رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لعبة "أبو فيران".. مظاهر غريبة لاحتفال المصريين بالموالد

جريدة الدستور

يحتفل المصريون هذه الأيام بمولد النبي محمد، عن طريق إحياء الليالي الصوفية من خلال مجالس الذكر وغيرها.

في معظم بلدان مصر، يحتفل المصريون بمولد لصاحب مقام، ففي سوهاج يحتفلون بـ"الشيخ العارف بالله"، وفي طنطا بالـ"السيد البدوي" وفي قنا بالـ"عبد الرحيم القنائي"، ولهذا الإحتفالات طقوس معينة وخاصة، تتشابه معظم هذه البلدان في معظمها.

فمن الطرق التي لجأ إليها المصريين في احتفالهم بالموالد، أن الحلاقين يختنون أطفال الأحياء الفقيرة مجانًا، أو بأجور قليلة للغاية لا تتجاوز قروش قليلة، فيعلق"الحلاق" لافتة كبيرة كتب عليها"الطهارة للفقراء مجانًا" موضحًا ذلك بصورة وهو يختن أحد الأطفال.

ويزين" الحلاق" أدواته بالمصابيح الكهربائية الملونة والأعلام لجذب الناس إليهم، ويجهز كلًا منهم لنفسه صندوقًا يؤهله للتنقل من مولدلآخر، ومن بلدة لأخرى، كي لا يفوته أي احتفالية.

كما كان بعض المشايخ يقفون على الطريق، يحثون الناس على التقوى والورع، وكما ذكر البمباشي "ماكفرسون" في كتابه "الموالد" أنه شاهد ذات مرة شيخًا اعمى يدعى"الحاج حسين" له مقدرة خطابية فائقة وقدرة عظيمة على اجتذاب الناس إليه، كما شاهد السلطان الحنفي يخطب الناس والمطر ينصب من فوقهم انصبابًا، والرجل لا يتوقف عن الخطابة والناس منصتون إليه أيضًا.

وحكى"ماكفرسون" أن المسارح والتياترات، كانت تكثر في الموالد وبعض هذه المسارح أطلق عليها اسم "مسرح" من باب التجوز فقط لأن حجمها صغيرًا، كمسارح الأراجوز وخيال الظل التي لم يزد أجر الدخول فيها على 2مليم، يجلس المتفرجون في (الصالة) على مقاعد خشبية ليشاهدوا العرض ويستمعوا للموسيقى، وكانت هناك مسارح أكبر من هذه يُعرض فيها قدر من التمثيل والرقص، وخارج هذه المسارح منصتان على جانبي باب الدخول، تحتل إحداهما فرقة موسيقى نحاسية، أما المنصة الاخرى فيخرج اليها من وقت لآخر، بعض الممثلين والراقصات ليعرضوا على الجمهور في الخارج شيئًا من بضاعتهم الفنية.

أما الخيام الصغيرة فكانت لألعاب القوى، ولم يخلو منها اى مولد، ومن أشهر الذين يعرضون هذه الألعاب عملاق ضخم الجثة اسمه (الأستاذ شوال)، له جوقة تضم بين أفرادها قزمًا صغير الجسم كريه المنظر يتمتع بقوة جسدية كبيرة، تمكنه من رفع رجلًا يكبره بثلاثة أضعاف حجمه.

وكانت لعبة "أبو فيران" صاحبة شعبية كبيرة عند المصريين في الموالد، يستخدمونها عن طريق منضدة صغيرة مستديرة مثبت على حافتها منازل صغيرة لكل منها فتحة أو باب تكفى لمرور الفأر، ولكل بيت رقم خاص، ويتراهن المتراهنون على أي البيوت سوف يدخلها الفأر، ويضع كل منهم نقوده على البيت الذي يختاره، ثم يخرج"أبو فيران" فأره الأبيض الصغير من جيبه ويطلقه يرتع ويجري على المنضدة حسبما شاء، فالبيت الذي يدخله الفأر يربح صاحبه الرهان، وشاهد "ماكفرسون" صبيًا بارعا كان يكسب الرهان دائمًا دون أن يفقد نقوده، فراقبه في سرية حتى عرفه أنه يخفي قطعة من الجبن في البيت الذي يختاره، وكانت رائحة الجبن تجذب الفأر إليها.