رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"لعنة التشخيص".. كُتاب دفعوا ثمن تجسيد شخصيات واقعية فى رواياتهم

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

"الكاتب ابن بيئته" حقيقة راسخة تسببت فى الكثير من المتاعب لعدد كبير من المبدعين، عندما حاولوا تجسيدها بعرض بعض الشخصيات الحقيقية فى رواياتهم.
"المازنى"، "الدكتور محمد حسنين هيكل"، و"نجيب محفوظ" كانوا الأبرز فى قائمة الكتاب الذين تناولوا أشخاص من بيئاتهم وباسمائهم الحقيقية، مما أدخل العديد منهم فى أزمات، وصلت إلى محاولة الانتقام من جانب من كتب عنهم.



صاحب نوبل والمعلم كرشة
بعد أن عرض فيلم زقاق المدق غضب الحاج علي، صاحب مقهى زقاق المدق من نجيب محفوظ، بسبب الدور الذي جسده الفنان "محمد رضا"، الذي شخص فيه نجيب "صاحب المقهى" كعميل للإنجليز، وتاجر مخدرات.
وبعد عرض الفيلم بأيام، أتى محفوظ إلى المقهى كعادته، فحدثت مشادة عنيفة بينه وبين "الحاج على"، لغضبه من الدور الذى نسبه إليه، وحاول محفوظ الدفاع عن نفسه، معللاً أنه لم يكن يكتب رواية عن شخصية صاحب القهوة، وأن الكاتب من حقه توظيف الأدوار كما يرسم خياله، إلا أن صاحب المقهى لم يقتنع، لينصرف محفوظ غاضبا، ولم يدخل المقهى من يومها.
إدريس علي وروايته "دنقلة"
لم يكن يدور فى خلد "إدريس علي" أن تتسبب روايته "دنقلة"، فى إحداث قطيعة بينه وبين أهل قريته، بسبب الكثير من الحقائق التى تضمنتها عنهم، بل إن احدهم ناصبه العداء، بعد أن أورده "علي" بطريقة ضايقته.
الرواية الشهيرة تدور حول النوبى عوض شلالى الذى ناضل لسنوات مع المصريين من أجل الحرية ورفع الظلم، ليقضي عشرة أعوام فى عذاب السجون المصرية، إلا أنه تمكن من الهرب إلى السودان، محاولا إعادة مجد مملكة "كوش" النوبية وعاصمتها المتألقة “دنقلا”، ولكنه واجه توجس النوبيين أنفسهم من مشروعه، مما أضطره للسفر إلى أوروبا تسع سنوات عاش خلالها قصة حب مع امرأة فرنسية، لكن تجبره تقاليد عائلته على تركها والزواج من حليمة، التى كانت تهتم بأمه الفقيرة الكفيفة، فيقرر عوض أن يسافر مجددًا إلى غير عودة، تاركا حليمة وحيدة، فتتمرد على مجتمع تقاليده لا ترحم.
ثورة "الكرنك" على يحيي الطاهر عبدالله
واجه يحيي الطاهر عبدالله ثورة عظيمة من أبناء بلدته "الكرنك" بعد صدور روايته "الطوق والإسورة"، التي تحولت بعد ذلك لفيلم بنفس الاسم.
ويقول جمال الطاهر عبدالله شقيق الروائي الراحل، إن "الطوق والأسورة" قصة حقيقية، لكن يحيي لم يحضر أحداثها، مؤكدا أن الرواية تضمنت أسماء من العائلة مثل "منصور الصادق"، و"تمساح طه" أبناء عمومته، بجانب «العارف بالله الشيخ موسى".
وأضاف جمال، أن بعض هؤلاء جاءوا إلى منزلهم يشكون وضع أسمائهم فى متن الرواية، لكن يحيى قال لهم "إن ورود أسمائهم لا يعنى أنهم أدوا ما فعلته هذه الأسماء فى أرض الواقع".
وأكد جمال، أن شقيقه كان يأخذ معظم قصصه من حكايات أبناء الكرنك: "فى إجازاته التى يأتى فيها إلى الكرنك.. كان يتعمد الجلوس مع الناس، وكان متواضعا جدا يجلس معهم على الأرض ويقول لهم احكوا، وكانوا يقصون عليه الحكايات فيعيد ترتيبها، ويضيف لها بعض الخيال ليصنع قصصا عظيمة، كما كان يحفظ الحكاية تماما، مثلما يحدث فى قصصه التى يحفظها بمجرد كتابتها".
مأساة خالد اسماعيل مع حريم بلده
أما الروائي خالد اسماعيل فكشف أن مجموعته القصصية "درب النصارى" مكان حقيقى فى قريته بكوم العرب، واختاره عنوانا للمجموعة، واستخدم اسماء حقيقية، ولكن فى مشاهد قصصية لا تخصهم.
ويقول إسماعيل، "ما حدث أن نسخة من المجموعة وقعت فى يد طالبة جامعية ورد اسم امها ـ رسمية ـ فى إحدى القصص، فاعتبرت الأمر تشهيرا بوالدتها، والتفت عدد من اصحاب دبلومات الصنايع للكتاب ـ كان ثمنه نصف جنيه ـ، واجتمع هؤلاء وقرأوا الكتاب، وركبوا الأحداث على أشخاص من القرية ذاتها.
ويضيف إسماعيل، "غضب الأهل والجيران، وتوافدت نساء المنطقة على بيتنا لعتاب أمى، التى دافعت عنى باسماتة، مستخدمة عبارة واحدة "كله حاصل.. ولدى ما جابش من عنده".
وتابع : قاطعنى الكثير من أهل القرية، خاصة بعد أن اخترع البعض عناوين لقصص غيرموجودة بالمجموعة اصلا، فأجد أحد الأشخاص يقول لى أنت فضحت فلانة، وآخر يقول لى عيب اللى عملته فى حريم بلدك.
ويضحك إسماعيل مؤكدا أن الأمر انتهى بصورة طريفة، بعد أن فسخ خطوبته على إحدى بنات القرية، وكانت الدنيا والعة بسبب الكتاب، وحين سألوها عن السبب قالت "عشان هوه كاتب عن حريم بلدى فى كتاب وده ما يرضينيش"، فيما كانت ترد أمها بقولها "ده واحد بيكتب في جرانين وكتابات فيها مسخرة احنا ما نجوزهوش بنتنا".