «وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة ومراكز الشباب ووزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام» والمسئولين عن الدراما والسينما، هذا بجانب دور وزارة الداخلية فى إعادة الانضباط للشارع المصرى، والتعاون بين هذه الأجهزة التنفيذية والمجتمع المدنى من أحزاب ومنظمات نسائية وحقوقية وجمعيات أهلية والمجلس القومى للمرأة.
إن مواجهة العنف ضد المرأة مسئولية مجتمعية تتطلب جهدًا مجتمعيًا دائمًا، وتتطلب إنشاء مفوضية عدم التمييز مع توافر إرادة سياسية لجميع المسئولين لتنفيذ وتفعيل تمكين المرأة فى كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وفى الشهر نفسه يحتفل العالم باليوم العالمى للطفل فى ٢٠ نوفمبر، وهو اليوم الذى أقرته الأمم المتحدة عام ١٩٥٩ «إعلان حقوق الطفل»، الذى أشارت مواده إلى أهمية احترام حقوق الأطفال والاستمتاع ببراءتهم ومنهم الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة.
يجىء هذا اليوم وسط مآسٍ يعانى منها أطفال العالم من الجوع والتقزم وسوء التغذية والفقر متعدد الأبعاد، وهو كما يقول اليونيسف «الحرمان من عدة عوامل وهى التغذية والتعليم والرعاية الصحية والحماية والصرف الصحى والسكن والحصول على المعلومات والحصول على المياه النقية».
ويجىء اليوم العالمى للطفل وسط إرهاب الكيان الصهيونى باغتيال ٢٠٧٢ طفلًا منذ عام٢٠٠٠ وحتى الآن، واعتقال ٩٠٠ طفل منذ مطلع هذا العام، ما زال منهم ٢٧٠ فى سجون الاحتلال وتم اغتيال٥٠ طفلًا فلسطينيًا هذا العام.
يجىء اليوم العالمى للطفل هذا العام مع إعلان وفاة ٨٥ ألف طفل يمنى «أقل من خمس سنوات» بسبب سوء التغذية «خلال ٣ سنوات من الحرب على اليمن». وقد دعت مؤسسة «سيف ذا تشيلدرن» البريطانية إلى وقف هذه الحرب المدمرة فورًا.
يجىء اليوم العالمى للطفل هذا العام ونحن نشاهد فاجعة غرق خمسة أشخاص، منهم ثلاثة أطفال، محمد السيد حسنين ١٦ عامًا، وعبدالرحمن رضا ١٥ عامًا. وداليا السيد القصاص ١٥ عامًا طالبة الصف الثالث الإعدادى التى تغيبت من المدرسة للعمل مع عمال اليومية بـ٨٠ جنيهًا فى اليوم لمساعدة أسرتها ومساعدة والدها «الأرزقى»، ماتت عبر غرق وسيلة الانتقال الوحيدة بين قريتها فى المنوفية وبين مكان العمل فى قرية بالبحيرة. ركبت داليا معدية الموت المتهالكة التى تحمل ثلاثة أضعاف الركاب المسموح بهم! إنها مأساة الفقر وعمالة الأطفال والتسرب من التعليم والإهمال وغياب الرقابة والخدمات.
إننا نؤكد حق الطفل فى الحياة الآمنة وحقه فى الصحة والتعليم والحماية، هذه البراعم تنمو لتبنى المستقبل وتصنع الحاضر.. هذه البراعم تحتاج بيئة حاضنة صالحة وحامية.. إنهم فلذات أكبادنا.