رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جهود السلام في اليمن تتلقى زخمًا من أطراف النزاع

جريدة الدستور

تلقّت جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى عقد مفاوضات سلام يمنية خلال الأسابيع المقبلة زخمًا من أطراف النزاع الذين أبدوا تأييدهم إعادة إطلاق العملية السياسية في بلد تدمّره حرب دامية منذ أكثر من أربع سنوات.

وفي هذه الأثناء وزعت بريطانيا مسودة مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو لإعلان هدنة فورية في ميناء الحديدة ويحدد مهلة من أسبوعين لإيصال المساعدات الإنسانية.

ففي صنعاء، طالب محمد علي الحوثي القيادي البارز في صفوف الحوثيين قيادة التمرد، "التوجيه بوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على دول العدوان لإسقاط أي مبرر لاستمرارهم في العدوان أو الحصار".

ودعا أيضا المسؤول الذي يتولى رئاسة "اللجنة الثورية العليا" في بيان نشره على تويتر قيادة التمرد إلى تأكيد استعدادها "لتجميد وإيقاف العمليات العسكرية في كل الجبهات وصولًا إلى سلام عادل ومشرّف".

ومنذ تدخلها في النزاع اليمني على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعما لقوات الحكومة، يطلق المتمردون بشكل متواصل صواريخ بالستية ضد السعودية ويعلنون عن شن هجمات بطائرات من دون طيار ضد أهداف فيها.

وتعكس دعوة القيادي البارز رغبة لدى الحوثيين لتهدئة الأوضاع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية قبيل زيارة لمبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث إلى صنعاء هذا الأسبوع، رغم أن قرار السلم والحرب يبقى في يد زعيم التمرد عبد الملك الحوثي.

وفي عدن، أعلنت الحكومة المعترف بها بشكل رسمي مشاركتها في محادثات السلام المقترحة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة "سبأ" إن الحكومة أكدّت في رسالة وجهتها إلى مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث أنها سترسل وفدا لتمثيلها في المفاوضات التي لم يحدد لها أي تاريخ بعد.

ودعت الحكومة في رسالتها الأمم المتحدة إلى "الضغط على المليشيات الحوثية للتجاوب مع الجهود الأممية والحضور الى المشاورات دون قيد أو شرط"، وطالبت كذلك باتخاذ "موقف حازم من أي تعطيل قد تقوم به المليشيات لتأخير أوعدم حضور المشاورات في موعدها المحدد".

ووزعت بريطانيا على عضاء مجلس الأمن الدولي مسودة قرار حول النزاع في اليمن تدعو إلى هدنة فورية في مدينة الحديدة وتحدد مهلة أسبوعين للمتحاربين لإيصال المساعدات إلى البلد الفقير الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ولم يتم بعد تحديد موعد للتصويت على المشروع.

وأجرى وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، محادثات في طهران، الإثنين، تناولت الحرب اليمنية وقال للصحافيين "نحن حريصون جدا على المضي قدما نحو السلام في اليمن، هذا أولوية لنا".

ويسعى جريفيث إلى عقد محادثات السلام الجديدة في السويد خلال الأسابيع المقبلة، قبل نهاية العام، بدعم من دول كبرى في مقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

وجدّد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى تأييد المملكة للحل السياسي في هذا البلد.

وقال "وقوفنا إلى جانب اليمن لم يكن خيارًا بل واجبًا اقتضته نصرة الشعب اليمني بالتصدي لعدوان ميليشيات انقلابية مدعومة من إيران، ونؤكد دعمنا للوصول إلى حل سياسي".

بدوره، أكّد المتحدث باسم التحالف العسكري العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن التحالف يدعم جهود غريفيث "لإيجاد تسوية سياسية وحل في اليمن".

وكان جريفيث أعلن أمام مجلس الأمن الدولي الجمعة أنّ الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، أظهروا "التزاما متجددا" بالعمل على حل سياسي وقدّموا "ضمانات مؤكدة" بأنهم سيشاركون في المحادثات.

وفشلت جهود عقد جولة محادثات سبتمبر الماضي في جنيف بسبب عدم حضور المتمردين الذين طالبوا بضمانات بالعودة إلى صنعاء الخاضعة لسيطرتهم ونقل جرحى على متن الطائرة. ومُنع المتمردون في 2016 من العودة الى العاصمة إثر جولة محادثات.

لكن غريفيث اقترح السفر مع وفد المتمردين الحوثيين إلى السويد "إذا (كان) ذلك ضروريًا".

وأوضح محمد علي الحوثي في بيانه أن دعوته لوقف إطلاق الصواريخ ضد السعودية والتأكيد على الاستعداد لوقف الحرب، تأتي "دعما لجهود المبعوث (جريفيث) وإثباتا لحسن النوايا وتعزيزا للتحركات والجهود الرامية لاحلال السلام".

ورحّب المبعوث الدولي بدعوة القيادي الحوثي، وقال في تغريدة على حسابه على تويتر أنه "يأمل استمرار جميع الأطراف في ممارسة ضبط النفس، بما يساهم في خلق مناخ موات لانعقاد المشاورات".

وفي هذا السياق، التقى في صنعاء الاحد "وزير" الخارجية في حكومة المتمردين غير المعترف بها هشام شرف عبد الله مسؤولة في مكتب جريفيث.

ونقلت وكالة أنباء "سبأ" المتحدثة باسم المتمردين عن عبد الله قوله إن على المجتمع الدولي والامم المتحدة تبني "مسار الحل السياسي السلمي ضمانا لحقن دماء المدنيين وحماية ممتلكاتهم من العبث والتدمير".

وقتل نحو عشرة آلاف شخص منذ التدخل السعودي في 2015، ودفع النزاع بنحو 14 مليون يمني إلى حافة المجاعة، وفقا للامم المتحدة.

وتكثّفت مساعي عقد محادثات جديدة مع اشتداد المعارك في مدينة الحديدة غرب اليمن في بداية تشرين الثانينوفمبر، قبل أن توقف القوات الحكومية محاولة تقدمها في المدينة الاسبوع الماضي.

وفي مؤتمره الصحافي، قال المالكي ان عمليات الحديدة في الحديدة مستمرة رغم ذلك، مشيرا الى استهداف إمدادات المتمردين.

وتحاول القوات الموالية للحكومة منذ يونيو الماضي استعادة الحُديدة التي تضم ميناءً حيويًا تمرّ عبره غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجّهة الى ملايين السكان.

وأبلغ سكان في الحديدة وكالة فرانس برس عبر الهاتف أنّ الهدوء يسود المدينة منذ أعلنت القوات الحكومية وقف هجومها.

لكن رغم توقّف المعارك داخل المدينة، أفاد المتمردون الاثنين عبر قناة "المسيرة" المتحدثة باسمهم أن التحالف نفّذ غارات في محيطها وفي داخلها. كما أفادوا بوقوع مواجهات جديدة الاثنين في مناطق أخرى بينها نهم قرب صنعاء.