رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمرو العادلي "للدستور": لا يصح أن تقول "وتلبدت السماء بالغيوم".. والأدب اللبناني يسبقنا بخطوة

جريدة الدستور

وصلت روايته مؤخرًا "اسمي فاطمة" للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد، فاز من قبل بجائزة الدولة التشجيعية، واتحاد كتاب مصر، وجوائز أخرى.

عمرو العادلي، قاص وروائي مصري، نال اهتمامًا نقديًا بكتاباته التي تنوعت بين القصة الفصيرة والرواية، يتحدث "للدستور" حول انضمام روايته "اسمي فاطمة" للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد.

- إلى أي مدى كنت تتوقع وصول روايتك لجائزة الشيخ زايد؟

لا يوجد كاتب حقيقي يتوقع أي جائزة، الجائزة مرتبطة ارتباطا وثيقا بذائقة لجنة التحكيم، والجوائز مختلفة، وكل اللجان تحدد الهدف من الجائزة من خلال رؤيتهم للعالم الأدبي والواقعي، في عالمنا العربي ومن خلال هذه الأعمال يتم الاختيار، وبالرغم من أنني لم اكن أتوقع الجائزة، ولكن هو نوع من التقدير فحين يصلك الخبر وتكتشف أن هذه هي الرواية المصرية الوحيدة، فهذه قيمة كبيرة، ويمنحك احساسا كبيرا بالسعادة، كما أن هناك سببا آخر هو أن القائمة نفسها مشرفة، والانتماء لها شرف حقيقي، فمثلا حين يترشح فيلم لجائزة الأوسكار، فمجرد ترشح الفيلم في حد ذاته هو جائزة، والحصول على الجائزة جائزة أكبر، وسبب آخر منحني السعادة هو وجود اسم هدى بركات في الجائزة، والمفارقة أنني كنت أبحث عن روايتها، وأفاجأ أنها نفس الرواية التي وصلت للقائمة الطويلة مع روايتي، ولك أن تعلم أن الأدب اللبناني يسبقنا بخطوة، هم وصلوا للمعنى الإنساني في الأدب، ويبحثون عن الإنسان وليس الذات، ولكن الذات من خلال الإنسان، وعلى المصريين أن يدركوا هذا الامر وأن يحاولوا التقدم في هذا الشأن.

- هل ترى أن وصول الجائزة للقائمة الطويلة هو رد على منتقديها؟

في الحقيقة أنا لا أنتبه للانتقادات التي تأتي عن الروايات، هو ليس انتقادًا بالمعنى الأدبي، ولكنه شتائم وسباب، وهناك سؤال يحيرني في هذا الأمر، إن كنا نحن ككتاب سوف نتقاذف بالشتائم، فكيف نُقنع القارئ بكتابتنا؟! ثم إن سعينا لهذا الأمر هو مستوى متدنٍّ جدا، ولذلك الرد المنطقي دائما هو الصمت تماما، ولكن وصول الرواية لقائمة الشيخ زايد هو رد بليغ فعلا.

هل ترى أن الجوائز هي من تعيد ترسيم صفوف الادباء في مصر؟

نحن نكتب ثلاثة أجيال، الخمسينيات وهو الذي تربينا على يده، وما بعده الستينيات والسبعينيات، ومنهم من توفاه الله ومنهم من انتهى من مشروعه الأدبي، ولكن عليك أن تكتب بقوة، وأن تعمل بجهد ودون إدعاء، ولا يَسمع صوتك أحد إلا من خلال عالمك الروائي، وأن تحاول بقدر الإمكان الإشارة إلى مناطق جديدة، ولكن أن تظل تصرخ وتقول أنا "أفضل روائي؛ أنا على رأس القائمة"، فهذا لن يقنعك، ولكن عليك أن تعمل للانضمام لتلك القائمة بكتاباتك، وبالفعل في الفترة الحالية هناك ترسيم للكتابة، ولكن الذي يقوم بهذا الترسيم هو الكتابة الجيدة، وبالرغم من أنني من أكثر أبناء جيلي حصدا للجوائز، لكنني أقول أن الجائزة ليست رقم واحد، ولكنها تشعرك أنك على المسار الصحيح.

كتبت الكثير من الأشعار قبل الرواية.. بم أفادتك تجربة كتابة الشعر؟

أفادتني كثيرا، أولها رهافة الجملة وتكثيفها والقدرة على تكوين جملة صحيحة وقوية وشاعرية أحيانا حسبما تحتاج الرواية، وأيضا في البحث عن المعنى، وأن تزن الكلمة بميزان، والابتعاد عن المفرادت التي استهلكت بقوة، فمثلا مفردة دلف انتهت تماما، ويجب أن يكون لديك مفرداتك الخاصة وقاموسك اللغوي، ولكن كانت هذه التجربة في وقت سابق من حياتي إبان فترة المراهقة، وكتبت بعدها مجموعات قصصية، ثم الرواية، وأكبر الاستفادات هي البحث عن معنى للكتابة وليس الكتابة للفراغ، والموضوع ليس كتابة رواية خيالية او فانتازية بقدر ما هو موضوع البحث عن شيء ما، ليُكمل المعنى لديك، وهذا ما فعلته في "اسمي فاطمة".

يكتب عمرو العادلي كثيرا في اللغة.. كيف ترى اللغة الحالية للكتابة بالنسبة لبعض الأدباء؟

عبد القاهر الجرجاني قال جملة أظن أنها يجب أن تبروز، ويضعها كل كاتب في غرفته ينظر إليها ليلا ونهارا، "لا يوجد لفظ مدنس وكل الألفاظ مقدسة، وكثرة جريان اللفظ يجعله مستهلكا، فلا بد من تغييره، ولكن لكثرة ما جرى على الألسنة، أصبحت الجملة سوقية، وقيمة القراءة هنا أنها تمنحك مفردات جديدة، فمن املعروف ان اللغة هي اسم وفعل وحرف جر، ولكن اللغة الأدبية أكبر من اسم وفعل وحرف جر، وحين تقرا لأحد ما ويعجبك أو يبهرك، فما أعجبك وأبهرك هو التوليفة التي كتب بها هذا الكاتب، ولذلك يجب الابتعاد تماما عن تلك المفردات، فلا يصح مثلا أن تقول في هذه الأيام "وتلبدت السماء بالغيوم" أو "الشمس تجري في كبد السماء"، كلها جمل استهلكت وأنت بحاجة لمفردات جديدة لأن القديم قد يصنع خللا لتكراره.