رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الحاوي".. وليد سليمان يتحدث عن أحزان الملاعب والتجارة مع الله

جريدة الدستور

- دخلت المستشفى بسبب منعى من الانتقال إلى الأهلى ووقعت لـ«إنبى» وأنا على «نقالة»
- أزور «أبوالريش» عقب البطولات وأقرأ فى الإعجاز العلمى للقرآن


عندما خسر الأهلى لقب دورى أبطال إفريقيا أمام الترجى التونسى، قبل نحو أسبوعين، حزن الجمهور مرتين، الأولى لخسارة اللقب الغائب الذى يواصل تمرده على بطل القرن منذ ٢٠١٣، والثانية حزنًا على لاعب كان وحده سر وصول الفريق لهذه المرحلة، رغم ما واجهه «الأحمر» من كوارث فنية وإدارية طوال الموسم.

إنه وليد سليمان، «الحاوى» الذى حمل الأهلى على كتفيه، وتحمل وحده غياب عبدالله السعيد ومؤمن زكريا، رفيقى الأمس، عن سفينة هجوم الأحمر، وبذل جهودًا غير عادية لمسها الجمهور وانتظر معه أن يتوج كل ذلك بهذه البطولة، لكن الأمنيات أبت أن تتحقق.

«الدستور» تحدثت مع «سليمان» حول أهم اللحظات فى رحلته مع عالم كرة القدم، وطبيعة علاقته المتميزة بالنادى الأهلى، ومعاناته مع الجهاز الفنى للمنتخب الذى دفعه لاعتزال اللعب الدولى بعد استمرار استبعاده رغم تألقه، بالإضافة إلى كيفية قضائه أوقات حياته خارج الملعب.

«أنا مشجع أهلاوى قبل أن أكون لاعبا فى صفوفه».. بهذه الكلمات يكشف وليد سليمان عن سر ارتباطه بـ«القلعة الحمراء»، الذى دفعه لرفض العديد من الإغراءات للانتقال إلى غيره، أثناء لعبه فى بتروجت، وعلى رأسها من غريمه التقليدى الزمالك، بجانب إنبى.
عن أحلامه فى هذه المرحلة يقول: «عانيت كثيرًا فى صغرى، وكانت محطة بتروجت هى الفاصلة فى حياتى عندما فاوضنى الأهلى، ساعتها تأكدت أن الحياة ستبتسم لى أخيرًا، ولم أتمالك نفسى من السعادة». الفرحة لم تستمر طويلا، واصطدمت بعقبة كبيرة بعد صدور قرار من المهندس سامح فهمى، وزير البترول آنذاك، يصر على ضمى لنادٍ بترولى آخر هو إنبى. يحكى عن ذلك: «كانت هذه أصعب لحظات حياتى التى أتمنى ألا تتكرر مرارتها، فحينها امتنعت عن تناول الطعام وأضربت عن كل شىء حتى عن الضحك والابتسام، بل أضربت عن الحياة عمومًا». ويواصل متذكرا تلك اللحظات الأليمة: «لا أنسى انتقالى إلى المستشفى وتعرضى لحالة انهيار شديدة استدعت أن يضعنى الأطباء تحت الملاحظة لمدة ٤٨ ساعة، وبعدها شخصوا حالتى بأنها انهيار عصبى حاد أدى إلى إغماء».
وفى حالته السيئة كان الأهلى أيضا رفيقا له فى مرضه ليخفف عنه آلامه. يروى: «أثناء وجودى بالمستشفى كان معى الكابتن خالد بيبو، نجم الأهلى السابق، لكنى فوجئت بشخصين طلبا حملى على نقالة للذهاب إلى وزير البترول من أجل التوقيع لإنبى، ووعدانى- بالاتفاق مع الكابتن علاء عبدالصادق- بأنهم سيسمحون لى بالانتقال للأهلى حال تحقيق بطولة مع إنبى». فى أول ظهور له بقميص إنبى، شاء القدر أن تكون مباراته الأولى أمام الأهلى، لكن المفاجأة كانت حين هتف له جمهور «الأحمر» فى المدرجات تقديرا لحبه للنادى، ما أدخله فى حالة بكاء شديدة داخل الملعب. يقول عن هذه اللحظة: «انهمرت فى البكاء بطريقة لم أعتد عليها، وشعرت بأن الحياة أصبحت قاسية، خاصة أن شروط انضمامى للأهلى تعجيزية، ولم يتعرض لها أى لاعب من قبل، فكيف يطلب بعضهم منى تحقيق بطولة مع فريق غير الأهلى والزمالك؟».
ورغم تميزه وتألقه بالقميص الأحمر، ظل الوجع والمرارة ملازمين لوليد سليمان، وإن اختلفت أسبابهما هذه المرة، إذ أصبحتا تتعلقان بالمنتخب الوطنى الأول، الذى لازمه سوء حظ معه، وتكرر استبعاده من صفوفه لمدة طويلة وفى عهد أكثر من جهاز فنى دون أسباب مفهومة.
عن حكايته مع المنتخب يقول: «كانت أكثرها مرارة عندما اعتزلت اللعب دوليا خلال رحلة العودة من تونس بعد لقاء الترجى، وكنت وقتها على متن الطائرة تمنيت أن يكون اسمى ضمن القائمة التى ستدخل معسكر المنتخب استعدادا لمباراة تونس، ليكون ذلك خير تعويض لى عن خسارة اللقب الإفريقى». قرار استبعاده من القائمة دفعه لحالة من الحزن والإحباط: «لم أعد أفهم لماذا تزداد الأمور تعقيدا، ألم أبذل المطلوب منى؟، فلماذا لا يقدر أحد عطائى؟، ثم اكتشفت بعدها أن ابنتى سلمى تعرضت أثناء رحلتى إلى كسر فى ذراعها وأخفوا الأمر عنى، ما ضاعف الحزن بعد خسارة المباراة».
«لا أنكر أنه كان قرارا انفعاليًا، لكنه عبر عن غضبى الشديد».. بهذه الكلمات يصارح «الحاوى» جمهوره بعد قراره المفاجئ الذى اتخذه - كما يقول- بعد استشارة مقربين منه من خارج الوسط الرياضى ولرفع الحرج عن الجميع دون إثارة أى مشكلات.
وبعيدًا عن الملعب وأحزانه، يتحدث وليد سليمان عن أكثر الأشياء التى تسبب له الفرحة، فيقول: «دائما وأبدًا أجد سعادتى فى البحث عن الحالات الإنسانية فى مواقع التواصل الاجتماعى، وأحاول دوما أن أساعد من يحتاج المساعدة».
يتذكر: «متابعتى تلك جعلتنى لا أنسى النظرة على وجه مريم الأولى على الثانوية العامة - التى تعرضت لبعض السخرية بسبب مهنة والدها الذى يعمل حارس عقار- حين توجهت لمنزلها وزرتها بعيدًا عن الأنظار».
ويتابع: «رأيت نظرة السعادة على وجهها وعلى وجوه أفراد أسرتها، عندما باركت لها على النجاح وقدمت لها هدية خاصة لأؤكد بذلك أنها مثال رائع يجب على المجتمع أن ينحنى أمامه وأن يشعر بالفخر والعزة لأنه يخرج أمثالها».
ويحرص «وليد» على بعض الطقوس عقب كل بطولة يحرزها مع الأهلى، أولها زيارة مستشفى أبوالريش للأطفال، وقضاء يوم كامل معهم، حتى إنه أصبح مرتبطا بعلاقة جيدة مع الأطفال والأطباء والممرضين فى المستشفى. طقوسه تلك جعلته ينجح فى إقناع زملائه بتنظيم حملة تبرعات عقب كل بطولة وتوجيه عوائدها إلى المستشفى لمساعدة الأطفال المرضى وشراء بعض الأجهزة والأدوية اللازمة.
فى أوقات فراغه وطوال رحلات سفره مع الأهلى، يحرص «الحاوى» على قراءة الكتب الدينية، خاصة تفسير الشعراوى وكتب الإعجاز العلمى فى القرآن، ونشر بعض مقالاتها على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، حتى إنه تقريبا لا ينشر غيرها.
المسلسلات الصعيدية، كما يؤكد، هوايته المفضلة، لذا يحرص على مشاهدة مسلسلى «ذئاب الجبل» و«نسر الصعيد» وأى عمل فنى له صلة بالصعيد، مفضلا إياها على أى شىء آخر.
وعن علاقته بابنيه يقول: «أقضى معظم أوقاتى مع ابنىّ سليم وسلمى، وأتمنى أن يكون سليم امتدادًا لى فى الملاعب، لأنى اخترت اسمه نظرًا لحبى واحترامى لرمز الأهلى الراحل صالح سليم، لكن الوقت لا يزال مبكرًا على اكتشاف موهبته الرياضية».