رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مكان.. هنا قبر أميرة المحسنين الغاضبة على أبهة الملكية

جريدة الدستور

عندما تمر بين أحواش مقابر المجاورين لابد أن يلفت انتباهك هذا الحوش الفخم، ذو الزخارف الذهبية والنقوش، مكتوب عليه "قبة أفندينا" هنا دُفنت أجساد حكمت مصر عشرات السنين، وكما عاشوا في حياتهم في قصور فاخرة كان يجب أن توضع أجسادهم في مكان فاخر بعد موتهم.

لذلك أمرت " أميرة إلهامي" زوجة الخديوي توفيق ووالدة الخديوي عباس ببناء قبة فخمة في صحراء المماليك وتُعرف بمقابر المجاورين، وتم تشييدها بطراز معماري رفيع يجعلك تنسى عندما تدخلها بأنها مقبرة، وبأن المكان مخيف ويرمز للموت وانتهاء الحياة.

جميع الجثامين هنا دُفنت تحت قباب منقوش عليها بكتابة ذهبية فخمة ورخام غالي الثمن، وأضرحة تليق بمكانة ملوك، لكن الملفت للانتباه وجود قبرين خارج حدود كل هذه الفخامة و"الأبهة" في مكان عادي وتم دفن الجثامين بطريقة اللحد الشرعية بون شواهد أو نقوش أو مقام، وهم لحدين لأميرتين الفرق مابين تاريخ وفاتهن أكثر من ثلاثون عام.

القبر الأول لأميرة تُدعى "خديجة عباس حلمي"المتوفية عام 1951م، وبالبحث في سيرتها تجد أنها كانت مختلفة تمامًا عن جميع أفراد أسرتها، فكانت تتمتع بشعبية كبيرة بسبب حبها للخير وبأنها كانت دائمًا مهتمة بالفقراء ولم تعش حياة الأميرات أو تتكبر على الآخرين من أبناء عامة الشعب، مما كان يثير سخط أفراد عائلتها، اعتراضًا منهم على نمط حياتها غير المتوافق مع نمط حياة أبناء العائلة العلوية المالكة.

وكانت تُعرف بأميرة المحسنين واشتهرت بهذا اللقب، حيث إن حياتها كانت سلسله متصلة من الأعمال الخيرية والعطف على الفقراء، وانها كانت تعتني بالكثير من المساجد، وتلتزم بتعاليم الإسلام في كل شئ في حياتها، حتي أنها في أخر سنوات من حياتها أنشأت مبرة فاروق الأول للسيدات المؤمنات بمصر الجديدة وتولت رئاستها الشرفية وانت تتبرع في كل رأس سنه هجرية بأموال كثيرة لشراء ملابس توزع للفقراء خاصة فقراء حلوان حيث كانت تسكن.

والقبر المجاور لها هو لحفيدتها الأميرة "مهرى شاة" التي توفت بعدها بثلاثون عام لكنها دُفنت بجوار جدتها، رغبًة منها بأن تُدفن على الطريقة الإسلامية كما فعلت الأميرة خديجة، والتي عاشت على خطاها في الخير والبساطة، ولم يتكرر أن دُفن أحد من العائلة المالكة خارج الشواهد والقبب بعدهم.