رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توترات شديدة بين روسيا وأوكرانيا بعد مواجهة في البحر

جريدة الدستور

تواجه كييف وموسكو أسوأ أزمة منذ سنوات، فيما طالبت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون، الاثنين، بالإفراج عن السفن الاوكرانية الثلاث التي احتجزتها روسيا بعد إطلاق النار عليها بالقرب من شبه جزيرة القرم.

واحتجزت روسيا سفينتين حربيتين مصفحتين، وسفينة جر، الأحد، بعد اتهامها بدخول المياه الروسية بشكل غير شرعي قبالة ساحل القرم في بحر آزوف.

ووضع الجيش في حالة تأهب عليا، كما من المقرر أن يصوت البرلمان، الاثنين، على طلب من الرئيس بترو بوروشينكو لفرض الأحكام العرفية لمدة 60 يومًا.

وأثار الحادث مخاوف من اتساع التصعيد العسكري، ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الاثنين.. كما دعا حلف شمال الاطلسي إلى لقاء طارئ لبحث الحادث.

واقترح وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن برلين وباريس يمكن أن تقوما بجهود وساطة، وقال إنه بمناسبة اجتماع مقرر منذ فترة مع روسيا وأوكرانيا، الاثنين، في برلين، ستعمل فرنسا وألمانيا "معا وعند الحاجة كوسيطين من أجل تجنب تحول هذا النزاع إلى أزمة خطيرة".

واتهم حلفاء أوكرانيا الغربيون، روسيا، باستخدام القوة دون مبرر، فيما دعت كييف شركاءها إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو.

وقال وزير الخارجية الاوكراني بافلو كليمكين للصحفيين في كييف: "هذه أعمال عدائية مخططة من قبل الاتحاد الروسي ضد أوكرانيا.. سنطالب (في مجلس الأمن) بالإفراج الفوري عن بحارتنا وتحرير سفننا".

وأشار إلى أن محادثات تجري مع الاتحاد الأوروبي وغيره حول فرض مزيد من العقوبات على روسيا.

وأصرت موسكو على أن اللوم يقع على كييف، وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الاثنين أن "الجانب الروسي تصرّف بشكل يتطابق تمامًا مع القوانين، القانون الدولي والقانون الداخلي في آن معًا"، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بـانتهاك سفن حربية أجنبية المياه الإقليمية لروسيا الاتحادية".

واتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، من جهته، أوكرانيا بانتهاك القانون الدولي عبر "أساليب خطيرة شكلت تهديدات ومخاطر على حركة عبور السفن الطبيعية في هذا الممر البحري" معتبرًا الأمر "استفزازًا صريحًا".

واندلعت الأزمة عندما كانت السفن الأوكرانية تمر في مضيق كيرتش المؤدي إلى بحر آزوف من البحر الأسود، والذي تستخدمه أوكرانيا وروسيا.

وقالت أوكرانيا إن سفينة تابعة لحرس الحدود الروسي صدمت سفينة جر أوكرانية، وبعد ذلك أطلقت النار على السفن وشلت حركتها، وأضافت أن مضيق كيرتش أغلق بناقلة نفط وأن طائرات الجيش الروسي كانت تحلق فوق البحر.

وأكد جهاز "إف إس بي" الأمني الروسي المشرف على قوات الحدود، أن النيران أطلقت وأن السفن احتجزت، متهما السفن الأوكرانية بـ"انتهاك الحدود الروسية".

وقالت أوكرانيا إن ستة من بحارتها أصيبوا، وإن إصابة اثنين منهما خطيرة.. بينما قال جهاز "إف إس بي" إن ثلاثة فقط أصيبوا بجروح غير خطيرة وتلقوا علاجًا طبيًا.

وتعتبر هذه المواجهة تطورا خطيرا في النزاع الطويل بين اوكرانيا وروسيا، والمتمردين المدعومين من موسكو في شرق اوكرانيا.. وقتل أكثر من 10 آلاف شخص في القتال.

وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا بسبب النزاع، والاثنين، سارعت العديد من العواصم الأوروبية إلى دعم كييف.

وكتب رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، على تويتر: "أدين استخدام روسيا القوة في بحر آزوف"، مضيفًا أن "السلطات الروسية يجب أن تعيد البحارة والسفن الأوكرانية والامتناع عن أي استفزاز جديد".

وعبّر سفراء فرنسا وبريطانيا والسويد وبولندا وهولندا، الذين يقومون بجولة في الصين، في بيان مشترك عن "مخاوفهم من تصاعد التوتر الأخير في بحر آزوف ومضيق كيرتش"، وحثوا روسيا على إطلاق سراح البحّارة الأوكرانيين المعتقلين وإعادة السفن المحتجزة.

وأكّدت فرنسا، الاثنين، أنّها لا ترى "مبررًا ظاهرًا في استخدام روسيا القوة" ضد السفن الأوكرانية.
وقال متحدث باسم الخارجية الفرنسية، في بيان: "ندعو روسيا لإطلاق سراح البحارة الأوكرانيين الموقوفين وإعادة السفن المحتجزة".

وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية: "نحن ندين العمل العدائي الروسي باحتجاز ثلاث سفن أوكرانية وطواقمها"، مضيفا أن "الحادث يوفر مزيدا من الأدلة على سلوك روسيا المزعزع لاستقرار المنطقة".
واتهم وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت روسيا بانتهاك القانون الدولي.

وقال: "مرة أخرى نرى الازدراء الروسي للأعراف الدولية والسيادة الاوكرانية.. يجب على روسيا الافراج عن السفن والبحارة المحتجزين وضمان حرية العبور في مضيق كيرتش".

وتتصاعد التوترات منذ فترة حول مضيق كيرتش، حيث بنت روسيا جسرًا جديدًا يربط برا بينها وبين منطقة القرم التي ضمتها روسيا في 2014.

واتهمت كييف موسكو بمنع دخول السفن الأوكرانية عبر مضيق كيرتش، الذي يعتبر الطريق الوحيد للدخول والخروج من بحر آزوف إلى البحر الأسود.

وفي الأشهر الأخيرة نشر الجانبان مزيدا من السفن الحربية، وسفن خفر السواحل في المنطقة.

وذكرت مجموعة يوراسيا للأبحاث أن "الحادث يشير إلى تصعيد كبير للنزاع بين روسيا وأوكرانيا".

وأضافت: "ستقف الحكومات الغربية إلى جانب أوكرانيا في مواجهة روسيا في هذا الحادث.. مما يرجح فرضها عقوبات جديدة على موسكو".

وعقد بوروشينكو اجتماعا، في وقت متأخر من الليل، لحكومته العسكرية، واقترح فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا "لضمان أمن وسلامة المواطنين".

وقالت مجموعة يوراسيا إن فرض الأحكام العرفية يمكن أن يخلف تبعات واسعة داخليا، خاصة لأنه من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في مارس، وأن بوروشينكو متراجع في استطلاعات الرأي.

وذكرت المجموعة أن "بوروشينكو لم يتخذ مثل هذا العمل خلال أسوأ فترات النزاع في 2014 و2015.. ويثير هذا المخاوف من أنه قد يؤدي إلى تأجيل انتخابات الرئاسة.

وتجمع المحتجون في العديد من المدن الأوكرانية للتنديد بروسيا، وتوجه مئات من النشطاء اليمينيين المتطرفين إلى البرلمان في كييف، واشعلوا المفرقعات.