رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيمن بهجت قمر..الشاعر الذي أصبح سيناريست بالصدفة

أيمن بهجت قمر
أيمن بهجت قمر

نجحت بعض الأعمال الدرامية بفضل أغنية البداية أو النهاية، وهو ما كان جليًا في الماضي، فالجمهور يردد حتى وقتنا الحالي كلمات أغنية مسلسل "ليالي الحلمية، الليل وآخره، رحلة السيد أبو العلا البشري، المال والبنون" وغيرهم.

ورغم النجاح المستمر لهذه الأغاني يُسقط الجمهور من ذهنه بدون قصد صاحب الكلمات، وقد لا يكلف نفسه عناء السؤال: من صاحب هذه الكلمات؟ فهو يكتفي فقط بالصوت الذي يرددها، وقد يظن البعض أن المطرب صاحب "الليلة كلها".

أحيانًا يكتفي الشاعر الغنائي بنجاح الأغنية وسماعها تترد على ألسنة الجمهور في الشارع المصري، دون أن ينشغل بتقديم نفسه في الواجهة، ورغم التقدم التكنولجي الذي أتاح للجميع تقديم أنفسهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الإشكالية ما زالت تقف عائقًا أمام الكثير منهم إلا أن "أيمن بهجت قمر" الذي بدأ مع مطربي الوهم في التسعينيات، حصل على قدر كبير من الشهرة خاصة في الأوساط الشبابية.

شكل جديد
شكل جديد اتجهت له الموسيقى في الوقت الذي شهد بدايات دخول أيمن بهجت قمر سوق الأغنية المصرية، كان حميد الشاعري يغير شكل الأغنية المصرية، ويواجه تهمة هدم تراث الموسيقى العربية، وتقديم أصوات غير صالحة للغناء، ولم يكن الاعتماد على الكلمة بشكل أساسي.
بدأ أيمن بهجت قمر يقلد المطروح في الأسواق، فكتب الأغنيات الحزينة وحاول نيل رضاء الطبقة المثقفة ببعض الأغنيات، وهو ما أصابه بالتشويش، إلى أن التقى بعبد الوهاب محمد الذي أثار انتباهه إلى فكرة فرض شخصيته على الفن.
تكونت شخصية "قمر" الفنية منذ صغره، بفضل نشأته في منزل والده "بهجت قمر" الذي وفر له مسرح للعرائس بالمنزل في صغره، فضلًا عن احتكاكه بأصدقاء والده من الشعراء والمسرحيين والملحنين أمثال سيد حجاب وعبد الرحيم منصور، وبليغ حمدي وعادل إمام وسعاد حسني وغيرهم، فضلًا عن تواجده داخل كواليس مسرح الفنانين المتحدين الذي تمت من خلاله جميع مسرحيات فؤاد المهندس وشويكار.

أغاني هابطة
بدأ أيمن بهجت قمر كتابة الشعر متأثرًا بوفاة والده في عمر الـ15عامًا، بعدما استضافته إحدى القنوات في الذكرى الأولى لوفاته للحديث عن والده، فألقى فيها شعرًا مما كتبه، ليستوقفه الناس بعدها في الشارع وينادونه "مش أنت ابن بهجت قمر" وأشادوا بما سمعوه "أنت بتكتب شعر حلو أوي"، فافتحر بوالده وكونه صاحب موهبة.
في هذه المرحلة كتب العديد من الأغنية لمطربي"الوهم" لكن معظمها لم يصل للجمهور، لعدم توفر التمويل لألبومات هؤلاء المطربين، فيأخذون منه الأغاني ولا يجدون من ينتجها لهم، ويصرفون النظر بعد ذلك، ووسط هذه الأجواء وقع في فخ الأغان الهابطة والإعلانات إلى أن تعرف على الملحن حسن دنيا، الذي ساعده في أن يضع أحد قدميه على الطريق، بأغنية "شاغلني" للمطرب فارس "سوسنة" عام 1993، وكتب أغنية "ياغصن" لوائل أبو السعود مقابل 100 جنيه وحصل وقتها على 80 فقط، ولم تصدر الأغنية، وتعرف بعدها على طارق مدكور وبفضله تعرف على إيهاب توفيق، هشام عباس، عامر منيب، محمد فؤاد، ومصطفى قمر.

نجاح محدود
شارك أيمن بهجت قمر في ألبومات بعض المطربين بأغنيات كان نجاحها محدودًا، مثل "أبو ضحكة حكاية" إيهاب توفيق، وتحسنت الأمور رويدًا بعد مشاركته في ألبوم هشام عباس "جوه عيوني"، وبعد ذلك "البحر" لمصطفى قمر، و"دمعتين" لمحمد فؤاد، إلى أن جاءت أغنية "ناري نارين" لهشام عباس، لتشكل بداية الحقيقية كشاعر معروف.

تترات الملسلسلات
رغم أن الجمهور المصري لا يهتم بمن وراء كلمات الأغنية، لكنه يعرف بعض أسماء الشعراء الذين شكلوا وعيه من خلال بعض القصائد التي تساعدها المناسبات التي تكتب بشأنها على التواجد في الشارع المصري، بالإضافة إلى الذكاء الاجتماعي لبعض هؤلاء الشعراء وحرصهم على التواجد بين الناس في الشارع، كعبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب وفؤاد نجم.
كان لسيد حجاب الفضل في أن يلفت انتباه أيمن بهجت قمر تجاه كتابة تيترات المسلسلات، ليكون من أول شعراء جيله الذين يهتموا بكتابة الأغاني للأعمال الدرامية، رغم أنها لم تكن مربحة ماديًا، ولا تحصل على نفس القدر من الشهرة الذي تحصل عليه الأغنية عندما تُطرح عبر ألبومات الكاسيت.
يقرأ "أيمن" سيناريو المسلسل كأي مشاهد ثم يكتب كلمات التتر، وقد يكون السيناريو مقدمة لأغنية ناجحة، وهو ما حدث في أغنية مسلسل "حمادة عزو" قصة يوسف معاطي، التي حظيت بنجاح كبير لدى الجمهور.

مرحلة أبو الليف
التسعينيات كانت بداية "نادر أبو الليف" ولظروفه المادية السيئة، توقف عن الغناء، لكن صداقته بأيمن بهجت قمر، أعادته للحياة مرة أخرى، من خلال ألبوم "كينج كونج" الذي حظى بانتشار واسع، من خلال الجدل الكبير أحيانا بالقبول من جانب والرفض من جانب آخرين، وهو ما عاد بالنفع على "أبو الليف" في النهاية وحقق مبيعات هائلة وقتها.
انهالت الاتهامات وقتها على أيمن بهجت قمر، لكنه صرح بأن صوت "أبو الليف" شعبي حقيقي أشبه بمحمد رشدي، لذا كتب له تسع أغاني ضمن أغنيات الألبوم، ليتحدث عن الظروف الاجتماعية للمواطن المصري، من عدم قدرته على الحصول على فرصة عمل إلى متاعب الحياة ولقمة العيش وغيرها.

شباك التذاكر
كتب أيمن بهجت قمر للمسرح في صغره، ولم يكتب الشعر، لم يكن يعرف أنه سيكون شاعرًا، كان شغفه فقط ناحية الكتابة للمسرح والسينما وليس تأليف الأغاني، وخوفًا من اتهامه بتقليد والده كتب الأغاني في البداية، قبل أن يكتب أول سيناريو لأفلامه"بحب وأنا كمان" عام 2003، ولم يحظى بنجاح كبير.
وتعاون بعدها عام 2006 مع الفنان محمد هنيدي في تجربة مرضية نالت بقدر جيد من رضاء الجمهور، وكتب له سيناريو فيلم "عندليب الدقي"، الذي حاول من خلال توصيف حالة مصر بصفة عامة، من تدهور الحالة الرومانسية في الشارع المصري، وانحطاط الأغاني المصرية، من خلال قصة "فوزي" الذي لم يكن يعرف إمكانياته الحقيقية ويحاول طوال الوقت أن يكون مطربًا، ويعاند من حوله ويعارض وجهة نظرهم بان صوته سيئًا، وتعاون مع الفنان أحمد حلمي في تجربة جيدة ومختلفه في فيلم "آسف على الإزعاج"، وكتب "ابن قنصل" 2010، وعاد مرة أخرى للفنان أحمد حلمي من خلال فيلم "إكس لارج"، ثم خذل الجمهور خيب آمال أحمد مكي في استعادة مكانته في تقديم الأفلام الكوميدية، وقدما فيلم "سمير أبو النيل" الذي خرج مخيبًا للآمال، وتجربة أخرى مشابهة "مخيبة للآمال" مع الفنان محمد رمضان في فيلم "آخر ديك في مصر" الذي حاول من خلاله "رمضان" أن يبتعد عن تقديم شخصية البلطجي الشعبي.
وخذل "قمر" الجمهور أيضًا في فيلم "عنتر ابن شداد"، وكان الأقل من بين أفلام "هنيدي" التي تخطت إيراداتها حاجز الـ20 مليون جنيه، فالفيلم حقق إيرادات مخيبة جدًا للأمال في شباك تذاكر السينما المصرية، وحقق فقط إيرادات مرضية في دول الخليج نظرًا لشعبية الفنان"محمد هنيدي"، إضافة إلى الانتقادات اللاذعة التي واجهها من الجمهور والنقاد الذين اعتبره الجزء الأضعف على الإطلاق.